الملحـون والتاريـخ
محمد أمين العلوي
جاء في كتاب المصادر العربية لتاريخ المغرب للأستاذ المرحوم محمد المنوني، ما نصه: «فإذا كانت المصادر التاريخية الموضوعية إنما تهتم باتجاه محدد، فإن المصادر الأخرى تفتح – أمام الباحثين – آفاقا قد تكون فسيحة في الكشف عن ألوان من التاريخ الحضاري، وأحيانا عن حياة الشعوب»(1).
ومن هذه المصادر: الشعر الملحون، الذي اختزنت ذاكرة «الحفَّاظ» العديد من قصائده وسراباته ورباعياته، تواترت جيلا بعد جيل، اللهم إلا ما ضاع منها بوفاة ناظميها أو منشديها. كما احتفظت كنانيش الملحون بهذا الرصيد الهائل من موروثنا الشعبي الذي شاءت الأقدار أن يُردَّ له الاعتبار، فتُنجَز حوله البحوث والرسائل والأطروحات الجامعية(2)، وتهيَّأ له أسباب النشر بعناية أكاديمية المملكة المغربية(3) أو بمبادرات فردية وغيرها...(4).
والشعر الملحون أو العلم الموهوب، استطاع أن يتعايش مع العلم المكتوب، وأن يجد له مكانا في بعض إن لم نقل جل المضان التاريخية المغربية.
فقد اعتمد المؤرخون المغاربة نصوص الأدب الشعبي، وخصوصا الأزجال، حيث أفادوا منها، واستشهدوا بمتونها، وخصصوا لها حيزا، في مؤلفاتهم(5).
وقد أدرك المؤرخ العلامة محمد المنوني رحمه الله، كنه الشعر الملحون وقيمته الأدبية والتاريخية، فأوجز ذلك في كلمات: «ولعلنا سنجد في هذا النوع من الشعر من دقة الوصف ما لا نطمح أن نجده عند شاعر أو كاتب بالعربية الفصحى»(6).
وبهذا الرأي السديد الموضوعي، تُتجَاوَزُ تلك «العجرفة الفكرية التي وُجدت عند العديد من المؤلفين والكتاب والمفكرين، والتي لم تكن تخلو من روح طبقية... تصنف الناس إلى فئتين: خاصة وعامة، نخبة ودهماء»(7). وإن كان بعض شعراء الملحون، لا ينتمون بالضرورة لفئة العامة، بل ينتمون إلى أوساط النخبة المتأدبة، كالأولياء والسلاطين والأمراء والعلماء والأدباء وبعض المؤرخين(8).
فشاعر الملحون ليس مؤرخا بالمفهوم العلمي المتداول، ولكن يسجل الأحداث والوقائع ككاتب حوليات «Chroniqueur» يحذو في غالب الأحيان حذو المؤرخ النعل بالنعل، في رصد الأحداث والوقائع التاريخية، المفرح منها والمحزن، بالإضافة إلى تدوين الكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية وغيرها... بتلقائية وبأسلوب زجلي مواز ومواكب للنص التاريخي تارة أو مكمل له تارة أخرى، بدقة وإسهاب في الوصف. يقف عند أدق التفاصيل والجزئيات التي قد يغفل عنها أو لا يتطرق لها – أحيانا - المؤرخ، حيث يقتصر هذا الأخير على التركيز والاختصار.
فإلى أي حد يجوز القول إن قصيدة الملحون تضطلع بدور المساعد والمكمل للوثائق والمراسلات المخزنية وآداب المناقب والنوازل والرحلات والمسكوكات والنقيشات واللقى الأثرية؟.... لتصبح هي الأخرى - أي قصيدة الملحون – مصدرا للكتابة التاريخية ورافدا من روافدها «التي لا ينبغي إهمالها بالمرة، مادامت طبيعة البحث التاريخي أن لا يهمل المؤرخ أو يزدري أيا من المصادر»(9).
وهل يا ترى ستسعفنا الأزجال الشعبية لنحقق ثنائية الملحون / التاريخ، ونظفر بتبيان التوازي والتكامل بينهما؟
رصد المنجزات المعمارية
شهد ضريح سيدي امحمد بن عيسى(10) بمكناس تجديد قبته بأمر من السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام (1822 – 1859). وقد ذكر المؤرخ ابن زيدان بعضا من آثار هذا السلطان فقال: «... فمن ذلك تجديد قبة ضريح الشيخ الكامل، أبي عبد الله امحمد بن عيسى، وذلك عام ثمانية وأربعين ومائتين وألف»(11).
وهذا الشيخ الطالب الصديق الصويري(12) يُوردُ وصف عملية الترميم والإصلاح في قصيدته العيساوية التي لازمتها / حربتها:
بَارْكُـوا لْعيسَاوَة فكُلْ بْلادْ هَاذْ القبَّة المَبْهَاجَـة
اعْلَى المخَنْتَرْ مَوْلَى مَكْنَــــــاسْ
احْكَاوْ لِي اخْبَارْ القُبَّة اللِّي اعْلاتْ وفَاتَتْ رَهْوَاجَة
اخْبَـارْهَا شانْعْ افْكُلْ اجْنَـــــاسْ
ابْأَمْرْ اهْمَـامْ الوَقْتْ اللَّه نَاصْرُو يَضْفَرْ بَالْحَاجَـة
اوْلا يْصَـادَفْ مُلْكُـو بَـــــاسْ
رَاهْ بَنْ هِشَامْ المَنْصُورْ عَظَّـمْ امْقَامُوا اللِّي نَتْرَاجَى
مَا اخْفَاشِي غَوْثْ الرِّيَّـــــاس (...)
وفي نفس الاتجاه والموضوع سار التهامي المدغري(13) عند وصفه لعملية ترميم وإصلاح قبة ضريح المولى إدريس الأكبر بزرهون، بأمر من السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن (1859 – 1873)، حيث يقول في لازمة / حربة قصيدته الإدريسية:
الله يَنْصَرْ سُلطَان غَرْبْنَا سِيدِي مُحَمَّدْ(14) بَانِي القُبَّة المَشْهُـــــورَة
اعْلِيهَا سَرّْ اللَّهْ قُبْتّكْ أمُولاَيْ ادْرِيــــسْ
شُوفْ القبَّة تَسْبِي ابْتَنْويــرْ
لهْمَامْ اصْلَحْهَا رَبِّي يَصْلَحْ شُـورُ (...)
لَهْمُو رَبِّي لَمْصَالَـحْ الخِيـرْ
مَا مَنْ امْقَامْ صَلحُو وَبْنَى لُو سُورُو (...)
وقد أشارت الباحثة الفرنسية A.-R. DE LENS إلى ذلك بقولها: «وفي أواسط القرن التاسع عشر، أمر السلطان مولاي محمد [بن عبد الرحمن] بترميم القبة التي يرقد فيها جثمان المولى إدريس بزرهون...»(15). في حين لم نقف على ذكر هذا الترميم لا في الاستقصا ولا في الإتحاف !
مدونـات الأنســاب
اهتم المؤرخون والنقباء والنَّسَّابَة بتحقيق الأنساب، ورصد أبناء الأسر وتحديد نسبهم، وربط الفروع بالأصول في انتمائهم إن كان لهم انتماء إلى آل البيت، وتدوين فروع الأشراف وتمييز الأصلاء من الدخلاء، مع تتبع أماكن استقرارهم بموطنهم الأصلي وخارجه. ولا نستغرب اليوم، إذا لاحظنا العودة إلى علم الأنساب. يقول أحد المهتمين بهذا العلم: «ومما يقوي عزيمتنا في ضخ دماء جديدة في هذا العلم الأصيل وربط ماضيه بحاضره، هذه الحمى الجديدة التي أصابت مختلف دول المعمور، وتسابُق مختلف الأسَر نحو كتابة تاريخها الخاص، وتسطيره في مشجرات وأشكال هندسية تختلف باختلاف الأدوات المعتمدة اليوم في علم الأنساب الحديث بأمريكا وأوروبا وآسيا»(16).
وقد سار على نهج أصحاب هذا العلم، نسَّابَة شعراء الملحون، الحاج إدريس بن علي الحنش(17) الذي نظم قصائد تعرف بـ «الشجرة» أو «السَّلسلة»، منها:
أ – شجرة / سلسلة الشيخ الكامل، سيدي محمد بن عيسى – سابق الذكر – على نحو ما ورد في مختصر الغزَّال(18)، تقول حربتها وبعض الأبيات منها:
يَا بَنْ عِيسَى يَا وَاضَحْ الأسْرَارْ
جُـودْ اعلِينَا للَّهْ ابْنَظْــــرَة
أمْحَمَّدْ بَنْ عِيسَى بَحْرْ الاَنْـوَارْ
بَـنْ عَامَرْ عَمَّرْ قُومُـو فِي مَـرَّة
ابْنَ عَمَّارْ الْمّعْلُومْ فالاَقْطَــارْ
ابْـنَ عُمَرْ مَنْ بِهْ السّْقَامْ ابْــرَا
ابْنَ حْرِيزْ اللِّي حَازْ مَا يُختَـارْ
ابْنَ مَحْرُوزْ الْمَعْدُودْ فَالْكُبَْــرا
ابْنَ عَبْدْ المُومَنْ شَامْخْ المَقْـدَارْ
ابْنَ سِيدِي عِيسَى كَوكَبْ الحَضْرَة
هُوَ أبُو السِّبَاعْ كَيُدْ كَـــارْ
ابْنَ ابْرَاهِيمْ اهْلالْهُمْ عَشْرَة (...)
ب – شجرة / سلسلة شرفاء وزان أهل دار الضمانة، حيث أفردهم الحاج إدريس الحنش بقصيدة، عدَّدَ فيها ذرية مولاي عبد الله الشريف، على غرار ما جاء في كتاب الروض المنيف(19)، وحربتها:
جِيتْ قَاصْدْكُمْ يَا هْلْ دَار الضّْمَانَة هَارْبْ لَحْمَاكُمْ
ابْجُودْكُمْ قَبْلُونِي للَّـــــــــهْ
ويـنْ مَوْلاَنَا عَبْدْ الله بَنْ ابْرَاهيمْ اهْلالْ اسْنَاكُـمْ
كَفُّـــوا مَمْــدُودْ الْمْــنْ والاَهْ
اخْلِيفْتُو سِيدِي مُحَمَّدْ فَاحْ مَنْ زَهْرُو طِيبْ اشْدَاكُمْ
كَانْ سُنِّي يَخْشَى مَـــــولاهْ (...)
اخْلِيفْتُو التّْهَامِي قُطْبْ لَقْطَابْ مَنْ رَقْرَقْ بِهْ الْوَاكُمْ
نَالْ مَنَالْ مَنْ حَـالْ اصْبَـــاهْ (...)
ابْجَـاهْ مَوْلايْ الطَّيَّبْ طَيَّبْ النّْسَـلْ مّتْعّرّْضْ لَوْفّاكُمْ
مَنْ اخْلَفْ فَالمَرْتَبَـة خَـــــــاهْ
ابْجَاهْ مَوْلايْ أَحْمَدْ وُسِِيدِِي عَلِي الْمَاجَدْ كَنْزْ اغْنَاكُمْ
جَاهُــــو عَالِــي عَنْـــدْ اللهْ
الشِّيخْ سِيدِي الْحَاجْ الْعَرْبِي بَرَكْتُو سَدَاتِي نِرْجَاكُمْ
كَمّْلُـو لَلْمَسْكِينْ امْنَــــــاهْ (...)
عَادْ بَعْدُ سِيدِي عَبْدْ السّْـلامْ لَفْحَلْ هَزَّامْ اعْدَاكُمْ
طَنْجَة مَحْفُوظَـة فَحْمَــــاهْ (...).
ج – شجرة / سلسلة مولاي علي الشريف دفين الريصاني بتافيلالت. جمعها ورتبها الحاج إدريس المذكور، في قصيدة يمدح فيها الشرفاء العلويين ومكان أسلافهم ينبوع النخل من أرض الحجاز، ومجيء سيدي بوبراهيم(20) وفي معيته المولى الحسن الدَّاخل سنة 664 هـ، ذاكرا مناقب هذا الأخير ومزايا عَقِبِه، سيدي محمد ومولاي الحسن والمولى عبد الرحمن، الموجود بعض ذريته في أولاد عمير وبعضها الآخر في البلاغمة وبني زروال... وهذه القصيدة يمكن مقارنتها مع ما جاء في الأنوار الحسنية(21) ونشر المثاني(22) والترجمانة الكبرى(23). تقول الحربة والقسمان الثالث والرابع منها:
أَمُولاَيْ عَلِي الشّْرِيفْ جُودْ اعْلِينَــا للهْ
فِي عَارْ للاَّ فَاطِمَـة وَابَّاهَــا
(...)
وَسْلاَفَكْ يَنْبُوعْ النَّخْلْ جَرْ الدَّيْلْ وَتَــاهْ
مَحَلْ الأَشْرَافْ وْأَرْضْ النُّبَهَـا
فَاحْ نْسِيمْ الْمَسْكْ وُلَعْطَرْ وَلْعَنْبَرْ فَثْنَــاهْ
مَنُّو النُّورْ عَمّْ الصَّحْرَا وَكْسَاهَا
يَوْمْ اقْدَمْ سِيدِي بُوبْرَاهيمْ وُجَابْ امْعَـاهْ
يَقُوتَة انْفِيسَة تَلْمَعْ بَضْيَاهَــا
مَوْلاَيْ الْحَسَنْ الشّْرِيفْ الْقَادَمْ بْرْضَــاهْ
الأرْضْ تَافِيلاَلْتْ وَحْضَاهَــا
أَتَاتُــو وَحْيَاتْ بِـهْ وَصْلَحْ بِهَـا مَوْلاَهْ
وَجْرَى افْأَرْضْهَا صَافِي وَكْثَرْ مَاهَا
وُعَرْجْنُوا لَثْمَارْ فَالنّْخَلْ سُخْرَتْ مَنْ ادْعَاهْ
وَصْلَحْهَا اعْظِيمْ اللُّطْفْ وُنَجَّاهَا
****
مُحَمَّدْ وَلْدُ اخْلِيفْتُو سَارْ افْسِيرْ ابَّـــاهْ
وَالْحَسَنْ بَعْضْ الاَسْرَارْ دَّاهَــا
وُعَبْدْ الرَّحْمَنْ صَاحْبْ الْبَرَكَــاتْ اتْرَاهْ
بَالْجُودْ وُالْعَفَافْ والإحْسَانْ اتْرَاهَا
مَازَالَتْ دُرِّيْتُو اكْرِيمَة فِي ظَلْ الْـــوَاهْ
سَكْنُوا فِي اوْلاَدْ اعْمِيرْ وَوْطَاهَا
وَالْبَعْضْ افْلَبْلاَغْمَة امْحَقَّقْ كِيفْ ارْوِينَاهْ
وَخْرِينْ فِي ابْنِي زَرْوَالْ وُفَحْمَاهَا
رَاسْلاَلْتْ سِيدِي بُوحْمِيـدْ الْغَوْثْ الأوَّاهْ
هَادُو ادْيَارْهَا لاَشَكْ مَغْنَـاهَـا
يَارَبِّي ابْجَاهْهُمْ اكْسِي عَبْدَكْ ثُوبْ انْجَاهْ
احْفْظْنَا مَنْ اهْمُـومْ الدُّنْيَا وَبْلاَهـا
(...)
تراجم المناقب
اعتنت كتب التراجم والحوليات والمناقب، بالتعريف بالأعلام وذكر مناقب الأولياء وكراماتهم ورجال التصوف وإشراقاتهم. كما اعتنى شاعر الملحون هو كذلك بهؤلاء، فأفرد لهم قصائد كاملة، تعرف بـ «الجمهور»(24)، ذاكرا أسماء الأولياء والصلحاء وألقابهم وكراماتهم ومناقبهم وأحيانا أماكن دفنهم. بالإضافة إلى ذلك، نظم شاعر الملحون قصائد تخص وليا بمفرده، تسمى: «الإدريسيات»، «العيساويات»، «الحمدوشيات»، «التيجانيات»، وغيرها… ونعرض لبعض أولياء وصلحاء العواصم المغربية الثلاث:
أ – أولياء وصلحاء فـاس
إذا كان الكتاني في السلوة(25) قد عدَّدَ وترجم للأولياء الذين أقبروا في مدينة فاس(26)، فإن جمهور باب الكيسة للحاج إدريس الحنش، قد أتى بدوره على ذكرهم والتوسل بفضائلهم، حيث يقول بعد الحربة:
الْعَطْفَة للَّه ارْجَالْ بَابْ الكِيسَـــة
دَوِوْنِي ابْنَظْرَة تَزْيَانْ الْحَالَـــة
سِيدْ الْحَاجْ مُحَمَّدْ اتْوَاتِي يَاتِـــي
الرَّامِي الْمَجْذُوبِي يَامَحْيَـــات (...)
وَالدَّقَّاقْ اسْرَارُو اسْرَارْ انْفِيسَـــة
اوْجَارُو التِّيجَانِـي فَالْفُضَـــلا
الإِمَـامْ التَّاوْدِي مَنْ السُّعَــــدَا
افْنَى افْمَنْ انْشَاهْ ابْتَعْلِيمْ اكْتَـابُ (...)
ابْنَ لَحْسَنْ مَنْ جَالِيـهْ فِي تَكْبِيسَـة
يَتْسَلاَّ مَنْ احْسَانُو دُونْ امْحَالَــة
وَلْبُورْحِيـمْ امْوَضَّحْ تَلْبِيسَــــة
عَبْدْ العزِيزْ ابْلَوْطَـا وَرْسَالَـــة
ابْرَاهِيـمْ السَّيَّدْ الزِّرَارِي يَحْضَــرْ
اشْيُوخْ اطْرِيقْ الْقَوْمْ افَأَمْـرُ حَارُوا (...)
ابْنَ حَمْدُونْ الْجَابْرِي الدَّاتْ اهْرِيسِـة
جَبَّـرْهَا اوْلاَ تَتْرَكْهَا مَعْلاَلَـــة
ابْنَ عْبَابُو سِيرْ لِيـهْ فِي تَغْلِيسَـــة
قبْلْ الشّْرُوقْ مَنْ يُومْ السَّبْتْ تْعَالَى (...)
ب – أولياء وصلحاء مكنـاس
وإذا كان ابن زيدان قد ترجم في الإتحاف للعديد من رجال مكناس(27)، وكذا ابن إدريس العمراوي في منظومته الدعوة المجابة(28) في نفس الموضوع، فإن سيدي قدور العلمي(29) وبنعيسى الحداد العثماني(30) والحاج إدريس الحنش قد ترجموا على هذا المنوال نظما في جمهورهم، لأصحاب الولاية والصلاح بمكناسة الزيتون، تقول حربة الجمهور للعلمي:
يَا مَنْ يَشْفِـي اضْرَارْ عَبْدُ بَعْدْ السَّقْمْ
وَيْفَرَّحْ مَنْ اقْوَاتْ فالصَّدْرْ احْزَانُـو
وحربة الحاج إدريس:
ضِيفْ الله لله أَلْوَالي سِيدِي بَنْ عِيسَى
امْعَ ارْجَالْ الله لله ايْقَعّْدْ لَحْمَــلْ
أما بنعيسى الحداد فيقول بعد الحربة:
أَضِِيفْ الله لله يَالشِّيخْ الْكَامَلْ بَحْرْ لَكْمَالْ مَوْلاَيْ الْهَادِي
أَسِيدِي بَنْ عِيسَى اعْنَايْتِي يَا هِيبَة مَكْنَــــاسْ
أَسِيدِي نّتْوَسَّلْ ابْجَاهْ قَدْرَكْ وَبْجَاهْ الصَّالْحِينْ رْجَالْ ابْلاَدِي
بِهُمْ كَنْتْوَسَّلْ للَّكْرِيمْ رَبّْنَا تّلْقّحْ لِي لّغْــــرَاسْ
وِينْ سِيدْ الْمَحْجُوبْ بَالرّْوَايَنْ ولَكْزُولي اعْلِيهْ لاَزَلْتْ انَّادِي
وِينْ الْهَيَّاضْ نَبْغِي افْحَاجْتِي يَوْقَفْ لِي تَأنَــاسْ
والشَّيخْ الْحَارْثِي كْذَلَكْ ابْنَ الشِّيخْ زِيدْ سِيدْ الْغَازِي سَاطَعْ نُورُ وَقَّادِ
وَالْبَغْدَادِي وَأحْمَدْ الصِّيدَمْ وَالإِمَـامْ الــدَّرَّاسْ
وَالْمَكَّاوِي نِعْمَ الشّْرِيفْ عَزّْ الْغُرْبَا مُولْ السّْبِيـلْ وَاضَحْ وَرَّادي
بَحْـرُ دِيمَا مَلِي اعْلَى السّْوَاحَلْ مَالِهْ قْيَــاسْ
وِينْ سِيدِي بَابَا امْحَبّْتُو فِي قَلْبِي سَكْنَتْ لِي وُخَرْقَتْ لَفْآدِي
وَكْذَلَكْ بَنْ مَنْصُورْ اعْلَى الدّْوَامْ امْحَزَّمْ عَسَّاسْ (...)
ج – أوليـاء وصلحاء مراكش
وكما أتى العباس بن إبراهيم في الأعلام(31) بتراجم العديد من أعلام الولاية والصلاح بمراكش وأغمات، نجد شعراء الموزون(32) والملحون المراكشيين وغيرهم، ينظمون في المقابل قصائد الجمهور مادحين ومتوسلين بسبعة رجال وباقي صلحاء المدينة، بدءا بالشيخ الجيلالي امتيرد(33) في قصيدته التي حربتها:
مَـنْ اخْفَاهْ الصَّلاَحْ ايْحْيَى الْبَلْدْنَا
يَقْصْدْ نَـاسْ امْدينَة لَحْضَـــرْ
مَرَّاكْـشْ بَلْدْ لَقْطَـابْ وَالتَّنْوِيـــــرْ
ايْزُورْ نَاسْهَا يَتْزَهَّى فَقْبُوبْ سَلْطْنَـة
وَيْشُوفْ ارْجَالْهَـا السَّبْعَـــة
وْيْعَدْ اتْرَابْهَـا كُلْ اقْدَمْ بَفْقِيــــــرْ
فأحمد بن عاشر الحداد الرباطي(34) الذي يتوسل بدوره بالرجال السبعة(35):
اهْلَ الْبَهْجَة الْحَمْـرَا اسْيُوفكُم بَتَّارَة مَالْ سِيفِي مَا بِينْ اسْيُوفكُم قَاصَـرْ
ثم الحاج محمد بن عمر الملحوني(36) في قصيدة موضوعية، هذه حربتها:
ألاَمَتْ لَفْضَـالْ سَبْعَةُ رِجَـالْ
لِيغَاثَـة لله جَبّْرُوا حَـالِـــي
نَبْدَا بْالْفْضِيلْ الْقُطْبْ الْخَصَّـالْ
سِيدِي يُوسَفْ بَنْ عَلِي الْمَفْضَالِي
مَنُّو سَرْتْ لَلْقَاضِي دُونْ امْهَـالْ
مَفْتَاحْ غَرْبْنَا اسْرَاجْ لَمْعَالِـــي
لْمْقَامَكْ أَلسَّبْتِي قَاصَدْ عَــوَّالْ
أَمُغِيثْ الرَّيَّـاسْ حَقْ فَالْمَالِــي
وَالْمَاجَدْ صَاحَبْ الدَّلِيلْ الْمْفْضَال
ابْجَاهُو نَسْعَى الدَّايَمْ الْعَالِـــي
****
تَبَّاعْ الرّْسُولْ امْدَاوِي لَعْـلالْ
مَوْلاَنَـا جَعْلُو اطْبِيبْ لَعْلاَلِي
وَبْلَغْ اسْمَعْنَا مُولْ الطَّابَعْ قَـالْ
الشَّقِي عَنُّو امْقَامْنَـا عَالِــي
وَايْمَامْنَا السُّهَيْلِي شَاحَنْ لَحْمَالْ
نَسْعَى بِهْ وَبْجَاهْكُمْ مَـدَى لِي
وَانْتُمَا امْفَاتَحْ سَايَرْ لَقْفَــالْ
حَلُّوا بَالْعَطْفَة سَايَرْ اقْفَالِي (37)
الرحلـة الحجازيـة
الرحلات أنواع «تختلف باختلاف الدواعي للسفر وأسبابه»(38)، ومن بين هذه الأنواع: الرحلة الحجازية «التي يضعها صاحبها بعد رجوعه من قضاء فريضة الحج، وهي زيادة على موضوعها الأساسي، من وصف الأماكن المقدسة، وبيان مناسك الحج، وكيف أداها المؤلف، تشتمل في الغالب على وصف كل المراحل التي مر بها الراحل من بلده إلى مكة المكرمة»(39).
أ – الرحلة الحجازية من خلال الركب الفاسي
حظي حج الأمير المولى إبراهيم بن السلطان المولى سليمان عام 1226، باهتمام المؤرخين(40) ووصفهم لمظهر احتفال خروج ركبه من باب فتوح بفاس، كما استأثر باهتمام شعراء الملحون، فنظموا قصائد «المرحول»(41)، أتوا فيها بإفادات عن الركب الفاسي والمكلفين به، ووفود الحجاج من مختلف القبائل، من أهل سوس ومراكش والحوز والبوادي والحواضر، فضلا عن أغنياء ووجهاء مدينة فاس، ذاكرين وسائل النقل المستعملة في ذلك الزمان، المعتمدة أساسا على الدواب والمحفات والهوادج... وهذا ما عبر عنه سيدي عبد القادر بوخريص(42) في وصفه لاستعداد الركب لمغادرة فاس:
أروَاحْ أَرَاسِـي اتْشُوفْ هَاذْ الرَّكْبْ السَّـايْرْ
خَلاَّ نَاسْ الذَّوْقْ شَايْقَـة لْمْقَـامْ الْمُخْتَـارْ
مَـدَى مَنْ قُومَانْ جَاتْ تَمْشِي لَلْحَجّْ اتْخَاطَرْ
مَنْ سُوسْ وُمَرَّاكشْ لَفْرِيجَة جَـاوْ الْخُطَّـارْ
وَهْلْ الْحَوْزْ وُكُلْ مَنْ اتْهَيَّأْ وَعْـرَبْ وَبْرَابَـرْ
وَقْبَايِلْ شَلاَّ انْصِيفْهَا والطَّلْبَـة لَخْيَـارْ (43)
وَخْوَايَجْ هَلْ فَاسْ(44) بَرْزُوا بَمْضَارْبْ وَسْحَاحَرْ
وَخْيَـامْ اعْجِيبَة امْتَحْفَة فُرْجَة لَلنَّظَّـــارْ
وَهْجَايْنْ وَخْيُولْ رَابْضَة وَصْـوَارَمْ وَخْنَاجَـرْ
وَمْكَاحَلْ وَسْنُونْ وَالسّْيُوفْ اتْقَصَّـرْ لَعْمَـارْ
وَوْلاَدْ الْمَلِكْ كَبْدُورْ ضَيْ اسْنَاهُمْ ظَـاهَـرْ
حَفَّتْ بِهُـمْ نَـاسْ لَوْفَا اعْبِيـدْ وُلْحْـرَارْ
نَزْلُوا افْبَابْ افْتُوحْ فَالْقَلْعَة وَنْـوَاوْ الأَجَــرْ
وجْزَمْهُمْ الْوَقْـتْ مَا ابْقَـى لَلْمَحْتَالْ اشْوَارْ
وَالْحَاجْ الطَّالْبْ(45) فاضْ بَحْرُ وَدْفَقْ بَجْوَاهَرْ
وَتْهَيَّأْ لَلْمِيـزْ وَالسّْفَرْ بَالْمَــالْ وُلَجْـوَارْ
وَالدّْوِيدَرْ(46) مَعْلُومْ بَالشّْجَاعَة فَالْهَيْجَا بَاتَـرْ
يَتْقَدَّمْ قُدَّامْ الرَّكْـبْ وَيْهَـدّْ اللِّي جَــارْ
وَالْفَرْسَـانْ امْحَرّْبِينْ وُمِيرْ الْحَجّْ (47) الْغَازَرْ
يَتْقَدَّمْ يَا صَاحْ اللَّكْحَـارْ مَا هَزُّ كُـــدَّارْ
وَشْنَادَقْ (48) فَألْحَرْبْ رَبْيَة فَكْتَافُو تَتْسَاخَـرْ
وُمَمَالَكْ وَعْلُوجْ زَاعْمَة وَالْحُــرَّاسْ اكْثَـارْ
وَمْدَافَعْ وَكْبَارْ الطُّبْجِيَّة (49) عَنْهُمْ تَتْعَابَــرْ
وَفْرَاسَنْ عَنْهَا ايْكَلْ مَنْهُ شَاعَرْ عَيَّــــارْ
وَالْمُخْبِرْ (50) اعْلَى امْطِيْتُو حَامَدْ شَاكَرْ ذَاكَرْ
قَابَضْ شُورُ ابْلَقْوَامْ وَيْطِيرْ امْـعَ لَطْيَارْ (…)
أضف إلى ذلك قصائد الورشان(51) التي يبعثها الشاعر في رسالة حب وشوق لرسول الله صَ، يذكر فيها الأماكن التي يمر منها ركب الحجاج أو المحطات التي يقيم فيها… يقول الحاج إدريس الحنش في قصيدة الورشان من فاس إلى المدينة المنورة وحربتها:
هَاكْ اكْتَابِي يَا حْمَـامْ لَلْمْدِينَـــة
مَنْ أَرْضْ فَاسْ سِيـرْ اتْزُورْ الْمَدَنِي
(...) اخْرُجْ مَنْ بَابْ افْتُوحْ شُورْ لْقَبْلَة
سَهَّمْ عْلَى سْبُو وَانْتَ فَارَحْ سَالِي
فُوتْ الْعَسَّـالْ مَنْ سْبُـو وَتْعَـالـى
سَهَّمْ عْلَى السّْهِيبْ افْتَلْتْ الْيَالِـي
يَلْقَاكْ الصَّفَّـاحْ وَالشّْعَابْ ايْمِينَــا
خَفّْ لَجْنَاحْ وَقْرَا شَرّْ الْعُرْبَانِــي
وَاشْرَبْ فِي عُقْبْ النّْهَـارْ مَنْ لَعْوِينَة
لَمْكَنّْيَة ابْعِينْ الطَّينْ افْلَوطَاني (...)
ب – الْمَحْمَــل(52)
وعندما يصل الركب المغربي إلى القاهرة ينضم إلى المحمل المصري الذي وصفه الزياني ووصف مظاهر الاحتفال به. ولم يفت شعراء الملحون وصف هذا المهرجان الاحتفالي الكبير وما اشتمل عليه المحمل من كسوة الكعبة المشرفة، وفاخر الحلي والحُلَل... يقول الحاج عمر المراكشي في قصيدة المحمل التي حربتها:
يَا رَبِّي بِكْ لِيكْ كَمَّلْ بَالْخِيرْ اعْلِـيَّ
مَكَّة نَنْظَرْهَا ايْزُولْ كَرْبِــــي
اللاَّيَمْ لاَ تْلُومْنِي كُفّْ اللُّومْ اعْلِــيَّ
نَتْهَى اللاّيَمْ لاَ اتْزِيــدْ عَجْبِـي
مَا نَكْوِيتِي وْلاَ انْظَرْتِي فَرْجَاتْ زْهِيَّـة
افْمَصْرْ تَمَّ زَالْ كَرْبِـــــي
يَوْمْ الْمَحْمَلْ ايدُوزْ لاَبَسْ كَسْوَة عَكْرِيَة
حُسْنْ ابْهَاهْ مَنْ ابْعِيدْ يَسْبِـــي
بَحْلِي وَحْلَلْ وُلَتْفَاتْ وَجْوَامَرْ ذَهْبِيَـة
عَنْ ذَا مَا صَالْ بِهْ عَرْبِــــي
مُوبَّرْ لَكْتَافْ قَصّْتُو تَنْبَاكَنّْ اثْرِيَّـــة
وَمْجَادَلْ لَحْرِيـرْ فَاشْ امْغَبِّــي
بعد هذا، لا يغفل عن ذكر المزارات والأماكن والمحطات التي يجتازها المحمل المصري والركب المغربي انطلاقا من القاهرة إلى أن يصل إلى مكة، حيث توضع الكسوة على ظهر الكعبة...
مَنْ سُوقْ السُّوق يَنْتَقْلْ وَالنُّوبَة حَرْبِيَة
وَجْيُوشْ الْمَصْرِي امْعَ الَمْغَرْبِي
(...) زَارْ الْحُسِينْ وَلْدْ الْمَاجَدْ خَيْرَ لَبْرِيَة
مَنْ بِـه ازْدَادْ شُوقْ حُبِّــي
(...) الْبَابْ النَّصْرَة الْبَرْكَة ايْقَدْمُوا فَعْشِيَة
فَجْيُوشْ حَـارْ شْعَاعْ هَذْبِـي
مَنُّو الْرُوسْ النّْوَابَرْ يَامَنْ هُو فَاهَـــمْ
وَادْ التِّيهْ مَعْلُومْ ابْلَعْلاَمَـــة
مَنُّو رَاحُوا لَلنَّخْلْ بَالْفْرْحْ وُلَكْرَايَـــمْ
مَنْ بَعْدْ مَعْطَـنْ لَحْكَامَــة
لَمْكَنِّي بَزْعَلْكَا وُمْسَمِّي فَلْقَــــادَمْ
مَنُّو سَارُوا مَالْهُــمْ قَامَــة
اسْطَحْ الْكَعْبَة وَصْلُوا رُكَّابْ وُرَجْلِيَــة
ذَاكْ الْهَاذَا امْـدَرْبِــي (...)
وتتعدد الأمثلة والنماذج في موضوع الرحلة الحجازية في الشعر الملحون، إلا أن ما يجب الإشارة إليه هو إمكانية مقارنة قصائد المرحول والورشان والمحمل مع كتب الرحلات(53) ونصوص الرحلات المنظومة في الموضوع(54).
تسجيل الأحداث والوقائع
لم يكتف شعراء الملحون بتدوين أحداث ووقائع مطلع القرن العشرين، بل تفاعلوا مع ماجرياتها، مسجلين ومعلقين على كل شاذة وفادة بأسلوب نقدي تحليلي... ذلك ما سنلاحظه من خلال:
أ – البيعـة الحفيظيـة
كثيرة هي الكتابات التاريخية التي تطرقت للبيعة الحفيظية، سواء باللغة العربية أو باللغات الأجنبية(55)، حيث ركزت على موقف النخبة منها، وأثبتت فتوى علماء فاس في النازلة العزيزية(56). أما موقف العامة – التي كان لها دور فعال في الحدث، وخاصة الحرفيين – فقد عبر على لسانها الشيخ هاشم السعداني(57) بقصيدة يعرض فيها الحيثيات والظروف الزمانية والمكانية والكيفية التي تم بها عقد بيعة أهل فاس (فاتح ذي الحجة 1325 / 5 يناير 1908)، هذه البيعة التي جاءت متأخرة بأربعة أشهر على قيام المولى عبد الحفيظ (بيعة مراكش، 6 شعبان 1325 / 1907) والتي نصت على عدة شروط من بينها، حماية بيضة الإسلام، والحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها بالدعوة إلى الجهاد... وقد تضمنت القصيدة كذلك، الدعاء للسلطان المولى عبد الحفيظ، منوهة بكفاءته العلمية وبشجاعته وإقدامه، مبتهلة إلى الله أن يكمل رجاءه للذود عن حوزة الوطن وهذه حربتها:
الله ايْدُوَّمْ الْعَـزّْ وَالنّْصْـرْ وَالْفَتْحْ الْمُبِينْ للَّهْمَامْ الْحَسَانِي
السُّلْطَانْ الْمَخْصُـوصْ بَالْعْنَايَة مَوْلاَيْ حْفِيــــدْ
(...) عَزْلُوا مَنْ ضَلْ وْلاَ ادْرَى ايْدَبَّرْ أَمْرَ لَعْبَادْ بَالشَّرْعْ يَالَخْوَاني
نَظْرُوا إِمَامْ افْضِيلْ عَدْلْ تَقِي عَالَمْ امْجِيــــــدْ
ايْقُومْ بْأَمْرْ الدِّينْ بَالسّْيَاسَة وُلْعْقَلْ الرَّاجَحْ لَفْطِينْ وُدَهْقَانِي
اجْتَمْعَتْ كَلْمَتْهُمْ بَالنّْصَرْ لْمَوْلاَيْ حْفِيــــــدْ
عَقْدُوا لُو الْبَيْعَة فْ «كَطْ»[29] قَعْدَة فَضْرِيخْ إِمَامْ غَرَبْنَا نُورْ عْيَانِي
أَبُو الْعَلاَء ادْرِيسْ بَنْ ادْرِيسْ رَاهْ الله اشْهِيــــدْ
مَنّْ عْلِينَا الْمَوْلَى لَكْرِيمْ قَامْ لأَمِيرْ الْعَالَمْ الشّْرِيفْ الرَّبَّانِي
َبالْعِلْمْ اللَّدُنِِّي احْمَاهْ رَبِّي مَا مْثْلُو سِيــــدْ (...)
كَمّْلْ يَامَوْلاَنَا ارْجَا الأَمِيرْ يَامَرْ ابْلْجْهَادْ جَمْعْ الْبُلْدَانِي
يَغْـزِي الْكُفَّارْ الطَّاغِيينْ وْيْبَدّْدْهُمْ تّبْدِيـــــدْ
إلى أن يقول مؤرخا قصيدته:
تَارِيخْ الْحُلَّة عَامْ «كَهْ نَشْرَ»حْ «لَكْ» [1325] فَنْظَامْ قَيَّدْ فِي عَلْوَانِي
فَتْمَامْ القَعْدَة هَاكْهَا اعْرُوسَة بَالْحُسْـنْ اتْمِيـــدْ
وفي قصيدة ثانية موضوعية بعنوان: «سبب النصر» لنفس الشاعر، تطرق فيها بكثير من التفصيل والتدقيق للأسباب التي مهدت لعقد البيعة الحفيظية، واصفا الحالة التي كانت عليها مدينة فاس قبل وبعد عقدها، مشيدا بالدور الذي لعبه العلماء في هذه النازلة وإجابتهم عن سؤال في شأن السلطان المولى عبد العزيز، وجهه لهم ممثلو سكان فاس بزعامة ابن الوافي(58)، تقول حربة القصيدة:
جَادْ رَبِّي عَطّْفْ عَنَّا امْكلَّـعْ الضِّيـمْ
سِيدْنَا مَوْلاَنَا إدْرِيسْ تَاجْ لَكْــرَامْ
اسْفَرْ تَاجْ لَكْرَامْ عَنْ اسْعِيدْ الْكَــفّْ
وَطْلَـبْ نَعْمْ لَكْرِيمْ فَاللُّطْفْ الْخَافِي
وَعْطَاهْ اللَّه كِيفْ يَبْغِي يَتْصَـــرَّفْ
يَدْرَكْ نُورْ لَسْلاَمْ لاَ يَضْحَى طَـافِي
وَبْرَزْ لَمْنَاهَجْ الصّْلاَحْ ابْنَ الْوَافِـي
ثم يواصل في وصف الحالة:
قَامَتْ الدَّنْيَا وْلاَحَدْ كَانْ يَعْــرَافْ
زَالَتْ ارْسَامْ المُلْكْ وَلاَ ابْقَاتْ كُلْفَة
وْرَاجَتْ الْقُومْ وُسَامْ قَلْبْهُمْ تَرْجَـافْ
وْلاَ اتْهَنَّى تَاجْـرْ وَلاَ اخْدِيمْ حَرْفَة
وفي الأبيات الأخيرة نستشف الحس والوعي التاريخيين لدى الشاعر السعداني حينما يقول بصفته شاهد عيان:
خَبَّرْتْ افْحُلْتِي كَمَـا رِيتْ وَسْمَعْتْ
وَالْعَاقَـلْ مَا اخْفَاهْ قَصْدْ الْمَعْنَـاتي
وَالْجَاهْلْ مَا يْلُ ادْرَى لَتْقَاتِـي
كُـلّْ مَا شَفْتْ انْقُولْ فِي اطْرِيزْ لَبْيَاتْ
لَكِنْ الُقُولْ ابْلاَ حُجَّة اكْهِيبْ وَمْقِيتْ
دُونْ تَوْضِيحْ ايْفْهْمُوا فَاللّْغَا الدُّهَـاتْ
كُلْ لَفْظَة تُنْبِي عَنْ مَا اخْفِيتْ وَطْوِيتْ
(...)
ب – السلطان المولى عبد الحفيظ والحماية:
عبر السلطان الحفيظ عن موقفه من الحماية والحماة وخصوصا المحميين الذين تلاعبوا بمصلحة البلاد، مقابل مصلحتهم الشخصية، فلم يقوموا بما تفرضه عليهم آصرة الدين والوطن، فعاتوا في الأرض فسادا. ولم تنلهم – مع الأسف – الأحكام والعقوبات... وكان تعبيره عن موقفه نثرا بمخطوطته: داء العطب قديم(59) وشعرا بعدة قصائد فصيحة(60)، ولكن لا تكتمل صورة وحقيقة الموقف الحفيظي من خلال نثره وشعره الفصيح، إلا بالإطلاع على شعره الملحون ودراسته والذي أفرغ فيه ما كان يعتمل في نفسه وقلبه وعقله، ألما وحسرة على من باعوا دينهم بدنياهم، وتقاعسوا في أمر الجهاد. وعلى من تقوَّلُوا فيه والمتجنِّين عليه، فنعتوه بالخيانة والمضاربة بالمصلحة العليا للوطن. يقول السلطان العالم الشاعر المولى عبد الحفيظ في أول قصيدة افتتح بها ديوانه المطبوع على الحجر وحربتها:
بَالنّْببي وَاصْحَابُو وَكْرَامْهَا وُلْفْضَـالْ
غِيثْ هَاذْ الْغَرْبْ وَطْرَدْ كُلّْ ضَالِـي
هَكْذَا حَالْ الْوَقْتْ وُمَا اخْفَاكْ مَقْوَالْ
وَطْبَايَعْ الْخَلْقْ اقْضَـاتْ ابْلَهْوَالِـي
وَالدِّينْ ابْغُرْبَة نَكْسَاوُزَادْتُو اوْحَــالْ
وَاللِّي يَتْعَفَّفْ يُدْعَى بَالْمْحَالِي (...)
ضَاقْ مَذْهَبْ الْحَقّْ وُبَانْ كُـلْ مُخْتَالْ
كَانْ يَرْصَدْ الْوَقْتْ الْذِي ايْكُونْ تَالي
مَا اوْفَاوْ ابْوَكَدْ لَعْهُودْ نَاسْ لَجْيَــالْ
وَلاَ ادْعَاوْ الْحُرْمَة لَحْفَادْ وْلَقْيَـالِي
حَالْهُمْ انْمَثَّلْ حَرْبَة افطَرْزْ لَفْعَـــالْ
مَا اتْكِيدْ تَجْبَرْ ارْجَالْ ابْلَمْعَالــي
اتْشُوفْهُمْ افْتَقْوِيمْ الْجَسْدْ نّاسْ عُقَّـالْ
حِينْ يَنْطَقْ اتْظْنّْ امْثِيلْ الْبَرْتْقَالِي (...)
(...) مَا سَمْعُوا بْالحْدِيثْ مَا فَقْهُوا تَنْزيلْ
وَلاَ يَدْريوْا فَنْ مَعْنَـى افْتَرْتِيــلا
نَحْكِيهُمْ كَحْمِيـرْ بَحْمُـولْ اثْقِيلَــة
غَرّْهُمْ الشِّيطَـانْ اوْلاَ ادْرَاوْ لَمْـــآلْ
وِيلْهُمْ مَا سَمْعُوا مَا فَاتْ افْلَجْيَـالِي
زَادْ لْهُمْ حُبَّانْ فَلْفَانيَـة فْالأعْمَـــالْ
مَا اقْرَاوْ الْحُرْمَـة لَلنَّايَـرْ بْلَقْوَالي(61)
تلك بعض النماذج من قصائد الملحون، في مواضيع مختلفة من تاريخ المغرب وحضارته، حاولت من خلالها تبيان مدى توازي وتكامل هذا اللون من الأدب الشعبي مع النصوص التاريخية وإبراز أهميته وقيمته في إغناء البحث التاريخي.
هوامـــش
(1) محمد المنوني، المصادر العربية لتاريخ المغرب من الفتح الإسلامي إلى العصر الحديث، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1983، الجزء 1، ص. 8.
(2) منها:
- الأطروحة الرائدة لعميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري، الزجل في المغرب، القصيدة، نشر مكتبة الطالب، مطبعة الأمنية، الرباط 1970.
- رسالة جامعية لنيل دبلوم الدراسات العليا للأستاذ الباحث منير البصكري، الشعر الملحون في أسفي، جمع ودراسة، تحت إشراف د. عباس الجراري، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1988. وقد نشرتها مؤخرا مؤسسة دكالة – عبدة للثقافة والتنمية، ط. 1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2001.
- رسالة جامعية لنيل دبلوم الدراسات العليا للأستاذ الباحث عبد الإله جنان، شاعر الملحون الشيخ أحمد بنرقية الأزموري، دراسة لشعره تحت إشراف د. عباس الجراري، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1996.
- Abdelaziz AMAR, Le personnage de la femme dans la poésie marocaine d’expression arabe dialectale : LMALHOUN, sous la direction de Mr. Etienne PIETRI, co-directeur Mr. Georges KASSSAI, Université de la Sorbonne Nouvelle – Paris III – 1990.
دون إغفال العديد من البحوث على مستوى الإجازة في الأدب العربي والفرنسي والإنجليزي نوقشت في مختلف الكليات المغربية.
(3) المتمثلة في نشر العمل الضخم الذي أنجزه الأستاذ الكبير المرحوم محمد الفاسي، معلمة الملحون، صدر منه لحد الآن ثلاثة أجزاء ما بين 1986 و1997. والجزء العشرون مقدم: مائة قصيدة وقصيدة في مائة غانية وغانية سنة 1997.
(4) للأستاذ المقتدر عبد الله شقرون، الشعر الملحون في الإذاعة. فصلة مستخرجة من كتاب: الأدب الشعبي على أمواج الإذاعة، منشورات اتحاد إذاعات الدول لعربية، تونس 1987. وقد صدر مؤخرا في طبعة جديدة تحت عنوان: نظرات في شعر الملحون، منشورات الملتقى، ط. 2، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2000.
- للأستاذ الباحث عبد الرحمن الملحوني، ديوان الملحون، وهي سلسلة أبحاث ودراسات في القصيدة الزجلية، صدر منها خمسة أعداد منذ سنة 1990.
ثم سلسلة ثانية: من أعلام الملحون – 1 –
الكتاب الأول: شاعر مكناسة الزيتون الشيخ عبد القادر العلمي، مطبعة بابل، الرباط 1992.
- للأستاذ الموهوب الحاج أحمد سهوم، الملحون المغربي، منشورات شؤون جماعية، ط. 2، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1993.
- للأستاذ الباحث الحسن عبيلات، الشعر الشعبي عند أولاد جلال، إقليم طاطا كنموذج، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1995.
- للأستاذ الباحث أحمد بوزيد الكنساني، تاريخ الزجل الشعبي بتارودانت: الملحون، منشورات عكاظ، الرباط 1993.
- الكفيف الزرهوني، ملعبة الكفيف الزرهوني، تقديم وتحقيق الدكتور محمد بن شريفة، الطبعة الملكية، الرباط 1987.
- للأستاذ الدكتور عبد السلام شقور، ديوان أبي الحسن علي شقور، ط. 1، مطبعة الطوبرس 2000.
- وديوان الحراق، لسيدي محمد بن محمد الحراق الحسني الذي نشر ووزع بمبادرة مكتبة المعارف، مكناس، بدون تاريخ.
(5) ابن خلدون، المقدمة – ابن عسكر، دوحة الناشر – الضعيف، تاريخ الضعيف – المهدي الفاسي، ممتع الأسماع – القادري، نشر المثاني – الناصري، الاستقصا – ابن زيدان، الإتحاف – كنون، النبوغ – ابن إبراهيم، الأعـلام – المنوني، ركب الحاج المغربي ومظاهر يقظة المغرب الحديث – عبد الله الجراري، شذرات تاريخية – الزعفراني، ألف سنة من حياة اليهود بالمغرب...
- L. BRUNOT, La mer dans les traditions et industries indigènes…, A. LAROUI, Les origines sociales et culturelles…, H. ZAAFRANI, Mille ans de vie juive au Maroc…
(6) محمد المنوني، ركب الحاج المغربي، مطبعة المخزن، تطوان 1953، ص. 16.
(7) محمد زنيبر، «أمثال الأندلس»، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، ع. 1، س. 1، يناير 1977، صص. 251-271.
(8) من الأولياء المتصوفين الزجالين الذين نظموا الملحون:
عبد الرحمن المجذوب – امحمد الشرقي – أبو عبيد الشرقي – محمد بن يحيى البهلولي – عبد الله بن محمد الهبطي – أحمد بن خضرا – عبد الوارث الياصلوتي – محمد بن ريسون – أحمد بن علال الشرابلي – عبد القادر العلمي – محمد الحراق – أبو الحسن علي شقور...
- من السلاطين والأمراء:
المولى عبد الله بن اسماعيل – ولده سيدي محمد بن عبد الله – المولى عبد الرحمن بن هشام – ولده سيدي محمد بن عبد الرحمن – المولى عبد الحفيظ – الأمير زيدان بن السلطان المولى إسماعيل – الأمير المامون بن السلطان المولى الحسن الأول.
- من الأدباء والمؤرخين:
الوزير محمد بن إدريس العمراوي – السي التهامي المدغري – الحاج إدريس الحنش – المؤرخ محمد بن عبد السلام الضعيف الرباطي – المؤرخ أحمد بن خالد الناصري السلوي.
(9) محمد المنوني، «الكناشات المغربية ودورها في الكشف عن الدفائن التاريخية»، مجلة المناهل، ع. 2، س. 2، مارس 1975، صص. 196-232.
(10) انظر ترجمته:
- محمد بن عسكر، دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر، تحقيق: محمد حجي، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، ط. 1، الرباط 1976، ص. 75-76.
- أحمد بن المهدي الغزال، النور الشامل في مناقب فحل الرجال الكامل سيدي امحمد بن عيسى، ط. 1، مطبعة الصدق الخيرية، مصر 1348.
- أحمد بن المهدي الغزال، المختصر في ذكر نسب ومشايخ وبعض مناقب منبع الأسرار... سيدي امحمد بن عيسى، ط. 2، تونس 1349.
- المؤرخ مولاي عبد الرحمن بن زيدان، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، ط. 2، مطبعة إديال، الدار البيضاء 1990، الجزء 4، ص. 11-21.
- René BRUNEL, Essai sur la confrérie religieuse des Aïssaoua au Maroc, Editions Afrique-Orient, 2ème Ed., Casablanca 1988, pp. 15-61.
(11) ابن زيدان، الإتحاف، م. س.، ج. 5، ص. 232.
(12) محمد الفاسي، معلمة الملحون، تراجم شعراء الملحون، ج. 2، ق. 2، ص. 279-280. مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة «التراث»، الهلال العربية للطباعة والنشر، الرباط 1992.
(13) شاعر غير السي التهامي المدغري، ازداد عام 1215 هجري وتوفي عام 1286 هـ. كان من ندماء السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن، ويقال إن كثيرا من الشعر المنسوب إليه، كان في الحقيقة من نظم السي التهامي المدغري الشهير... محمد الفاسي، المعلمة، تراجم، م. س.، ص. 240.
(14) انظر ترجمته:
- أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق وتعليق: جعفر ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء 1956، الجزء 9، ص. 110-127.
- ابن زيدان، الإتحاف، م. س.، ج. 3، ص. 366-577.
(15) A. - R. DE LENS, «Les Arts Indigènes au Maroc», in Les Arts et les Artistes, Numéro spécial sur : Le Maroc Artistique, Septembre 1917, pp. 30-46.
للمزيد، انظر مساهمتنا:
«الفن المعماري الديني في الشعر الملحون، الأضرحة نموذجا»، ضمن أعمال ندوة العمارة في الحضارة المغربية التي نظمتها شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة القاضي عياض، مراكش، أيام 10 و11 و12 نونبر 1994.
(16) جعفر بنعجيبة، «كلمة الدوحة»، مجلة الدوحة [المغربية]، ع. 4، س. 2، 1998، صص. 7-10. وقد أصبح علم الأنساب الهواية الثانية بعد رياضة البيزبول الأكثر شعبية في أمريكا، حيث يذهب الأمريكيون إلى مركز تاريخ هجرة العائلات الأمريكية، مكتبة جزيرة أيليس ELES بحثا عن جذورهم (مراسلة بثتها قناة الجزيرة الفضائية في برنامج مراسلو الجزيرة، بتاريخ 17 غشت 2001).
(17) انظر ترجمته في:
- عبد الحفيظ الفاسي، معجم الشيوخ المسمى رياض الجنة، فاس 1350، ج. 2، ص. 121.
- د. عباس الجراري، الزجل في المغرب، القصيدة، نشر مكتبة الطالب، الرباط 1970، صص. 656-657.
- عبد القادر زمامة، «الشاعر إدريس السناني الحنش»، مجلة تطوان، ع. 11، 1971، صص. 123-136.
- محمد الفاسي، المعلمة، تراجم، م. س.، صص. 173-176.
(18) أحمد بن المهدي الغزال، مختصر، م. س.
(19) عبد الله بن الطيب الوزاني، الروض المنيف في التعريف بأولاد مولاي عبد الله الشريف، عرض وتقديم: د. عبد الله المرابط الترغي، مجلة دعوة الحق، ع. 309/310، س. 36، أبريل، ماي 1995، صص. 143-163.
(20) الشيخ أبو إبراهيم العُمَري، من سلالة الخلفية عمر بن الخطاب، كان رئيسا لركب الحج، وهو الذي استدعى المولى الحسن الداخل إلى المغرب وصاهره... انظر:
- محمد الصغير الإفراني، نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي، تقديم وتحقيق: عبد اللطيف الشاذلي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1998، صص. 412-414.
- الناصري، الاستقصا، م. س.، ج. 7، صص. 5-12.
(21) أحمد بن عبد العزيز العلوي، الأنوار الحسنية في الأنساب المحمدية، تقديم وتحقيق: عبد الكريم الفيلالي، نشر وزارة الأنباء، الرباط، بدون تاريخ، صص. 55-74 ومابعدها...
(22) محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، تحقيق: محمد حجي وأحمد التوفيق، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، سلسلة تراجم (3)، الرباط 1977، ج. 1، صص. 30-31.
(23) أبو القاسم الزياني، الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا، حققه وعلق عليه: عبد الكريم الفيلالي، نشرة وزارة الأنباء، الرباط 1967، صص. 419-422. فضلا عن نزهة الحادي للإفراني سابق الذكر وكتابه روضة التعريف بمفاخر مولانا إسماعيل بن الشريف، مطبوعات القصر الملكي، المطبعة الملكية، الرباط 1962، صص. 11-14 وما بعدها.
(24) أو جمهور الأولياء، مصطلح يطلق على بعض القصائد التي تمدح مجموعة من الأولياء الصالحين... انظر: د. عباس الجراري، معجم مصطلحات الملحون الفنية، مطبعة فضالة، المحمدية 1978، ص. 17.
(25) محمد بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، طبعة حجرية، فاس 1316 هـ. للمزيد، انظر: محمد بن عيشون الشراط (1109 هـ-1697م) الذي ينسب له كتاب: الروض العطر الأنفاس بأخبار الصالحين من أهل فاس، دراسة وتحقيق: زهرا النظام، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، سلسلة رسائل وأطروحات، رقم 35-1997.
(26) هناك منظومة للمدرع خصها لصلحاء فاس، انظر: ليفي بروفنصال، مؤرخو الشرفاء، تعريب: عبد القادر الخلادي، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، سلسلة التاريخ (5)، الرباط 1977، ص. 221.
(27) عدة تراجم لأولياء وصلحاء مكناس متفرقة في ثنايا أجزاء الإتحاف الخمسة.
(28) الوزير محمد بن إدريس العمراوي، الدعوة المجابة بجاه أهل الخير والنجابة، نظمت عام 1250 هـ. توجد في خزانة خاصة. هناك تعليق على هذه المنظومة / الأرجوزة لشيخ الجماعة بمكناس، محمد بن الحسين العرائشي، مخطوطة الخزانة الحسنية، الرباط، تحت رقم 2806.
(29) ترجم له الكثير من الكتاب والمؤرخين والباحثين. انظر: محمد أمين العلوي، «سيدي قدور العلمي وزاويته بمكناس»، ضمن كتاب: وقفات في تاريخ المغرب، دراسات مهداة للأستاذ إبراهيم بوطالب، تنسيق: عبد المجيد القدوري، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط، سلسلة بحوث ودراسات، رقم 27، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2001، صص. 423-446.
(30) انظر ترجمته في: محمد الفاسي، «شعراء الملحون من أهل مكناس وزرهون»، مجلة المناهل، ع. 27، س. 10، يوليوز 1983، صص. 9-36.
(31) العباس بن إبراهيم السملالي، الأعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، تحقيق عبد الوهاب ابن منصور، المطبعة الملكية، الرباط، ط. 2، 1983-1993. هناك تراجم الكثير من الأولياء والصلحاء والعلماء، ضمَّنها في أجزاء كتابه العشرة. للمزيد، انظر: محمد بن محمد بن عبد الله المراكشي الموقت، السعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية، دار الطباعة الحديثة، الدار البيضاء، ط. 2، بدون تاريخ.
(32) في مقال للدكتور حسن جلاب، يذكر فيه أن لابن إدريس العمراوي ثلاثا وعشرين قصيدة في مدح أولياء مراكش وحدها...، «التيار الصوفي في الأدب خلال العصر العلوي»، مجلة دعوة الحق، ع. 316، س. 37، يناير 1996، صص. 83-93.
(33) انظر ترجمته في:
- د. الجراري، القصيدة، م. س.، صص. 611-616.
- الفاسي، المعلمة، تراجم، م. س.، صص. 148-154.
(34) انظر ترجمته:
- العباس بن إبراهيم، الأعلام، م. س.، ط. 2، ج. 2، صص. 457-462.
- عبد الله الجراري، من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا، مطبعة الأمنية، الرباط 1971، ج. 2، صص. 20-25.
- د .عباس الجراري، القصيدة، م. س.، صص. 658-659.
- د. حسن جلاب، الحركة الصوفية بمراكش وأثرها في الأدب، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش 1994، ج. 3، ص. 64.
(35) يوجد النص الكامل لقصيدة الحداد عند: ابن إبراهيم، الأعلام، م. س.، ج. 2، صص. 460-462.
(36) انظر ترجمته في:
- د. الجراري، القصيدة، م. س.، صص. 673-675.
- الفاسي، المعلمة، تراجم، م. س.، صص. 65-67.
(37) حول القصائد التي قيلت في سبعة رجال مراكش، انظر: د. جلاب، الحركة الصوفية...، م. س.، ج. 3، صص. 43-70. ومن الشعراء المعاصرين الذين نظموا في نفس الموضوع:
- الشيخ عمر بوري الروداني:
يَا رْسُولْ عَجَّلْ بَالسّْفَــرْ لأَرْضْ مَرَّاكَـشْ امْبَكَّرْ
سَلَّمْ لِي اعْلَى لَحْبَـــارْ هَلْ الْيَضْمَـــــارْ
أهْـلَ الله الصَّالْحِيـنْ نَــاسْ لَمْزِيَّـة
- الشيخ مولاي إسماعيل العلوي السلسولي:
تَارِيخْ وُمَجْدْ بَهْجَة مَشْهُــورَة عَرُوسَة النَّخْـلْ مَسْــرُورَة
ضَاحْكَة مَرَّاكَشْ تَعْجَبْ كُلْ زَايَرْ يَرْجَعْ لِهَا ابْـلا اشْـــوَارْ
- الشيخ عبد الغني الهيري السباعي:
جِيتْ طَالَبْكُمْ ضِيفْ الله يَتْجَبَّرْ حَالِي لِيغَارَة أرِجَالْ الله سَبْعَةُ رِجَـالْ
(38) محمد الفاسي، وحي البينة، دار الكتاب، الدار البيضاء، ط. 1، 1970، ص. 68.
(39) نفس المرجع، والصفحة.
(40) الناصري، الاستقصا، م. س.، ج. 8، صص. 120-121، والمنوني، الركب، م. س.، صص. 20-21.
(41) عنوان لبعض القصائد التي تصف الرحلة إلى الديار المقدسة (...) أو الرحلة التي تُشد لزيارة بعض الصالحين (...) أو الرحلة من مدينة إلى أخرى، وتحمل السلام (...)، د. الجراري، المعجم، م. س.، ص. 46. وعند المرحوم محمد الفاسي في المعلمة، معجم لغة الملحون: المرحول: ناقة أو جمل، ج. 2، ق. 1، ص. 114.
(42) انظر ترجمته في:
- د. الجراري، القصيدة، م. س.، صص. 619-620.
- الفاسي، المعلمة، تراجم، م.س.، صص. 91-93.
(43) جاء في كتاب الاستقصا، ج. 8، صص. 120-121:
«فوجه السلطان ولده المذكور [المولى إبراهيم] في جماعة من علماء المغرب وأعيانه، مثل الفقيه العلامة القاضي أبي الفضل العباس ابن كيران، والفقيه الشريف البركة المولى الأمين بن جعفر الحسني الرتبي، والفقيه العلامة الشهير أبي عبد الله محمد العربي الساحلي وغيرهم من علماء المغرب وشيوخه...».
(44) هم أغنياء فاس وأعيانها.
(45) هو الحاج الطالب بن جلون، رئيس الركب الذي حج فيه الأمير المولى إبراهيم بن السلطان المولى سليمان عام 1226. محمد المنوني، الركب، م. س.، ص. 15. وعن أمراء الفاسي، انظر نفس المصدر، صص. 30-32.
(46) شخص قوي شجاع ومقدام، يقوم بحماية الركب وهو رئيس الفرسان والحراس ورجال المدفعية، وهو غير ما ورد عند الحسن الوزان، وصف إفريقيا، ترجمة: محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1983، ط. 2، ج. 2، ص. 226، والهامش رقم 70. انظر: الزياني، الترجمانة الكبرى، م. س.، ص. 210.
(47) أمير الحج / أمير الركب / شيخ الركب / رئيس الركب، انظر:
الحسن الوزان، وصف إفريقيا، ن.