الحرية والمساواة في الديمقراطية. ( الجزء الأول )

في حياتنا اليومية يختلف الناس - في كل بقاع العالم - في تفسيراتهم * للديقراطية * وتضاربت تصوراتهم حولها . إلى حد أن صار كل فريق منهم يؤمن بنوع معين من تلطك التصورات التي نعتوها بالديمقراطية . وإذا أردنا أن نأصل لمعنى الكلمة : فهي يونانية الأصل مركبة من كلمتين : "ديموس " ومعناها الشعب ، و" كراتوس " ومعناها السلطة. وبتركيب الكلمتين : نجدها تعني " سلطة الحكم " أو " حكم الشعب " .وهي في لغة السياسة تقوم على مبدأ الحرية في مختلف أبعادها . لكن إن إطلاق الحرية في المجال الإجتماعي (أو الإقتصادي) بالمعنى الرأسمالي للكلمة . يجرد المبدأ السياسي الذي تقوم عليه الديمقراطية من كل معنى . وعلى هذا الأساس ، أن الحرية السياسية تتجلى منافية للمساواة الإجتماعية. وانطلاقا من كل ما تقدم : هل حقيقة الحكم الديمقرطي يكمن في ارتكازه على المبدأ السياسي أم المبدأ الإجتماعي؟ أو هل الحكم الديمقراطي السديد هو النظام الذي يوفق بين المبدأين ؟

من المعروف إن بدايات هذه الإشكالية قد بدأت مع ظهور جبهتين عظمتين بحثوا حول طبيعة الديمقراطية ونوع الحرية التي تقدمها كل جبهة للحياة الإنسانية جمعاء هما : النظام الرأسمالي و النظام الإشتراكي . فالأول يتميز بإعلان الحريات الأربع : السياسة والإقتصادية والفكرية والشخصية. حيث يكون الفرد حر سياسيا عندما تكون كلمته مسموعة ورأيه محترما في توجيه الحياة العامة للأمة . فإن هذه الحرية تقوم نظريا على ركنين رئيسيين هما : تمثيل إرادة الأغلبية في سن القوانين عن طريق الإنتخابات العامة أو عن طريق النواب الممثلين للعب وإرادته ، وإنتخاب الشعب لحكامه بواسطة التصويت . والمواطنون لا يتساوون فقط في الحقوق السياسية ، لكن هم يتساوون أيضا في تحمل عواقب المسألة الإجتماعية ، وهنا تكمن الحرية الإقتصادية . فالفرد حرا إقتصاديا عندما يكون له مطلق في كسب الثروة وتضعيفها. دون تدخل الدولة في حياته الشخصية والفكرية إلا أن حريته في هذا الموطن خاصة : تنتهي حيث تبدأ حرية الأخرين. ويفهم من تداخل هذه الحريات كلها أن الديمقراطية تفترض أن إحترام الأحزاب والشخصيات المعارضة وتؤيد حكم الأغلبية. بواسطة نواب يتولون ممارسة الحكم لفترة معينة با سم الكل ، فهذه هي أهم مبادئ الديمقراطية الرأسمالية التي ناشدتها شخصيات ودافعت عنها عدة أمم وشعوب. لا سيما الإقتصادي الإنجليزي " أدم سميث " صاحب مقولة :( دعه يعمل ، أتركه يمر .) التي تتجلى فيها كل معاني هذا النوع من الحرية. وبالرغم من حدوث فيها بعض التعديلات ، إلا أن هذه الأخيرة لم تمس سوى القشور من الديمقراطية الرأسمالية. يتبع