ملخص محاضرة بعنوان (لماذا لست مسيحيا؟) ألقاها عام 1927 في أحد مؤتمرات المنظمة العلمانية البريطانية في لندن.
مترجمة عن اللغة الألمانية.ترجمة: قصي عبد الرحمن (Chajjam)
لماذا لست مسيحيا؟؟؟
برتراند راسل
كما سمعتم فإن الموضوع الذي سأتحدث به اليوم هو : لماذا لست مسيحيا؟
لا اقصد بالمسيحي ذلك الشخص الذي يحاول العيش ، حسب قدراته العقلية (أي حسب مفاهيمه العقلية)، بشكل محترم. حسب مفهومي فإن الشخص يجب أن يكون
حاملا بدرجة معينة لأفكار دينية قبل أن يُطلق عليه لقب : مسيحي. طبعا فإن كلمة مسيحي اليوم لا تحمل نفس المعنى الذي كانت تحمله في أيام القديس أوغسطين أو توماس الأكويني . ففي تلك الأيام، اذا قال أحدهم انه مسيحي، هذا يعني أن المرء يعرف تماما ما قصده أي أنه يؤمن بمجموعة معينة من الأفكار الدينية و أنه يؤمن بكل كلمة منها بكل قوته و كل قناعته.
من هو المسيحي؟ أصبح الأمر مختلفا هذه الأيام. بالنسبة لنا فإن المسيحية لا تحمل معنى محدد و لكني أرى وجوب توافر شيئين رئيسيين في الشخص قبل أن يكون مسيحيا و هما: الإيمان بالرب و بالخلود ( و هذا لا يكفي لأن المحمديون – أي المسلمون - يؤمنون أيضا بالرب و بالخلود و لكنهم غير مسيحيون) لذلك يتعين على الشخص أن يؤمن ، في حال عدم الإيمان بإلوهية المسيح، و لو بشكل خفيف جدا بأن المسيح على الأقل هو أفضل و أحكم إنسان. في غير هذه الحالة لا يحق لك أن تطلق على نفسك صفة: مسيحي.
لذلك عندما أتحدث عن لامسيحيتي، يلزم أن أحدثكم عن أمرين: أولهما لماذا لا أؤمن بالرب و لا بالخلود و ثانيا لماذا لا أجد أن المسيح أفضل و أحكم الناس على الرغم من أنني يجب أن اعترف له بدرجة عالية من الأخلاق الدينية.
يعود الفضل إلى جهود المشككين في تعريفي المطاط للمسيحية. كما قلت لكم فإن كلمة مسيحي في الماضي كانت تحمل معنى أكثر حيوية من الآن. فعلى سبيل المثال كان الإيمان بالنار (جهنم) هو جزء من الإيمان المسيحي و ذلك حتى وقت قريب من الآن. أي أنه كان جزءا أساسيا و جوهريا لدى كل مسيحي. كما تعلمون تغير هذا الأمر في هذا البلد (أي بريطانيا) ، بعد القرار الذي صدر عن مجلس الدولة و و الذي لم يوافق عليه أسقف كانتربري و أسقف يورك. طالما في هذا البلد يمكن تغيير المعتقد عبر قرارات البرلمان و بذلك تم إلغاء النار كجزء من المعتقد المسيحي، لن أصر على أن من واجب المسيحي الإيمان بالنار.
وجود الرب:
إذا اقتربنا من السؤال المتعلق بوجود الرب سنجده سؤالاُ ضخماً وجدياً. لو أنني أريد أن أعالج هذا الموضوع بطريقة جيدة، لوجب علي أن أحتفظ بكم هنا إلى يوم القيامة، لذلك اسمحوا لي أن أعالجه بشكل مختصر.
كما تعلمون، وضعت الكنيسة الكاثوليكية الرب كمرتكز إيماني أساسي للمسيحية و قررت أنه يمكن إثبات وجود الرب عن طريق العقل. هذا المبدأ هو شيء عجيب و لكنه جزء من مبادئها. تم إنشاء هذا المبدأ لأن عادة المفكرون المتحررون كانت القول بأن هذه الأسباب العقلية أو تلك تعارض وجود الرب و لكن رغم ذلك و عبر الإيمان هم مؤمنون بوجود الرب. طالت هذه الحوارات و لذلك شعرت الكنيسة الكاثوليكية أن عليها إيقاف ذلك فقررت وضع البراهين القاطعة على إمكانية إثبات وجود الرب بطريقة عقلانية. طبعا هناك الكثير من الفرضيات و لكنني سأعرض منها القليل هنا.
1-برهان المسبب الأول:
حجة المسبب الأول هي الأسهل للفهم، هي تعني: كل شيء نراه في هذا الكون له سبب و عندما نذهب في سلسلة المسببات سنصل إلى المسبب الأول و هو الرب. هذه الفرضية لا تحمل ثقلا كبيرا هذه الأيام و لا تحمل نفس المعنى كما في الأيام الماضية. تطرق الفلاسفة و رجال العلم إلى هذا الموضوع و لذلك فقد هذا المصطلح (المسبب الأول) الكثير من صلاحيته. و لكن و بغض النظر عن ذلك يمكن أن نرى أن حجة المسبب الأول لا تحمل حاليا أي معنى. أعترف أنه خلال وقت شبابي عندما كنت أعطي هذه الأسئلة الكثير من الجدية و الأهمية كنت أعتقد بصحة حجة المسبب الأول إلى أن قرأت ، في عمر ال 18 سنة، سيرة حياة جون ستيوارت ميل حيث وردت الجملة التالية: "علمني والدي أنه لا توجد إجابة عن السؤال: من خلقني؟ لأن السؤال التالي سيكون: من خلق الرب؟" هذه الجملة القصيرة هي التي أوضحت لي مغالطة هذه الحجة. إذا كان لكل شيء مسبب يجب أن يكون للرب مسبب أيضا. إذا وجب وجود شيء بدون مسبب، يستطيع هذا الشيء أن يكون العالم (الكون) كما الرب في هذه الحجة التي بدون معنى. تتشابه هذه الحجة مع حجة الهندوسي الذي يقول أن العالم موجود على ظهر فيل و هذا الفيل يقف على ظهر سلحفاة و عندما سُئل هذا الهندوسي عن السلحفاة، أجاب: لنتحدث عن شيء آخر. حجة المسبب الأول ليست أفضل من ذلك. لا يوجد سبب يمنع الكون من أن يكون وجوده بدون سبب و لا يوجد سبب يجعلنا نقول أن الكون له بداية. الفكرة أن لكل شي بداية هي نتيجة فقر قوة خيالنا. لذلك لن أضيع المزيد من الوقت على حجة المسبب الأول.
2-البرهان عبر القانون الطبيعي:
بالإضافة إلى ذلك توجد حجة القانون الطبيعي التي كانت سائدة خلال القرن الثامن عشر و ذلك تحت تأثير نظريات اسحق نيوتن و آراءه عن نشوء الكون. لاحظ المرء أن الكواكب تدور حول الشمس حسب قانون الجاذبية، لذلك ظن الناس أن الرب أعطى الأمر بالتحرك بهذه الطريقة. كان هذا التفسير سهلا و بسيطا أراح الناس من شروح إضافية لقانون الجاذبية. حاليا نشرح نحن قانون الجاذبية بشكل أكثر تعقيدا و ذلك حسب الطريقة التي وجدها آينشتاين. لن ألقي عليكم الآن محاضرة حول قانون الجاذبية كما يشرحها أينشتاين لأن ذلك سيأخذ وقتا طويلا.يكفي القول أن القوانين الطبيعية التي كانت حسب نظام نيوتن و لأسباب لا يفهمها أحد واحدة في كل مكان هي الآن بالنسبة لنا مجرد قناعات بشرية. أنتم تعرفون أن 1 متر يساوي 100 سم في أظلم بقعة في الكون. بدون شك هذه نتيجة تستحق الملاحظة و لكن هذا الشيء ليس قانونا طبيعيا. الكثير مما كان يُعتقد انه قانون طبيعي هو على هذه الشاكلة. من جهة أخرى عندما يتطرق المرء إلى الذرة و تصرفاتها يستطيع أن يربح وجهة النظر بأن الذرة تتصرف وفق قوانين أقل مما يعتقده. أي أن القيم المتوسطة التي نأخذها منها تتشابه مع القيم التي تأتي عن طريق الصدفة. معروف وجود القانون بأن رمي نردين (حجري زهر) يعطي الرقم 6 معا بمعدل مرة كل 36 رمية و لكن ذلك لا يمكن اعتباره قانونا (أي التحكم بالنتيجة من قبل من يقوم بذلك). على العكس من ذلك لو حصلنا في كل رمية على الرقمين 6 لاستطعنا القول بأن هناك تحكم و رغبة من قبل الفاعل في الحصول على النتيجة. أغلبية قوانين الطبيعة هي على هذه الشاكلة. حسب وجهة النظر الإحصائية هي قيم إحصائية متوسطة تنبثق عن قانون الاحتمالات و بهذا يظهر لنا أن مسألة القانون الطبيعي أقل إدهاشا لنا منها في الماضي. بغض النظر عن هذه الأفكار التي هي الآن المستوى العلمي الحديث و الذي يمكن أن تتغير مستقبلا فإن الفكرة الأساسية لهذه الحجة هو أن هناك صانع قوانين لهذه القوانين الطبيعة و هذا ما يدخل الاضطراب بين القوانين الطبيعية و القوانين البشرية. القوانين البشرية تأمرنا بتصرفات معينة و لكننا نستطيع أن نتبعها أو نتجاهلها بينما القوانين الطبيعة تصف الكيفية الحقيقية لتصرف الأشياء. و لذلك لا يمكن وجوب وجود من أمر الأشياء حسب هذه الطريقة لأنه في حال افتراض ذلك سيأتي السؤال: "لماذا أمر الرب بهذه القوانين الطبيعية و لم يأمر بغيرها؟. عندما تقولون أن ذلك حدث بدون سبب ما، أي لأن ذلك أعجبه، يجب أن تعترفوا بأن هناك شيء ما لا يخضع لهذه القوانين و بالتالي فإن سلسلة القوانين الطبيعية لن تكتمل. و إذا قلتم ، كما المتدينون الأرثوذكسيون: بأن الرب لديه أسبابه الخاصة في ذلك ، و هذا السبب سيكون في هذه الحالة خلق الكون في أحسن صورة، رغم أن المرء و عبر بعض التأمل و التفكر لن يكون على هذا الرأي،أي في حال أن الرب لديه أسبابه الخاصة في خلق الكون فإن هذا الرب سيكون خاضعا لهذه القوانين. و لذلك لا توجد لكم أي فائدة من إعطاء الرب مركز الوسيط بين الطبيعة و القوانين. لأن في هذه الحالة لديكم قانونا خارج القانون الإلهي و الرب في هذه الحالة لا يخدم قضيتكم لأنه ليس صانع القوانين الأول. باختصار فإن حجة القانون الطبيعي ليست أكبر حجما مما سبقها.
سأعرض الآن بشكل متسلسل زمني الحجج التي تم استخدامها من أجل الرب و التي تغيرت مع الزمن.
في البداية كانت الحجج فكرية تحتوي على تصورات خاطئة و لكن و مع تقدم الزمن تفقد هذه الحجج بريقها و تتحول بشكل أقوى إلى ضغط أخلاقي مشوش.
3-الحجة الدينية على وجود الرب:
الخطوة التالية ستكون استعراض البرهان الديني. أنتم تعرفون جميعا أن العالم موجود بطريقة من أجل أن نستطيع أن نعيش فيه. هذه هي حجة تصميم العالم من أجل هدف معين. في بعض الأحيان يأخذ ذلك شكلا عجيبا.لنفترض على سبيل المثال أن الأرانب لها ذيولا بيضاء، كي نستطيع اصطيادها بسهولة. لا أعرف كيف سيكون موقف الأرانب من ذلك؟ أنها حجة تبعث على السخرية. أنتم تعرفون مقولة فولتير بأن الأنف مصنوع على هذه الشاكلة من أجل يحمل النظارة. هذا النوع من الآراء هي بعيدة عن الحقيقة و ليس ذلك فقط خلال القرن الثامن عشر لأننا منذ داروين بدأنا نفهم بشكل أفضل لماذا تتكيف الأحياء مع بيئتها. ليست البيئة هي التي صُنعت من أجل الكائنات الحية إنما الكائنات الحية هي التي تكيفت مع بيئاتها. هذه هي قاعدة التكيف و لا نستطيع أن نرى أنها في ذلك مصنوعة قصدا لتكون على هذه الشاكلة.
عندما ينظر المرء إلى الحجة الدينية بشكل مكثف، انه مدهش: كيف يستطع الناس الإيمان بأن هذا الكون مع كل ما فيه و مع كل أخطائه هو أفضل ما استطاع هذا القادر على كل شي و العارف بكل شيء أن يصنعه خلال ملايين السنين. حقا، لا أستطيع أن أؤمن بذلك. هل تعتقدون بأنه لو كنتم عارفون بكل شيء و لو كنتم قادرين على كل شيء و كذلك معكم من الوقت ملايين السنين من أجل صنع الكون بأفضل شكل ممكن، هل لن تصنعوا أفضل من ال كو كلوكس كلان (Ku-Klux-Klan) أو من الفاشيين؟؟؟ عندما يأخذ المرء قوانين العلم العادية سيجد المرء أن الحياة البشرية على هذا الكوكب و الحياة بشكل عام ستنتهي في نقطة زمنية معينة، أي أنها مرحلة انتقالية في دمار و خراب المجموعة الشمسية. في مرحلة انتقالية معينة تكون البلاسما مناسبة للحياة و ذلك لمرحلة قصيرة من عمر المجموعة الشمسية. القمر يعرض أمام العيون كيف ستكون نهاية الأرض، ميتة، باردة و بلا حياة.
هذا الرأي يسبب بلا شك التشاؤم، كما قيل لي، و بعض الناس قالوا لي أنهم لن يستطيعوا الاستمرار في الحياة عندما يؤمنون بذلك.لا تصدقوا ذلك لأن هذا كلام سخيف. في الحقيقة لا أحد يمعن التفكير بما سيحدث بعد ملايين السنين. حتى في حال أن الناس يعتقدون أنهم مهمومون بشأن ذلك فإنهم يخادعون أنفسهم. إنهم يقلقون بشأن أشياء دنيوية قد لا تكون إلا الهضم السيئ، و لكن الفكرة ،ماذا سيحدث للعالم بعد ملايين السنين، لا تسبب في بؤس و تعاسة أي إنسان. بالرغم من أنها في الحقيقة نظرة قاتمة عندما يرى المرء أن الحياة ستنتهي و رغم ذلك عندما أرى أحيانا ماذا يصنع البشر في حياتهم أرى ذلك (النظرة التشاؤمية) نوعا من التعزية. و لذلك فإن هذه النظرة التشاؤمية لا تتسبب بتعاسة حياتنا إنما تدعونا إلى لفت النظر إلى أشياء أخرى.
4-الحجة الأخلاقية:
نأتي الآن إلى خطوة تالية أسميها التطور الفكري و هي ما يسميه الدينيون في مجادلاتهم بإسم البرهان الأخلاقي على وجود الرب. في الماضي كان هناك ، كما هو معروف، ثلاث براهين عقلية على وجود الرب، تلك التي نقضها ايمانويل كانت Imanuel Kant في كتابه "نقد العقل المحض" و لكنه بعد أن نقضها اخترع البرهان الأخلاقي الذي كان كانت مقتنعا به تماما. كما الكثير من الناس المثقفين كان ايمانويل كانت متشككا و لكنه في أمور الأخلاق كان يؤمن بشكل كامل بالمبادئ التي تلقاها في بداية حياته. هذا يوضح لنا ، كما يردد المحللون النفسيون، التأثير الكبير لمرحلة الطفولة بالنسبة إلى الحياة المستقبلية. كما قلت، اخترع كانت (Kant) برهانا أخلاقيا لوجود الرب كان سائدا كثيرا خلال القرن التاسع عشر بعدة أشكال. المقولة أنه بدون وجود الرب لا يوجد خير أو شر. لن أدخل الآن في موضوع إذا كان هناك فرق بين الخير و الشر لأن ذلك سؤال آخر. المشكلة التي سأتعرض لها الآن هي: إذا كان المرء واثقا تماما أن هناك فرق بين الخير و الشر، يجد المرء نفسه أمام السؤال التالي: هل الفرق بين الخير و الشر له علاقة بقدرة الرب أو لا؟. عندما يكون لهذا الفرق علاقة بقدرة الرب فهذا يعني أن الفرق بين الخير و الشر لا يعني بالنسبة للرب أي شيء و هذا يعني عدم وجود معنى للمقولة أن الرب خير. عندما يقول المرء، كما المتدينون، أن الرب خيّر، يجب على المرء أن يقول أن الخير و الشر لهما معنى لا علاقة له بالرب. لأن أوامر الرب خيّرة و ليست سيئة فهذا يعني أن الخير و الشر لا علاقة لهما بأنه اصدر الأوامر (الخلق), لذلك يجب أن يعترف المرء أن الخير و الشر لم يوجدا من خلال أوامر الرب إنما كانا موجودين، منطقيا، قبل وجود هذا الرب. طبعا يستطيع المرء هنا أن يقول أن هناك آلهة أعلى مقاما من هذا الرب الذي خلق عالمنا هي التي أعطت الأوامر (لخلق الخير و الشر) أو يستطيع المرء أن يأخذ موقف الغنوصيون، الذي أجده أكثر منطقية، و يقول أن العالم خُلق من قبل الشيطان في لحظة غفلة من الرب. هناك الكثير من الأسباب التي يمكن أن يضعها المرء في صحة هذا الرأي و ليست مهمتي أن أدحضها.
5-حجة العدالة التي يجب أن تكون متوازنة:
كذلك هناك حجة غريبة و هي القول أن وجود الرب ضروري من أجل تحقيق العدالة في هذا العالم. في هذا الجزء من الكون، الذي نعرفه، يسود ظلم كبير. في أغلب الحالة يعاني الخيّرون بينما حال الأشرار جيدة و القول أي الوضعين أسوأ هو صعب. إذا وجب أن تسود العدالة في الكون يجب على المرء أن يقول بحياة مستقبلية تفرض عدالة مقارنة مع الحياة الأرضية. لذلك يُفترض وجود الرب و كذلك يُفترض وجود الجنة و النار من أجل أن تسود العدالة المطلقة. هذه حجة غريبة جدا. عندما يرى المرء هذه القضية من الناحية العلمية فإنه سيقول:"في النهاية، أنا أعرف هذا الكون فقط. أنا لا أعرف كيف هي بقية الكون و لكن إذا أخذنا بالاحتمالات سنجد أن هذا العالم (الأرضي) هو عينة جيدة من الكون و أنه إذا كان الظلم هنا سائدا فإن الظلم سيكون سائدا في كل أرجاء الكون. لنفترض أن لدينا صندوق برتقال و أننا قمنا بفتحه لنكتشف أن الطبقة العليا مؤلفة من برتقالات فاسدة، فإننا لن نفترض أن برتقالات الطبقة السفلى ليست فاسدة من أجل أن يتحقق التوازن. على الأغلب أننا سنقول أنه على الأغلب أن برتقالات الصندوق بكاملها فاسدة. بهذه الطريقة سيحكم الإنسان، الذي يفكر بطريقة علمية، على الكون. هذا الإنسان سيقول: في هذا العالم يوجد الكثير من الظلم و هذا سبب كاف لنقول أن العدالة لا تحكم العالم، و هذا يعطينا سببا أخلاقيا ضد الرب و ليس له. طبعا أنا أعرف أن هذه الحجج التي شرحتها لكم هي التي تثير الناس. و لكنها ليست الأسباب التي تدفع الناس للإيمان بالرب لأن أغلبية البشر يؤمنون بالرب لسبب أساسي و هو أنهم تعلموا ذلك في طفولتهم. و السبب الثاني في إيمانهم هو بحثهم عن الأمان، عن نوع من الشعور بوجود أخ أكبر منهم يرعاهم. هذا الأمر له الدور الأكبر في رغبة البشر بالإيمان بالرب.
شخصية المسيح:
أريد أن أقول كلمات قليلة حول هذا الموضوع، الذي أعتقد أن العقلانيين لم يتطرقوا إليه بالشكل الكافي. السؤال هو: هل كان المسيح أفضل البشر و أكثرهم حكمة؟ بشكل عام يسود الاعتقاد أننا جميعا متفقون على ذلك. أنا لا أعتقد بذلك. أنا اعتقد أن هناك العديد من النقاط التي اتفق بها مع المسيح أكثر ممن يدعي المسيحية. أنا لا أتفق معه في كل كلامه و لكنني أتفق معه أكثر من أغلبية مدعي المسيحية. أنتم تذكرون أنه قال : "لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا" (متى5 / 39). هذا الكلام أو المبدأ ليس جديدا. هذا الكلام قاله لاوتسي و بوذا قبل المسيح ب 500 أو 600 سنة و هذه المقولة من المقولات التي لا يتبعها المسيحيون بشكل عام. ليس لدي شك بأن رئيس الوزراء الحالي (ستانلي بالدوين) مسيحي حق و لكني لن انصح أيّا منكم بأن يذهب إليه و يصفعه على خده لأنكم ستكتشفون انه يعتقد أن هذه المقولة مجازية المعنى (ليست حرفية).
هناك نقطة أخرى أجدها ممتازة. أنتم تذكرون أن المسيح قال: "لا تدينوا لكي لا تدانوا" (متى 7 / 1). لا أعتقد أنكم ستجدون هذا المبدأ في محاكم الدول المسيحية. لقد عرفت في حياتي العديد من القضاة المسيحيين المخلصين و جميعهم لم يشعروا أنهم يناقضون المسيحية عندما كانوا يطلقون أحكامهم. كذلك قال المسيح: "من سألك فأعطه، و من يريد أن يقترض منك فلا ترده" (متى 5/ 42). هذه مقولة نبيلة أيضا. نبهكم المدير هنا بأننا لن نتحدث في السياسة هنا و لكني لا أستطيع إلا أن ألاحظ أن المعركة الأخيرة في الانتخابات الأخيرة كانت تدور حول إذا كان الاقتراض محبذاً. لذلك أستطيع أن أفترض أن الليبراليين و المحافظين في هذا البلد يتكونون من أناس لا يوافقون على مبادئ المسيح لأنهم كانوا ضد الاقتراض.
هناك أيضا أحد مبادئ المسيح التي أعتقد انه مهم جدا و لكني لا أجد أن هذا المبدأ محبوب جدا لدى أصدقاءنا المسيحيين، قال المسيح: "إن أردت أن تكون كاملا فاذهب و بع أملاكك و أعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال اتبعني" (متى19/21). هذا مبدأ ممتاز و لكن كما قلنا سابقا لا يجد هذا المبدأ الكثير من التطبيق. برأيي أن هذه المبادئ جيدة و لكنه من الصعب أن يعيش المرء حسبها. أنا شخصيا لا أقول أنني أطبقها و في النهاية فان هذه المبادئ لاتعني لي كما تعني للمسيحي.
الخلل في تعاليم المسيح:
بعد أن اعترفت بصحة بعض تعاليم المسيح سأذكر بعض التفاصيل التي لا أعتقد أنها، كما وردت في الأناجيل، تمثل حكمة عليا أو خير عظيم و أضيف هنا أنني لن أدخل في التحليل التاريخي. حسب المنظور التاريخي يساورنا الشك أصلا في وجود المسيح و في حال وجوده فإننا لا نعرف شيئا عنه. لذلك لن أدخل في هذا السؤال التاريخي الصعب بل سآخذ المسيح كما ورد في الأناجيل و سآخذ روايات الأناجيل كما وردت. هنا توجد بعض الأشياء التي لا أرى فيها أي حكمة. لا بد أن المسيح اعتقد أن قدومه الثاني في سحائب النصر سيكون قبل موت معاصريه. هناك العديد من المقاطع التي تثبت هذا الظن. على سبيل المثال قال المسيح: "...لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان" (متى 10/ 23) و قال أيضا: "الحق اقول لكم ان من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الانسان آتيا في ملكوته" (متى16 / 28). و هناك الكثير من المواقع (في الأناجيل) التي يظهر واضحا منها ان المسيح كان يعتقد أنه سيعود خلال حياة بعض معاصريه. هذا كان إيمان اتباعه الأوائل و أساس تعاليمه الأخلاقية. عندما يقول المسيح: "فلا تهتموا للغد.لان الغد يهتم بما لنفسه" (متى 6 / 34) و ما شابه ذلك فإنه يقول ذلك لأنه كان يعتقد أن قدومه الثاني سيكون قريبا و لذلك فإن الأمور الأرضية تصبح بلا معنى. لقد عرفت حقا بعض المسيحيين الذين يعتقدون أن قدومه قريب جدا. أحد الكهنة الذين كنت أعرفهم كان يرعب الناس بأن يقول لهم بأن قدوم المسيح الثاني أصبح قريباً جدا حقا و لكن عندما رأى الناس أن هذا الكاهن كان يزرع الأشجار في حديقته هدأ روعهم. صدّق المسيحيون الأوائل هذه الأشياء و تخلوا عن أشياء عادية كزراعة الأشجار في الحديقة لأنهم أخذوا من المسيح إيمانه بعودته الوشيكة. في هذا الأمر لم يكن المسيح ذكيا كغيره و لم يكن حاملا للحكمة العليا.
المعضلة الأخلاقية:
لنلتفت الآن إلى الأسئلة الأخلاقية. برأيي الشخصي كان هناك خلل كبير في أخلاق المسيح و هو أنه كان يؤمن بالجحيم. من ناحيتي لا يمكنني أن اعتقد أن الشخص الذي يتحلى بالأخلاق الإنسانية يمكن أن يؤمن بالعقوبة الأبدية. المسيح، كما تشرح لنا الأناجيل، كان يؤمن بالعقوبة الأبدية و كذلك يجد المرء في هذه الأقوال الغضب و الرغبة في الانتقام من البشر الذين رفضوا الإصغاء لمواعظه. و هذا الموقف ليس غريبا لدى المبشرين و هذا الموقف يضع ألوهيته في موضع الشك. على سبيل المثال لن يرى المرء هذا الشيء لدى سقراط الذي كان لطيفا و حكيما تجاه الناس الذين رفضوا الإصغاء له. أنا أعتقد أن هذا الموقف (من سقراط) هو أكثر حكمة و كرامة من الغضب. أنتم تتذكرون أقوال سقراط قبل موته و انتم تتذكرون الأقوال التي كان يوجهها بشكل عام للأشخاص الذين لا يوافقونه الرأي.
المسيح يقول في الأناجيل: "أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم؟" (متى 23 / 33) هذا ما قاله المسيح لأناس لم يُعجبوا بمواعظه. في رأيي أن هذا الكلام ليس أحسن تصرف. في الإنجيل هناك الكثير من المواضع المشابهة التي تتحدث عن الجحيم كما الجملة المشهورة حول التجديف على الروح القدس: "من قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له. و أما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم و لا في العالم الآخر." هذا الموقع (متى 12 /32) تسبب في شقاء الكثير من الناس لأن الكثير من الناس اعتقدوا أنهم أخطئوا تجاه الروح القدس و أنه لن يُغفر لهم لا في هذا العالم و لا في العالم الأخر. لا أعتقد أن هناك إنسان يمتلك بعض الخير في نفسه سيوزع هذه الكمية من الخوف و الرعب في العالم.
ثم قال المسيح: "يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر و فاعلي الإثم و يطرحونهم في أتون النار، هناك يكون البكاء و صرير الأسنان."(متى 13 / 40-41) حول البكاء و صرير الأسنان يتحدث مرة أخرى و يأتي ذلك في أية تلو أية و لذلك يتضح للقارئ أن الحديث عن البكاء و صرير الأسنان يتسبب ببعض المتعة. أنتم تتذكرون أيضا الحديث عن الجداء و الخراف و كيف سيقول عند عودته للجداء: "اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية." (متى 25 / 41) و يتابع أقواله: "و إن اعثرتك يدك فاقطعها. خير لك أن تمضي تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان و تمضي إلى جهنم، إلى النار التي لا تطفأ حيث دودهم لا يموت و النار لا تطفأ." (مرقس 9-43)و هذا يكرره المسيح مرات عديدة. يجب أن أقول أن المعتقد الذي يعتمد على نار الجحيم كعقوبة للخطيئة هو معتقد شديد القسوة. هذا المعتقد جاء بالقسوة إلى العالم و بالتعذيب إلى أجيال كثيرة. إذا افترض المرء أن المسيح كان في الحقيقة كما تصوره الأناجيل يجب أن يتحمل جزءا من المسؤولية (على نتيجة أقواله).
هناك أشياء أخرى و لكنها أقل أهمية. ك حكاية الخنازير و هذه القصة ليست لطيفة بالنسبة للخنازير التي تلبستها الشياطين حتى أنها سقطت من أعلى الجرف إلى البحر و ماتت. يجب أن تفكروا أنه (المسيح) كان كلي القدرة و أنه كان يستطيع أن يرسل الشياطين بعيدا و لكنه وافق أن تذهب الشياطين إلى الخنازير. أنتم تتذكرون بلا شك الحكاية العجيبة ل شجرة التين، هذه الحكاية التي لا أعرف حقا ما أقول بها. "و في الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع. فنظر شجرة تين من بعيد و عليها ورق و جاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء إليها و لم يجد شيئا إلا ورقا. لأنه لم يكن وقت التين. فأجاب يسوع و قال لها لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلى الأبد. ... فتذكر بطرس و قال له يا سيدي انظر التينة التي لعنتها قد يبست." (مرقس 11: 12-21).هذه حكاية غريبة. لأن المرء لا يستطيع أن يلوم شجرة التين لأنه لم يكن موسم التين. من جهتي لا أستطيع أن أجد لدى المسيح الحكمة و الأخلاق التي أجدها في شخصيات تاريخية أخرى. في وجهة النظر هذه أستطيع أن أضع بوذا أو سقراط في مرتبة أعلى منه.
اللحظة العاطفية:
كما قلت سابقا، لا أعتقد أن السبب الحقيقي في إيمان البشر بالأديان له علاقة بالبرهان على الأديان. الناس مؤمنون لعوامل عاطفية. كثيرا ما يُقال أن مهاجمة الدين شيء سيء لأنه (أي الدين) يجعل البشر طاهرين (صاحبي أخلاق). هذا ما يقوله الناس و لكني لا ألاحظ ذلك. أنتم تعرفون السخرية من هذه الحجة في كتاب صموئيل بتلر: Erewhon Revisited. كما تذكرون يوجد في هذه الرواية الشخصية هيغز الذي وصل إلى بلد بعيد و بعد مضي بعض الوقت يقرر أن يهرب بواسطة منطاد من هذه البلد. بعد عشرين عام عاد هيغز إلى هذا البلد و وجد أن الناس يؤمنون بديانة جديدة اسمها "ابن الشمس" و فيها يقدسه الناس و يتحدثون عن صعوده إلى السماء. هيغز عرف أيضا أن عيد الصعود إلى السماء وشيك و كذلك سمع البروفسوران هانكي و بانكي يتحدثان أنهما لم لم يشاهداه و أنهما لا يرغبان برؤيته. إنهما الكاهنان الأكبران لديانة "ابن الشمس". ثارت حفيظته و ذهب اليهما و قال: "سأفضح هذا الخداع و سأخبر شعب البلد أنني لست سوى الإنسان هيغز و أنني سافرت بالمنطاد فقط". كانت الإجابة على كلامه: "لا يحق لك أن تفعل هذا، أخلاق البلد مرتبطة بهذه الأسطورة. عندما يعرف الناس أنك لم تصعد الى السماء سيصبحون أشرارا." و هكذا اقتنع هيغز بالقول و قرر أن يغادر البلد بدون أن يلحظه احد.
هذه هي الفكرة الأساسية أننا سنصبح أشرارا عندما تخلى عن الدين المسيحي. يبدو لي أن القسم الأكبر من الناس الذين يتمسكون به (الدين المسيحي) هم أناس سيئون. يوجد حقيقة عجيبة أن الوحشية تزداد و أن الوضع العام يسوء كلما قوي الدين و كلما اشتدت العقيدة الدينية. في ما يُسمى بعهود الإيمان، عندما كان الإيمان بالدين المسيحي أقوى ما يمكن، كانت محاكم التفتيش موجودة بتعذيبها و تم حرق ملايين النساء بتهمة السحر و بإسم الدين تمت ممارسة كل أنواع الفظاعة الممكنة.
عندما ينظر المرء الى العالم سيجد أن كل تقدم طفيف للإنسانية و كل تحسين في قوانين العقوبات و كل الإجراءات من أجل القضاء على الحروب و كل خطوة من أجل تحسين معاملة العروق الملونة أو كل خطوة لتخفيف العبودية و كل تقدم أخلاقي على الأرض يتم محاربته من المؤسسات الكنسية. أقول بعد تفكير عميق أن الدين المسيحي بكنائسه المنظمة كان و لا يزال العدو الأساسي لتطور العالم الأخلاقي.
كيف أعاقت الكنيسة التطور:
قد يكون رأيكم أنني أذهب بعيدا عندما أزعم أن الأمر كان هكذا دائما. و لكني لست من هذا الرأي. لنأخذ شيئا واحدا على سبيل المثال.يجب أن تعذروني عندما أذكر ذلك لأن ذلك ليس حقيقة جيدة و لكن المرء يُجبر من قبل الكنائس على قول أشياء ليست فرحة. لنفترض في عالمنا الحالي أن هناك فتاة بدون أي خبرة تزوجت من رجل مصاب بالسفلس (بدون علمها بمرضه و لذلك تريد الطلاق منه). في هذا الأمر تقول الكنيسة الكاثوليكية: "هذا الرباط المقدس لا يمكن المساس به. يجب أن تبقيا متزوجان معا الى نهاية العمر". و المرأة لا تستطيع أن تفعل شيئا من أجل أن لا تنجب أطفالا مريضين بالسفلس. هذا ما تقوله الكنيسة الكاثوليكية. أنا أسمي ذلك وحشية لا إنسانية .لا يوجد أي شخص، من الناس اللذين لم تتشوه عواطفهم بفعل المعتقد الديني أو من الذين ماتت لديهم كل الأحاسيس الأخلاقية، سيقول أنه موافق على هذا التشريع و أنه يوافق على بقاءه.
هذا مثال واحد فقط. هناك الكثير من الممارسات التي تقوم بها الكنيسة تحت ذريعة "علم الأخلاق" و تتسبب من خلالها بالكثير من الألم للكثير من الناس.و بالطبع فإن الكنيسة، كما نعرف ، هي عدو التقدم و عدو التحسينات التي قد تساهم في تقليص المعاناة البشرية لأن الكنيسة تفهم تحت مصطلح الأخلاق مجموعة من قواعد السلوك البشري التي لا علاقة لها بالسعادة البشرية. عندما يقول المرء يجب أن يحدث هذا أو ذاك لأن ذلك قد يساهم في السعادة البشرية، تجد الكنيسة أن ذلك غير متعلق ببعضه : "ما علاقة السعادة البشرية بعلم الأخلاق؟ ليس الهدف من علم الأخلاق أن يسعد البشر."
الخوف كقاعدة أساسية للدين:
يعتمد الدين بشكل أساسي على الخوف. جزء منه هو الخوف من المجهول و الجزء الأخر، كما أقول، هو الرغبة في الإحساس أن المرء يمتلك نوع من "أخ كبير" يساعده في الصعوبات و يقف في جانبه في المعارك. الخوف هو أساس كل شيء، الخوف من المجهول، الخوف من الهزيمة، الخوف من الموت, الخوف هو أم الوحشية و لذلك ليس غريبا أن الدين و الوحشية يسيران يدا بيد لأن كلاهما ينبعان من الخوف. نحن نبدأ الآن بفهم العالم من أجل أن نملكه و ذلك بمساعدة العلم الذي يشق طريقه خطوة بخطوة، بقوة، ضد الدين المسيحي، ضد الكنائس و تلك الأوامر و التقاليد المتوارثة. يستطيع العلم أن يساعدنا في تخطي الخوف الجبان الذي تعيش به البشرية منذ أجيال كثيرة. يستطيع العلم، و أنا أعتقد أننا في داخلنا نستطيع ذلك، أن يعلمنا أن لا نبحث عن مساعدة موهومة و أن لا نبحث عن أصدقاء لنا في السماء، إنما أن نقدم جهدنا هنا في الأسفل (على الأرض) من اجل أن نصنع من العالم مكان يستحق أن يُعاش به، بدلا مما صنعته الكنيسة من هذا المكان طوال القرون.
ماذا يجب علينا أن نفعل:
نحن نريد أن نقف على أقدامنا و أن ننظر إلى العالم بعيون مفتوحة و شريفة و أن نرى: جوانبه الجيدة و السيئة، جماله و قباحته. نحن نريد أن نسيطر عليه بذكائنا و لا نريد أن نبقى عبيدا لخوفنا الذي ينبع منه (العالم). التصور الإلهي بكامله مستوحى من التسلط الشرقي القديم. إنها صورة لا تليق بالناس الأحرار. عندما يسمع المرء كيف يحتقر الناس أنفسهم في الكنيسة و يصفون نفسهم بأنهم مخطئون ، هذا شيء لا يستحق الاحترام و لا يستحق ذلك من يحترم نفسه. يجب أن ننهض و ننظر إلى وجه العالم بكل حرية. يجب أن نصنع من العالم أفضل الممكن و إذا كان ذلك ليس كافيا ، كما نتمنى، فإنه سيكون أفضل مما صنعه الآخرون في الأزمان السابقة. العالم الجيد بحاجة إلى المعرفة و الخير و الشجاعة و لا يحتاج للشوق المؤلم نحو الماضي، (العالم الجديد) ليس بحاجة إلى تقييد العقل الحر عبر الكلمات التي تكلمها بعض الرجال الجهلة. هو (العالم الجديد) يحتاج أمل بالمستقبل، عدم التطلع إلى الماضي إلى الماضي الميت الذي نحن واثقون بأن المستقبل الذي سنخلقه بذكائنا سيكون أفضل منه (من الماضي الميت).
نص المحاضرة بالانجليزي:
[url=الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ]