في رحاب الزاوية الحجازية بسطيف

لا يخفى على أحد ذلك الدور الفعال والمهم الذي لعبته الزوايا الرحمانية على الساحة الثقافية والتعليمية، بل وأيضا في مجال الدعوة الإسلامية، وتحفيظ القرآن وتدريس اللغة العربية، وفي هذا الإطار تشتهر الكثير من الزوايا في الشرق الجزائرب كزاوية طولقة بولاية بسكرة، والزاوية القاسمية المعروفة بزاوية الهامل بولاية المسيلة، والزاوية الحملاوية بميلة، وإن كانت هذه الزوايا قد نالت من الشهرة ما جعلها غنية عن التعريف في المحيط الثقافي الجزائري، فإن زوايا أخرى لا تقل أهمية عن ما ذكرنا تستحق التنويه والإشادة بأعمالها ورجالاتها، واخص بالذكر الزاوية الحجازية برأس إسلي بجنوب ولاية سطيف.

الزاوية الحجازية الواقعة ببلدية الرصفة جنوب سطيف، تم تأسيسها على يد الشيخ الرباني القدوة ذي المقام الجلي والمكان العلي، الحاج الهلالي مناني، الملقب بالشيخ عز الدين والمكنى بفرخ الجنة، الذي ينحدر من أصل قبيلة أولاد حجار المعروفة في الهضاب العليا بمحافظتها على العادات والتقاليد العربية الإسلامية وبفرسانها المغاوير، الشيخ عز الدين من مواليد سنة 1966 بالمنطقة، حيث تربى تربية دينية على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والطريقة الرحمانية المرفوعة سندا إلى الشيخ أبي القاسم بن محمد الخزاز القواريري المعروف بالجنيد (ت297هـ)، صاحب المقام الأول في طريق القوم مشرقا ومغربا، الشيخ عز الدين كما سمعنا عنه ولاقيناه هو ذلك الرجل المتواضع الذي كرس كامل جهوده لخدمة الدين وتعليم القرآن، والتنقل من زاوية إلى زاوية، وأهمها الزاوية الحملاوية الموجودة بواد سقان دائرة تلاغمة، ولاية ميلة، التي مكث فيها الشيخ طالبا وبقي فيها أستاذا مقدما مشرفا على شؤونها في عهد شيخها الجليل المرحوم عبد المجيد الحملاوي، خرج الشيخ من الزاوية الحملاوية سنة 1998، ليبادر بتأسيس الزاوية الحجازية من جديد استنادا على تاريخ المنطقة المشرف فكانت كتاتيب منطقة الرصفة الأساس الأول الذي بنيت على أنقاضه الزاوية الحجازية برأس إسلي جنوبي بلدية الرصفة في سنة 2002.

الزاوية الحجازية من بين الزوايا التي استطاعت في مدة قصيرة نشر الرسالة المحمدية ونقلها إلى عدة دول إفريقية، حيث تخرج منها عشرات الدفعات من حفظة القرآن الكريم منذ سنة 2002، ليتم بعدها توسيع الرقعة الجغرافية في ضم طلبة ينحدرون من دول إفريقية كبوركينافاسو وكوت ديفوار حيث يتواجد حاليا منذ سنتين 15 طالبا من هاتين الدولتين الذين تمكنوا من حفظ القرآن الكريم وختمه في مدة لا تزيد على 20 شهرا، وحسب شيخ الزاوية مناني لهلالي، فقد تسلم هؤلاء الطلبة من دولتهم ثمن التذاكر ووجدوا تسهيلات كبيرة في نقل الطلبة من بلدهم إلى الجزائر. أما عن فكرة إحضار هؤلاء الطلبة فتعود بالدرجة الأولى إلى تحفيظ ونقل الرسالة المحمدية وكذا مزج الثقافتين الإسلامية الجزائرية والإفريقية من هذه الزاوية وصولا إلى بلدانهم ليضيف أنه بعد ختم هؤلاء الطلبة لكلام الله سيواصلون دراستهم في المعهد الإسلامي، تواصل الزاوية الحجازية نشر الرسالة المحمدية إلى دول إفريقية مجاورة...

ليقوم بعدها شيخ الزاوية مناني لهلالي المعروف باسم الحاج عز الدين بتوسيع الرقعة الجغرافية إلى دول إفريقية أخرى، حيث يتواجد الطلبة بهذه الزاوية لمدة تقارب ثلاث سنوات، أين تمكن الطالب البوركينابي محمود ويدراوغو من مواليد 10 أكتوبر 1999، من ختم القرآن الكريم في مدة لا تزيد عن سنتين، ولا سيما أنه أتقن اللغة العربية، كما أنه يقوم بمساعدة زملائه الطلبة في حفظ القرآن رفقة شيخ الزاوية، ويعتبر محمود ثاني طالب يختم القرآن، بعد ابن عمه آدم الذي عاد إلى بوركينافاسو، أين أبدى أنه سيعمل جاهدا لنقل رواية ورش إلى بلده التي تشتهر فيها القراءة برواية حفص.[/rtl]

تبقى الزاوية الحجازية العامرة بجمالها وجوها العطر بالقرآن والذكر، مفخرة للمنطقة كلها، تحتاج إلى لسان ينشر ما انطوى من فضائلها، ويشيع ما أنجزته في مجال العلم والدين، خاصة وأنها تفتح ذراعيها للطلبة الذين يرغبون في حفظ كتاب الله عز وجل، ودراسة العلوم الشرعية، بل حتى عابري السبيل والباحثين من الأكادميين الذين يرغبون في استغلال نفائس المخطوطات والنوادر من الكتب التي تحويها خزانة الزاوية.
صور عن الزاوية وأهلها:

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[left][rtl]
االغضب الشديد

بقلم: فيصل مبرك