الدولة والمجتمع، من يتحمل مسؤولية الانحطاط

بقلم عبد الباسط شرقي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

كان
يمشي في الطريق يلتهم سيجارته ويسبّ النظام، الذي ترك الشارع مليء
بالأوساخ، وبعد الانتهاء منها رماها في نفس الشارع، وواصل طريقه دون
اكتراث. كان الموظف يلعن النظام الذي لم يوفر له راتبا مناسبا وهو يأخذ
رشوة أو ''قهوة أو تشيبة'' من ذلك المواطن البسيط، الذي قال إنه وجد شخصا
يستطيع أن ينقل ابنه من مدرسة رسب فيها إلى مدرسة أخرى، مقابل مبلغ مالي،
وهو يسب النظام الذي لم يوفّر الأقسام، ليتمكن الجميع من إعادة السنة. الكل
يسبّ النظام الفاسد الذي هو جزء من المجتمع، وفساده في الواقع نتاج فساد
مجتمع بأكمله. أَوَليس من يشكل النظام بكل أسلاكه وإداراته وقطاعاته من
أبناء عائلات جزائرية، وقد تكون بسيطة جدا، ومن مدارس جزائرية، بل حتى من
زوايا ومن جامعات. نعم.. النظام جزء لا يتجزأ من مجتمع عليه إعادة النظر في
قيمه ونظمه وتقييمه وتربيته ودينه ومفاهيمه وأفكاره وتاريخه وأولوياته،
يجب إعادة ترتيبها والوقوف عندها مطولا. ولست هنا للدفاع عن نظام أثبت فشله
وفساده، ويتحمل جزء كبير مما آل إليه المجتمع من انحلال خلقي وأخلاقي،
بسبب سياساته الفاشلة والتي تعاقبت من الاستقلال، ب...
داية
بنظام اشتراكي لم يطبق إلا على الشعب، إلى نظام ضاق ذرعا بالاشتراكية
الصورية وبحث عن انفتاح للمال والأعمال لمصلحة من استفادوا من اشتراكية
الشعب، إلى عشرية أكلت الأخضر واليابس وضيّعت الوطن والمواطن على السواء.
فعشرية النهب والابتزاز والسرقة، واإنه كما يقول المولى عز وجل ''لا يغيّر
الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم''. إننا لا يمكن أن نغيّر واقع الفساد
ونحن ننعم فيه، ونتقبّل وجوده، فينا وفيما حولنا، بل أصبح كل فرد في
المجتمع يمارسه بطريقته، بقدر إمكانياته وحسب موقعه ومركزه أو منصبه، فمن
يسرق دجاجة من مزرعة جاره، يسرق بنكا ويسرق دولة بأكملها، ومن يخون صديقه
يخون وطنا، ومن لا يحترم اسم عائلته لا يهمه مركز وطنه، ومن يدوس على كرامة
أهله، لا يهمه كرامة غيره، ومن يضرب والديه يقتل أخوه وجاره وابن بلده..
وهكذا فالفساد ينتشر كالوباء والشعب الجزائري قد ألفه، بل أخطر من ذلك، فقد
كيّف مبادئه وأفكاره وأحكامه ومواقفه على تشجيع الفساد والترويج له،
فانقلبت موازين القيم فيه، وأصبح السارق شاطرا أو باللهجة العامية العاصمية
''محلّب'' ومن يتمسك بقيمه ومبادئه ''كافي''، الكاذب أصبح ذكيا وفطنا
والصادق الخدوم غبي و''نية مسكين''، بينما النزيه والنظيف أصبح متخلفا
واللعوب المنافق المتملّق فاهم و''يعرف صلاحو'' وضف على ذلك الكثير. لا
يمكن أن ننكر أن النظام الجزائري فاسد بكل ما لي للكلمة من عمق وبعد ومعنى،
لكن لنتوقف قليلا ونتساءل هل هذا النظام مستورد، أليسوا أبناء الجزائر من
يسلب وينهب ويسرق ويكذب في وعوده ويغالط الرأي العام.. أليسوا جزائريين
هؤلاء الذين أوصلوا بلدهم إلى الهاوية.. نعم إنهم جزائريون وكما يقول المثل
الجزائري ''كي لالا.. كي سيدي''، فالنظام والمجتمع وجهان لعملة واحدة، يجب
تنقيتها من صدئها وإلا ستتلاشى وتضمحل ثم تزول.

بقلم عبد الباسط شرقي

» عمران المدينة والمجتمع في المغرب الكبير في العصر الحديث
» الدولة الإدريسية
» تأسيس الدولة العلوية
» الدولة العلوية المنشأ والتكوين
» سقود الدولة السعدية وقيام العلويين