جامعة أبي بكر بلقايد . تلمسان
كلية العلوم العلوم الإنسانية والاجتماعية
يوم الأربعاء : 09 جوان 2013 بقاعىة المحاضرات – كلية العلوم الإنسانية
والاجتماعية – القطب الثاني
- لقاء فكري مع المفكر الجزائري ( محمد شوقي
الزين ) تحت عنوان : " الثقافة والفلسفة ... ثنائية منسية أو علاقة ملتبسة
".
يعدّ شوقي الزين من الباحثين المنشغلين
والمحتكين بفلاسفة الاختلاف وما بعد الحداثة ، وهذا الاهتمام أتاح له فرصة الاضطلاع
على الفلسفة العرفانية (أمثال ابن عربي ) من بعدها النقدي المعاصر. أما
ما يتعلق بموضوع اللقاء ( الثقافة والفلسفة ) فكان سبب انشغاله على ذلك هو غياب
الطرح الفلسفي بشكل واضح عن الثقافة ( أي فلسفة الثقافة ) حيث قدم نماذج عن
المفكرين العرب الذين اهتموا بموضوع الثقافة ، فيرى أن " مالك بن نبي"
كانت له نظرة تاريخية و سوسيولوجيا إلاّ
أنه لم يتطرق إلى فلسفة الثقافة ، وأيضا " عبد العزيز الحبابي " في
كتابه ( من المنغلق إلى المنفتح ) التي
كانت – في حد قوله – عبارة عن شذرات
واقتراحات لم تبلغ مستوى فلسفة الثقافة ، وهذا ما جعله ينشغل حول هذا الموضوع
لإعطائه بعد فلسفي محض من خلال تحضيره لتأليف كتاب حول " الثقافة والفلسفة
" .
لقد قدّم محمد شوقي الزين ثلاثة أبعاد تساعد
على دراسة الثقافة وهي : 1- سوسيولوجية
الثقافة : حيث يرى أن الفن يحمل أكبر معنى لحضور الثقافة داخل المجتمع ،2- تاريخ
الثقافة : من خلال نماذج المدارس الفنية الكلاسيكية كالتكعيبية والدادائية ... ،
وميكافيلي مع الأمير ، ونماذج عن المذاهب الكلامية في الإسلام كالأشعرية ، المعتزلة ... ، 3- الدراسة
الأنغلوساكسونية للثقافة من خلال مبادئ : كالتقعيد والتهميش ، الثقافة الشعبية .
أما دراسة الثقافة من حيث هي فلسفة فيرجع
المفكر الجزائري إلى ثلاث علاقات : - علاقتها بالذات : يقدم لنا في هذه العلاقة
نموذج " كاسيريل " حينما يقول (
الطبيعة البشرية هي نص صعب ، أن نشاط الفلسفة هي تكبير هذه الحروف الموجودة في ذات
الإنسان ) ، - علاقتها بالأخر ( العالم ) : هنا يقدم نموذج " هيقل "
حينما يقول : ( الفلسفة هي عبارة عن فكرة
العالم ) ،3- علاقتها بالأداة ( الصناعة ) : يقدم نموذج "جيل دولوز"
حينما يقول : ( الفلسفة هي فن وتكوين وإبداع للمفاهيم. ) من هذه العلاقات يتوصل شوقي الزين بأن فلسفة
الثقافة هي نسيج ما ينتجه الإنسان من ذاته على صورة " خطاب " ، إضافة
بأن الفلسفة هي صورة مكبرة لفهم الذات ( يؤكد
في قوله بأنها ليست عبارة عن تصورات ميتافيزيقية أو جوهر غرائزي ؛وإنما هي
عبارة عن أثر صنعي وأداتي - إشارة إلى
الفلسفة العملية عند ميشال دو سارتو – يتركه الإنسان كبصمة في العالم )، حيث يدعم
الفكرة برؤية " كاسيريل " حول هذه الصنعة التي لا تتحدد – حسب هذا
الأخير – إلا من خلال التشكلات الرمزية ( أي اللغة ). إذا فالإنسان ، حسب كاسيريل
، لا يثبت ذاته من الثوابت وإنما من جملة المتغيرات التي تحيط به . أما عن علاقة
الفلسفة بالثقافة في وجهة نظر " جيل دولوز " تتجلى في إبداع المفاهيم في
طابعه الجدي هو موضوع الفلسفة ، وهنا تتبلور فكرة أو مفهوم الصديق للفلسفة كما أشار إليها " دولوز " في كتابه (
ما الفلسفة ؟ ),
أما ما يتعلق بالثقافة كمصطلح فيرى محمد شوقي الزين أنها لم يكن لها اسم محدد - كما
هو معروف عندنا اليوم بهذا الاسم - وإنما
كانت تتجلى في نعوت ومواصفات تعبر عنها : فحضور الثقافة عند الإغريق كان باسم (
الصناعة) ، وحضورها باللاتينية كان باسم ( الزراعة ) ، أما عند العرب فكانت
باسم ( الحداثة ) . لهذا يخلص شوقي الزين
بأن الإنسان المثقف هو الذي له علاقة جمالية بالوجود . أما الثقافة في المعجم
العربي فيرجع شوقي الزين إلى معجم " لسان العرب " فيرى أن كلمة الثقافة
تعني : الحداقة ، المفاهمة ، الشيء المسوّى ، سرعة التعلم ، ولقد ربطها أيضا في القرءان
الكريم " الحرب والصراع " من اجل الظفر بالفوز ، قوله تعالى : { إن
يثقفوكم يكونوا لكم أعداء } سورة الممتحنة : الآية 2 .
وهكذا اختتم محمد شوقي الزين
لقاءه الفكري بمقتراحات وتوصيات تساهم في النهوض بالثقافة والمثقف العربيين ،
واستحضارها من جديد بعد غياب شبه طويل من
خلال امتلاك " أدوات الصناعة النظرية " حتى تكون هناك مواكبة للثقافة
الغربية في شقها الإيجابي ، وهذا لا يكون إلا من خلال إنزال الثقافة من طابعها المجرد إلى طابعها
التطبيقي العملي حتى تكون هناك إمكانية التزاوج بين الثقافة والفلسفة .