لماذا يا بابا أحمد ، تهتمون بتخصصات وتهمشون تخصصات أخرى ؟
لماذا يا بابا أحمد ، تركزّون على الكم ولا تركزون على الكيف ؟
لماذا يا بابا أحمد ، تفكرون في المستقبل أكثر مما تفكرون بما هو حاضر ؟
هذه ربما من بين الشكاوي الأساسية التي باتت تدور في ذهن كل دارس للفلسفة ومحب لها عبر كامل التراب الوطني . و خصوصا أولئك الذين عاشوا وغاصوا في بحار الفلسفة مدتها ما بين أربع وتسع سنوات أو أكثر ، مطالبين أن يكون لهم حظا مقبول ومقنع في عدد المناصب لمسابقات التوظيف التي تنظمها الوزارة الوصية بالأمر، سواء كان هذا الحظ في منصب " أستاذ " في الطور الابتدائي أو الثانوي .
ومن المعروف أن إجابة الوزير الأول في القطاع وحاشيته لا تتغير أبدا ، حيث تكون على النحو التالي : ( إننا نقدم عدد المناصب حسب الطلب في كل تخصص وفي كل طور من الأطوار نعطي كل ذي حق حقه . وما يتعلق بشعبة الفلسفة فإنها قد حققت اكتفاء ذاتي في الطور الثانوي من حيث عدد الأساتذة الذين يؤطرون ويدرسون هذه الشعبة ، فما بقي على خريج وحامل شهادة الليسانس أو الماستر وغيرها في شعبة الفلسفة إلاّ التوجه والتسجيل للالتحاق برتبة أستاذ للتعليم الابتدائي ، فنحن بحاجة ماسة إلى هذه الغاية النبيلة حيث يتكون التلميذ في المرحلة الابتدائية على قاعدة صلبة ألا وهي الفلسفة ، وهذه الأخيرة هي أساس التربية والتكوين المعرفي .)
آه ... يا بابا أحمد ، هذه الكلمات والمشاعر الحساسة كم أفرحتنا لسنوات وأغرقتنا بدموع الحزن بين ليلة وضحاها . وإلى متى تنتهي هذه المهزلة الكبيرة ، والتي مثلها الوزير في سمفونية طويلة بدون عنوان ؟. ونحن – كممثلي لتخصص شعبة الفلسفة – لا نطمع في الكثير ولا نرضى بالقليل ؛ و أنما فقط أردنا العدل والتساوي مع بعض التخصصات في عدد المناصب ، وهذا ما يريده كل محب للحكمة ورائد للأفكار من أجل إعلاء شأن العلوم الإنسانية والاجتماعية في هذا الوطن ، خير من أن يكون هناك " ربيع فلسفي " تتحمل مسؤوليته أنت ومن معك في هذا القطاع .