الجسد منظور اليه

"جسدي ليس شيئا، أو موضوعا، بالمعنى المألوف، إنه ليس معروضا ليشاهد وليس أمامي، لأنه ليس بإمكاني أن أضعه أمام نظري، فلكي يكون ذلك في مقدرتي يجب أن أمتلك جسدا آخر لكي أدرك وأرى جسدي، بعبارات أخرى، لكي أدرك جسدي كموضوع أو أراه فإنه يجب علي أن أنسلخ من جسدي لكي أشاهده، وهذا محال، صحيح أنني أستطيع الاستعانة بمرآة لرؤية جسدي، ولكن يظل يوجد فراغ، أو مسافة تفصل بيني وبين جسدي المنعكس بالمرآة، إنني لا أحس أن جسدي يوجد بين الأشياء المنعكسة على المرآة، ولكن أحس أنه قريب مني، أو أنه معي دائما، هذا معنى دوامه واستمراريته .. "
— جمال مفرج (كوجيتو الجسد : دراسات في فلسفة ميرلوبونتي

أنت رائع يا نونو 16
بارك الله فيك

لكن هل فهمت المقولة

صحيح نونو16 أنها مقولة رائعة ،أن الانسان يعيش نوعا من الاغتراب مع جسده وقد لا يعرفه بأدق تفاصيله وقد يستعين بالاخرين لي يرى موقفهم من جسده وقد لا يتقبله وقد يعجب به حد الغرور،لكني هناتجدني أقف مع أفلاطون والمتصوفة في موقفهم من قضية الروح والجسد .

هل تريد أن تعدب جسدك على الطريقة الصوفية أو تحل في جسد الله الدي هو جسدك على حد قول أحدهم ما تحت الجبة الا الله
ان المتصوفة يهتمون بالروح على الجسد يا صديقي بينما أفلاطون يرى أن الجسد لا فائدة منه
فمادا تريد بقولك

أهلا بيك يانونو16 لقد إفتقدنا مساهماتك في المنتدى،أرجو أن تكون بخير، أما فيما يخص النقطة التي أثرتها فأنا حقيقتا مع الفكر الصوفي قناعتا وليس أتباعا وأقصد هنا الصوفية المعتدلة وأضرب مثالا هنا بالشيخ أبو حامد الغزالي والجنيد و أبو عطاء السكندري صاحب كتاب الحكم و سعيد رمضان البوطي أنا لا أقول بالحلول أو الإتحاد مع الله أو ماشابه ذلك وكما يدعي بعض الصوفية كالحلاج وغيره من المثصوفة ، لكن أنا مع التربية الخلقية التي يدعون أليا لأن التصوف بالدرجة الأولى هو أخلاق وهذه الاخلاق هي ممارسة وعمل ومجاهدة ومكابدة لأن الحقيقة لن تعرفها ونفسك مغموسة ومغمورة في الاوحال الدنيوية، نعم أنا مع الفكر الصوفي المتفتح منهجا ، أما الجسد فهو جسد واحد لدى جميع الناس وأن تغيرت الاشكال والالوان فالجسد مصدر الالم ومصدر الشرور كما يقول أفلاطون أنه السجن الذي سجنت فيه تلك الحمامة العالية المحلقة في السماء و أنصحك هنا بالإطلاع على رسالة الطير لأبن سينا ، أنه هو الذي يتعبنا بمطالبه و غرائزه وهو الذي يحس بالألم ويهرم وهو الذي يفنى ويزول لكن الروح باقية وخالدة بمشيئة الله با عثها. أذن أفلاطون هنا في إحتقار الجسد يشترك مع نظرة الصوفية وأن كان أفلوطين هو المحسوب عليهم و هنا أقصد الصوفية الغلات ، يا أخي نونو16 أنت باحث بالفلسفة ولست كا غير المختصين فلا تكن نظرتك مجرد رأي نجده عندك غيرك من الناس كأن تجمع المتصوفة كلهم على حد السواء، وأكرر وأقول لك أنا مع فكر الصوفية المتفتح ولست رجعيا ولا متزمتا ولا منعزلا فلا تعتقد أن المتصوفة هم من يلبسون الرث من اللباس ولا ينظفون أنفسهم ولا يعتنون بها .

باسم الله الرحمن الرحيم

أخي نونو 16 أنا
أريد أن أطلعك على شيء لا تعرفه من خلال ردي الأول
قبل أن أجيبك هل فهمت المقولة أم لا

أول شيء أنني قلت لك انت رائع ولكن الحقيقة أن رائع في نقل هذه المقولىة الرائعة
والذي هو الرائع من نطق بها اول مرة
أما الروعة لشخصك الكريم فما كانت إلا في النقل الرائع

أما عن الفهم فأنا وإن كنت لم هاوي فلسفة وفقط فإنني فهمت وأنت تعلم
الفهم نسبي ومتغير فكل يفهم كما يريد أن يفهم

كما قال ملك الحبشة: ليس كل العابدين يفمهمون ما تفهم يا عمر
فالذي أراه أنا صنما قد يراه غيري إله وشتان بين الإله والوثن

أمنا وإن الحديث انعرج عن الصوفية وأراك تحمل كما قال أحمد أمين يا أخي نونو أفكارا مسبقة عن غير تمحيص ودراسة وتدقيق وبحث، قلت أراك تحمل عن الصوفية نظرةً سيئة وأخى أن تكون هذه النظرة عن سوء نية أو عن خدمة غرض معين، كما وأخشى أن تكون عن جهل وكم في الجهل من ضرر

شتان بين وحدة الوجود وبين الاتحاد والحلول وبين التصوف والزهد السنيين كما هو الفرق شاسع بين سيدي أبي مدين شعيب البجائي دارا والتلمساني قرارا
وبين محي الدين ابن عربي، كما هو الفرق بين أبي يعزي يلنور وابن الزيات التادلي وعبد السلام بن مشيش ومحمد بن سليمان الجزولي وغيرهم، وبين الأخرين من أمثال الحلاج وأحمد البدوي الفاسي والبهاليل المجاذيب العوام

أقول في الأخير يا نونو إن التصوف أقوى وأجدر من أن نضعه في سوق الخرداوات لنتاجر به من اجل فكرة لا تستقيم أبدا

ألا وهي الدعوة إلى الواقعية والمثالية والمادية والوجودية وكيت وكيت وهلم جرا

ودائما أقترح أن تكون التسمية الحديثة للتصوف أو الصوفية الزهد
ألا وهي التسمية الأولى له لأن هذه الفكرة هي محاولة من المتصوفة الجدد
محاكاة التصوف السني الذي انقرض منذ القرن الرابع للهجرة أو بعد ذلك بقليل

أرجو منك يا أخي نونو أن تكون رحب الصدر قليلا
وأن تتقبل فكرتي ولو أنها تبدو متعصبة نوعا ما

شكرا للجميع