[rtl]
هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق "[/rtl]
[rtl]
مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة " : -[/rtl]
[rtl]
الباحث : محمد بومدين – جامعة تلمسان .[/rtl]
[rtl]من المتعارف عليه والمألوف في مجال التداول الأدبي العربي أن الضمة ترفع والفتحة تفتح و الكسرة تجر ، وهو المبتغى الذي لا تتغير من خلاله هذه الحركات الثلاث ، مهما بلغت الحركة في الكلمة ، وتغيرت الجملة و استند المنطق الدلالي لمقتضيات مخالفة من ناحية الاشتغال الصوري فيما بينها ، مبدءا وموضوعا ومنهجا وغاية ، لكن في هذا المقام لا نسعى للحديث عنها من ناحية الدلالات الحركية في الجانب العربي للكلمة ، ولكن غرضنا هنا هو الحديث عنها من ناحية فلسفية بشكل تقارب بين العقل الذي يستطيع أن يحمل في ثناياه مدلولات إستطيقية مع تراتبيات الحياة في جميع جوانبها .[/rtl]
[rtl]إن الحديث عن الحركة في اللغة يستلزم الحديث عن الحركة في العقول اليوم ، وهي التي سنحاول سبر أغوارها في جانبها المعنوي من ناحيته الفلسفية ، و لأن العقل أصبح فيه الرافع و الفاتح و الجار الكاسر ، ولأن المعادلة البشرية التي تقول " إن الناس معادن " ففيها الذهب والفضة و النحاس والألماس والحديد ...إلخ ، فكان الجدير بنا هنا في هذا المقام أن نلج عالم العقول التي لها حمولة حركية مثلها مثل الحركة اللغوية .[/rtl]
[rtl]يعتبر المفكر الجزائري " د . الحاج دواق القدير الذي حسبته يشتغل في الفكر العربي المعاصر و مجال الكلاميات و إشكالية اللاهوت ، والعقيدة و مقارنات الأديان و الذي تبين من خلال المسار البعدي له أن الرجل يشتغل على مناحي متعددة و متنوعة و مختلفة ، تتغير من بيئة إلى أخرى و تفهم في مقامها ثم تنقل الى مجال تداولي آخر مع المحافظة على حمولتها الفلسفية ، وكذا مجال ظهورها وطبيعة ممارستها ، وخلفية العقل الذي انبثقت منه والغاية المنشودة التي سيتم بلوغها من وراء الفهم و كذا إمكانية الممارسة ،[/rtl]
[rtl]قد يستغرب البعض من وراء هذه المقاربة التي حملت الضمة و الفتحة والكسرة وأخذها من مجال الحركة الأدبية إلى الحركة العقلية التفكيرية فلأن العقل يتحرك من هنا وهناك كما تتحرك الحروف في اللغة ، وتتبدل مثل تبدّل الحروف والكلمات ومنه التغير على مستوى المعاني و المدلولات من خلال تغير الممارسات .[/rtl]
[rtl]يعتبر المفكر " د . الحاج دواق " واحد من الشخصيات التي عرفت من خلالها فن التفكير واكتسبت بفضلها مهارة الإبداع وكذا الجرأة في استعمال العقل ، واستنباط المفاهيم لإظهار القدرات كانت فلسفته تحتوي على مركبات ثلاث أولها " الرفع " من شأن غيره مع أنزال أمره في أغلب الأحيان ، و فتح لمناهج التفكير على كل الاتجاهات والمذاهب والمناهج ، من ناحية الأسس التي تؤسس للعقل البشري وخوارقه ، إلى مستوى الآليات المستخدم في المساءلة و التأمل و التدبر ن بعيدا عن التعصب لطرف ما على حساب أطراف أخرى ، بعيدا عن الإقصاء ، بعيدا عن الإبعاد ، بعيدا عن التهميش والتقليل من قيمة الآخرين ، و ثالثا يكسر الأفكار التي لا تليق وبمقام عبودية ربه ن كوني عرفته توحيدي رباني ، استدل في فلسفته بالمنظومة الدينية " القرآن و السنة " و أقوال السادة العلماء والمفكر والفلاسفة ، ينتقل بك من قوله تعالى إلى قول سيد خير الأنام ، ومنه إلى مقولات فلسفية كبرى أثارت العقل البشري من اليونان إلى اليوم . [/rtl]
[rtl]إنّ الإلتفات إلى مثل هكذا دراسات على مستوى البحث العلمي أو الإشتغال الفلسفي المتراكم ، من خلال التجارب العادية من جهة و العلمية من جهة أخرى ، هي نية في سبر غائية الطرح و هدفية الدراسة ، قصد تكييفها مع قضايا العصر ، وإدراجها ضمن مسارات الفكر من جهة ، و كذا تبيينها من خلال إتيقا التواصل مع الغير ، والاستنباط الفكري من عقول المفكرين من خلال المحاورات والقراءات والتوصل إلى المقاصد الإبستيمولوجية ، والبنى الهيكلية للعقل البشري ، وهو ما نجده عند المفكر " د. الحاج أوحمنه دواق " ، الذي يحاول الإقتراب من المحورية الفلسفية التي لا تستقصي أي طرف تزاوج بين الرؤية الإسلامية كمنظومة دينية و تقاربها مع باقي المناهج و السبل الفكرية الوضعية ، سواءا أكانت من في الحضارة الإسلامية أم الغربية " بين قديمها و حديثها و معاصرها " ، حيث تلحظ جليا في كلامه الإنتقال بك من المستوى العادي إلى المستوى العلمي الرفيع ، كما يعمل على اكتساب و خلق آليات إجرائية ، بعيدا عن الكلام الساذج ، و السفسطة الخرافية ، رغم انبساطيته " فرشيته للفكرة " ونشرها على المستويات العلمية من جميع المناحي ، بدليل أن أي محاولة شرح لأي فكرة مطروحة بين يديه لا يسلم بهاع مباشرة بل يحاول تفكيكها الى أجزاءها و البحث عن الإبستيمية التي تركبها ، ثم تكييفها على مستوى عقل المخاطب ، بطرق بسيطة و سهلة ، بمرجعية توحيدية تجعلك تشعر أن الرجل يأخذ عقلك من زمكان إلى زمكان آخر و مفارق له تماما ، و إسقاط تلك الفكرة عليه من حيث المناهج المختلفة والغايات الواحدة .[/rtl]
[rtl]إن المقاربة الإجرائية بين الفهم الفلسفي بالنسبة لعقل المفكر " د.الحاج دواق " و"ثلاثية العلاقة بين الضمة و الفتحة و الكسرة " هي محاولة منهاجية ، للتفكير الروي من خلال الخطاب الفلسفي الذي يتم أثناء عملية التواصل و الإستكان ، بمعية الرجل ، وهذه المقاربة هي ولوج عقل المفكر ثم فهمه واسبطانه ُ و من ثم إستنباط آلياته وخلخلة غاياته ، وتبيان عيوبها بشكل سريع جدا ، كما تشعر معه ،أنت بين يديه كالميت بين يدي غساله ، في الآن نفسه يلزمك بفكرته و حجيتة الدفاع عنها ، بأسلوب حضاري إنساني راقي .[/rtl]
[rtl]فضلا على هذا أن الرجل لا يؤمن بالشهادات بدليل كان لا ينادني و أنا تلميذك يا طالب أو تلميذ و لكن ينادني يا أستاذ ، بحيث يطلعني له ، و ينزل من مقامه ومقداره رفعته ، لكي يقول " أنت أنا و أنا بك لا أكون " ، كما أنه يمتلك الحس التفكيري الذي يجعل نفسه خادما لك من حيث يطرق باب قلبك بيد هادئة و هادفة وحنونة ، لا يجعلك تشعر بأنه كان يحاورك فلسفيا ليعود ، بعد هذه النقلة من جدلية "العقل و القلب " ، إلى المستوى البياني داخل نظام الكلمات .[/rtl]
[rtl]كما نود في الأخير أن نوضح بأن مسألة التفكير و الإشتغال داخل المنظومة الفكرية الفلسفية ، تتطلب عدم التنصل عن الأصل و كذا المركبات السوسيولوجية و الإثنية ، و حتى الثيولوجية المقدسة ، فكل تفكير يدعي التحرر ، و باسم الفكر الحر يرتمي في أحضان فكر الاخر كلية يعد فشل بعينه كما يؤكد لنا المفكر " د. الحاج أوحمنه دواق " من خلال محاضراته و نشاطاته وملتقياته و كتاباته ، على القاعدة التأصيلية ، و كذا القاعدة التوصيلية ، بالإضافة القاعدة الوصلية ، أما الأولى فهي بمثابة ضبط العلاقة بين الذات ومكنوناتها العقدية و الإيمانية التوحيدية " شريعة شعيرة " عقيدة و ايمانا " ، أما الثانية فهي تلك التي تضبط العلاقة التواصلية و التوصلية بين افراد المجتمع الواحد أو كما يسميها " نظام التعدد داخل الوحدة " والتأكيد على فكرة التعايش السلمي ، فهما و ممارسة ، أما عن القاعدة الثالثة فهي التي تحاول لا تفترق عن القاعدتين الأولى والثانية من حيث نظام الأفكار،داخل البيئة الاجتماعية والابتعاد عن ممارسة القطائع مع الغير ، و الوصلية هي بمثابة النظام الحاكم بين الأنا والآخر من حيث الوصل الفكري و المنظومي مع آباءنا و الآخرين و كذا الأفكار و اللهجات و الألسن التداولية مع الآخر .[/rtl]
[rtl]وفي الأخير وكملاحظة هامة نحاول من خلالها التأكيد على ضرورة الممارسة الفلسفية ، واستعمال العقل بجرأة تامة في كل شيء معرفة ووجودا و قيما " في جميع مناحي الإنسان وروابطه مع الله و الحياة والسياسة والاجتماع و الآداب والثقافة ، وضرورة استعمال الطرح النقدي كسلاح يصحح المسارات المغلوطة و يكشف عن كل ماهو قابع في العقل من سذاجة و قصر وقسر في استعمال هذا العقل ، وضرورة تقديم الرأي في مقابل الرأي المخالف والتحجيج المنطقي له و الحجة الأقوى هي التي تلزم الآخر بقبول فكرتي ، كونه حق و" الحق أحق ان يتبع" بلا مجاملة ، بلا مداهنة ، بلا تنميق ، ولا تصفيق ،عملا بالقاعدة القائلة " إن لم تستطيع نصرة الحق فلا تصفق للباطل " .[/rtl]
[rtl]تحية إسلامية فلسفية للعقل الحر، النوراني، النبهاني الذي يؤمن بي كانسان و ان خالفته في طرحه و عقيدته و منهاجه ، و غاياته ، فالرأي وجب احترامه و الفكرة تقتضي المناقشة بالعقل لا بالطنين الخرافية . [/rtl]