"إسلام الفلاسفة": سؤال العلاقة بين الدين والعقل عادل مومن:

"إسلام الفلاسفة": سؤال العلاقة بين الدين والعقل عادل مومن:

1





يعتقد البعض أن الفلسفة الإسلامية ما هي إلا مجرد استمرار للفكر الفلسفي اليوناني، وبأن المسلمين لم تكن لهم فلسفة خاصة بهم، في حين يرى آخرون أن الفلسفة كانت محاولة لشرح وتحليل الفلسفة اليونانية،وهي على عكسها، تعتمد على التحليل المنطقي في محاولة فهم طبيعة الله والتدين والعبادة.
وقد كان الفيلسوف المسلم على الأغلب متعمقا في الإسلام ولم تكن غايته الرئيسية دحض فكرة الدين بل الوصول إلى قمة فهم الدين وإزالة ما اعتبروه شوائب تراكمت على المفهوم الحقيقي للإسلام،ولم يكن في قناعاتهم شك بوجود الله بل كانوا يحاولون إثبات وجوده عن طريق التحليل المنطقي.
كتاب "إسلام الفلاسفة" لمؤلفه منجي لسود، الصادر عن دار الطليعة، يرصد تجليات إسلام الفلاسفة في مختلف المسائل العقائدية التي تناولوها،والتي تتيح لنا الوقوف على خصوصية إسلامهم ومميزاته،من خلال إبراز خصوصية إسلام الفلاسفة المسلمين وتحليل تجلياته المختلفة، سواء عثرنا على ذلك في سير هؤلاء الفلاسفة، أم في علاقتهم بغيرهم من المسلمين، أم في أهم القضايا التي أثارت جدلا أكثر من غيرها،كمسألة الوحي والنبوة، ومسألة الصفات وخاصة منها العلم الإلهي،وكذلك مسألة البعث في الآخرة وكيفية الجزاء والعقاب،إضافة إلى بعض المسائل الفرعية الأخرى التي قد تثار في سياق تحليل المسائل الجوهرية.
وبشكل آخر يحاول الكاتب من خلال هذا الكتاب إثارة بعض الإشكاليات التي تتمحور حول: مدى إمكانية الفلاسفة المسلمين في الجمع بين الفلسفة أو الحكمة والشريعة السماوية؟ وما هو موقفهم من الإسلام في ظل انتمائهم للفكر الفلسفي؟ وهل اتجهوا نحو تطويع المعرفة الفلسفية لصالح ما تلقوه من تعاليم إسلامية منذ نشأتهم؟
فيما يتعلق بمسألة الفلسفة الإسلامية هناك اتجاهان:الأول يرى عدما وجود فلسفة إسلامية، والثاني يرى أن ثمة فلسفة إسلامية بالمعنى الحقيقي لهذه العبارة. على أن هذين الرأيين تبناهما الباحث رينان الذي يرى أنه ليست هناك فلسفة عربية مطلقا، ثم يؤكد في مناسبة أخرى أن العرب مثلهم مثل فلاسفة العصر الوسيط متعللين بشرح أرسطو، أمكنهم أن يخلقوا لهم فلسفة مليئة بالعناصر الخاصة بهم،ومختلفة تماما عن الفلسفة اليونانية.
ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي يفترض أن يطرح وخاصة فيما يتصل بالبحث هو: هل وجد فلاسفة مسلمون؟ الغزالي وهو أشد أعداء الفلسفة الإسلامية ورغم موقفه السلبي من الفلسفة، إلا أنه يعترف بوجود متفلسفة في الإسلام، ويقسم أهل النظر في الفلسفة من المتفلسفة الإسلاميين إلى صنفين: صنف كان حاذقا في نقل علم أرسطوطاليس ومنهم الفارابي وابن سينا، وصنف لم يخلُ نقله من الشوائب، إلا أن اعتراف الغزالي بمتفلسفة إسلاميين لا يؤكد وجود فلسفة إسلامية، فهو يعتبر أن الفارابي وابن سينا وغيرهما كانوا من نقلة الفلسفة الأرسطية.
ورغم ذلك فإن العودة إلى العديد من الدراسات الحديثة تؤكد اختلاف العديد من الفلاسفة المسلمين في توجهاتهم المعرفية ومنطلقاتهم الفكرية، ولعل البحث في إسلام هؤلاء الفلاسفة يمكن أن يساهم في إبراز بعض الجوانب من فلسفتهم، التي قد تكون مختلفة عما جرى نقله من الفلسفة اليونانية، نظرا لخصوصية البيئة التي نشأت فيها وترعرت الفلسفة الإسلامية.
موقف الشريعة من الفلاسفة
جاء في الكتاب أن السيوطي يرى أن المذاهب الفقهية السنية الأربعة على اختلافها قد اتفقت على فساد الفلاسفة وفلسفتهم،ذلك أنها من علوم الأوائل التي ملئت بالأباطيل والضلالات، لذلك كان لابد من يشتغل بها أن يصبح مدعاة للريبة والشك،بل وحتى أن يصبح هدفا لرميه بالزندقة والكفر والإلحاد، فهي من الأسباب المهمة التي تدفع علماء الحديث إلى تجريح الراوي والطعن في أخلاقه.وهذه النعوت لم تكن موجهة للفلاسفة فحسب،بل كانت سلاحا يشهره كل طرف في وجه مخالفيه في التوجه العلمي، أو المذهب أو الاعتقاد.
أكثر من ذلك،فالسبب الأشد خطورة في رفض الفقهاء للفلسفة يتمثل في الصراع السياسي بين الطرفين، وهو ما نعتبره من أهم الأسباب التي تختفي وراء الأسباب الأخرى. مع الإشارة إلى أن مصير جل هؤلاء الفلاسفة كان متشابها، إذ تم إحراق كتبهم وأخذها منهم، وتعرض بعضهم للنفي والبعض الآخر لمحاولة القتل، كما مات بعضهم مسموما،وهذا ما يبرز كيف أن حياتهم كانت محفوفة بالخطر، ويعود ذلك إلى انخراطهم في الحياة السياسية بكل ما تحمله من صراعات وتناحر.
وفي الغالب فإن أهم أعداء الفلاسفة الفقهاء وأهل الحديث والمتكلمين، وقد كان لفهمهم الخاص للإسلام أثر في تأجيج هذه العداوة واستنفار العامة ضدهم، لذلك كانت هذه الفئة حاضرة بقوة في مؤلفاتهم.
رأي الفلاسفة في حقائق من الشريعة الإسلامية
اتفقت كتب التراجم على أن الفلاسفة المسلمين الذين وقفنا على ترجماتهم كانوا من حفظة القرآن وهم في سن مبكرة، لذلك كان من الطبيعي أن يهتموا بفهمه، والتفكير في مصدره، والبحث في طبيعته باعتباره معرفة، وبالعودة إلى تلك الكتابات، تبين للكاتب أن دراسة الفلاسفة لظاهرة الوحي والنبوة ومنزلة النبي قد استحوذت على مجمل ما عقدوه للحديث عن الظاهرة الدينية. ففيما يتعلق بموضوع النبوة، وضع ابن سينا ثلاثة شروط لا تتم النبوة إلا بتوفرها هي أن يكون المؤهل للنبوة متمتعا بقوة قدسية تسمح له بالاتصال بالعقل الفعال من غير فكر ولا نظر، فتجعله يتمتع بكمال العلم من غير تعلم ولا إرشاد عالم بالعلم الإلهي، وأن يتميز بمخيلة قوية تعينه على تخيل الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلة، وأخيرا أن يتمتع بالقوة القدسية والمخيلة القوية.
وعن مكانة النبي والفيلسوف، فيرى بأن كليهما يهدف إلى معرفة الحقيقة، فالشريعة حق، كما أن الفلسفة حق على حد تعبير ابن رشد. ومع ذلك فهناك تصوران، التصور الأول يقضي بأن النبي أرفع من الفيلسوف، وهو الشخص المؤهل لتحصيل العلم الإلهي وتبليغه إلى الخلق، فهو إذن أقدر من الفيلسوف على ذلك، ولهذا السبب فهو أفضل منه.
غير أنه، وإن وضع النبي في مرتبة أعلى من الفيلسوف،فقد غُلٍبت في أحيان عديدة العلوم العقلية على علوم الشريعة.
ومن هنا يشير لسود إلى موقف ابن رشد، الذي يدعو إلى تطويع النصوص الشرعية وإخضاعها لآلية التأويل، لأن الشريعة لها ظاهر وباطن، فالفيلسوف في الرجحان لأن النبي شخص ليس مما يتكرر وجوده على حد تعبير ابن سينا، ومن ثم فشريعته تجيء مرة واحدة، بينما الفيلسوف وجوده متواصل بتواصل الاجتماع البشري، وهذا ما يوحي بأن موقف ابن رشد هذا له ظاهر وباطن أيضا. فالظاهر أنه يصرح بأفضلية النبي على الفيلسوف أما الباطن، فإنه يرى أفضلية الفيلسوف على النبي.
إن النظر إلى النبي على أنه أقل درجة من الفيلسوف تبناه أيضا إخوان الصفاء، إضافة إلى الفارابي، وهذا ما يبرر الرأي القائل بأن رسائلهم لا تتضمن إلا فلسفة تلفيقية ليس الغرض منها التوفيق بين الفلسفة والشريعة كما يصرحون بذلك في مقدمة هذه الرسائل، وهنا يتساءل المؤلف عن طبيعة العلاقة بين الفلسفة والشريعة حسب الفلاسفة؟ أهي حقا توفيقية؟.
تفسير الفلاسفة للقرآن
لا يقصد بتفسير الفلاسفة للقرآن أنهم قاموا بنفس العمل الذي قام به المفسرون المسلمون للقرآن، بل يقصد بذلك إيراد بعض محاولات الفلاسفة لتفسير عدة آيات من منظور فلسفي. وتكمن أهمية تفسيرهم للنص القرآني في إبراز كيفية فهم هذه الفئة من المسلمين للنص القرآني، وهو فهم يختلف اختلافا كليا عن فهم بقية المسلمين لهذا لنص،ولكن هذه الفئة لم تخرج في نهاية المطاف عن المبدأ العام الذي انتهجته كل الفئات تقريبا من حيث تطويع النص القرآني ليتوافق مع تصورات كل فئة من الفئات للعالم وللأشياء، ومحاولة هذا التطويع نلاحظها بكل وضوح في تفسير العديد من الفلاسفة لعدة نصوص قرآنية.
تصديقا لمبدأ التوفيق بين الفلسفة الشريعة، فإننا نجد مؤلفات عديدة تناولت هذه المسألة مثل كتاب التوفيق بين الدين والفلسفة عند الفارابي للمستشرق الفرنسي لويس غارديه، وكتاب ابن سينا الدين والفلسفة للباحث المصري حمودة غرابة وكتاب بين الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط لمحمد يوسف موسى. وقد كان المغزى من هذه المؤلفات هو البحث في مدى نجاح هذا الفيلسوف أو ذاك في الجمع بين الفلسفة والشريعة على أساس التوفيق بينهما، فكانت النتائج التي توصلوا إليها منحصرة في رأيين، فإما أن يكون الفيلسوف حسب هؤلاء الباحثين قد فشل في مسعاه بوفائه لاختياراته المعرفية، وإما أن يكون قد حالفه بعض النجاح لأن الشريعة والفلسفة لا تتعارضان.
الشريعة- على حد تعبير ابن رشد- دعت إلى اتباع الفلسفة باعتبارها تدبرا عقليا، كما دلت الفلسفة على وجود الشريعة معتمدة على البراهين. وبين الفلاسفة الذين اعتبروا أن الشريعة والفلسفة ليستا متعارضتين، الفيلسوف ابن رشد، الذي توصل إلى أن الشريعة تدعو إلى الاشتغال بالفلسفة.
إن إسلام الفلاسفة يختلف عن إسلام غيرهم من المسلمين، لذلك لم يخرجوا من منطق الصراعات السائدة في المجتمع الإسلامي، وقد كانوا يحسون بتفوقهم المعرفي ويدعون امتلاكهم للحقيقة كما هو الشأن بالنسبة إلى غيرهم من الكيانات المعرفية الأخرى، كالفقهاء والمتكلمين ورجال الحديث.ويعود هذا الإحساس بالتفوق إلى أسباب عديدة أهمها طبيعة الخطاب الفلسفي في نظرته إلى الخطابات الأخرى وخاصة منها التي لا تعتمد العقل في تحصيل المعرفة، بذلك من الطبيعي أن يكون الفقهاء ورجال الحديث من الأعداء الأوائل لهم.

يا أخي عادل مومن
مشكور على طرق هذا الباب من النقاشات
أضن أن هذه الإشكالية لم تكن لتوجد أصلا
إلا أن السلفية الجدد أثاروها من جدبد

فحتى أبا تيمية وهو من أوائل السلفية الأولى
وهو من أهم من عارض الفلاسفة
إلا أننا نجده فيلسوفا في الكثير من مؤلفاته

وحتى ابن رشد
الذي لمن يسلم من النقد اللاذع فهو من حبر مهم للسلفيين من خلال
كتابه نهاية المقتصد وبداية المجتهد

أما الغزالي فهو الفيلسوف الصوفي الزاهد الفقيه
جرحه الكثيرين إلا انه يبقى في ذاكرة سندهم على الرغم منهم
فهو حبر الإسلام كما لقبه أو اتفق على تلقيبه الكثيرون

شكرا عادل مومن

عادل مومن هاذي عيبة يا خويا
شكرا على الموضوع
الرائع والقيم