الوهابية نظرة تاريخية

الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة الإسلامية في الشرق الإسلامي الحديث من تأليف الدكتور جمال الدين الشيبان ,ج ,كتبة الثقافة الدينية ,ط 2، بور سعيد ,مصر .
محمد بن عبد الوهاب(1703ـ1791م) كانت بلاد العرب المركز الأول من مراكز الحركات الثقافية أو الحركات الإصلاحية التي ظهرت في الشرق الإسلامي في هته الفترة من الزمن وفي هته البلاد قام محمد بن عبد الوهاب بحركته الإصلاحية وفي الجزء الجنوبي في جزيرة اليمن قامت دعوة مماثلة من قبل الإمام الشوكاني والحركة الوهابية أولى الحركات الإصلاحية التي ظهرت في الدولة العثمانية أو بين الشعوب العربية الخاضعة للدولة العثمانية ,وستتلوها حركات إصلاحية أخرى تنبثق ي أجزاء أخرى من العالم الإسلامي بعضها مشابه للحركة الوهابية وبعضها متأثر بها وآخذ عنها وتعد هذه الحركات الإصلاحية وظهورها في إنحاء العالم الإسلامي في وقت, وتشابهها جميعا أو معظمها في صدورها عن منبع واحد وعملها لهدف واحد دليل كاف على يقظة وعي جديد في الأمة الإسلامية وإحساس بمدى ما وصلت إليه هذه الأمة من تأخر وفساد والرغبة كل الرغبة في إصلاح هذه ا الفساد, وظاهرة أخرى تميز هذه الحركة هي ظهورها في إقليم نجد, حيث انبثق نور الإسلام الأول والبيئة الصحراوية كانت أصلح البيئات في ظهور الدعوات الإصلاحية وخاصة تلك التي تدعو إلى دين جديد أو التي تقوم على أساس من الدين هذه البيئة تكون عادة بعيدة عن المؤثرات المدنية, وعن حياة الحظر التي أفسدها الانغماس في الترف : وسكان هذه البيئة يكونون عادة أكثر تقبلا لمثل هذه الدعوات الإصلاحية التي تدعوا الى التقشف والبساطة والجهاد والمثل العليا ,نشا محمد بن عبد الوهاب في قرية العينية ,وبدأ بالقرآن وأتم حفظه في العاشرة من عمره ثم تتلمذ على يد والده الشيخ عبد الوهاب فقرأ عليه الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وكان منذ صباه مشغوفا بالعلم والدراسة لا يلهو كالصبيان بل كان يقرأ كتب التفسير والعقائد والفقه ثم بدا رحلته بعد ذلك ليستزيد من العلم فذهب إلى مكة وأدى فريضة الحج ثم انتقل إلى المدينة وطوف بالبلاد المجاورة يأخذ على علمائها وشيوخها فزار الأحساء وأقام بالبصرة نحو أربع سنوات وفي بغداد خمس سنوات وانتقل إلى كردستان وأمضى بها سنة ثم رحل إلى بلاد فارس ,فزار همذان وأصفهان حيث درس فلسفة الإشراق والتصوف ثم زار مدينة قم, وعاد أخيرا إلى حريملة حيث يقيم والده وهناك استأنف الدراسة على يد أبيه وبدأ دعوته .
كان محمد بين عبد الوهاب حين وصل حريملة في 35 من عمره ,وقد تم نضجه واتسعت ثقافته واستوعب الكثير من تجاربه ومشاهداته أثناء رحلته وقد بدأت دعوته بجدال أبيه وقومه, وكان موضع الجدال الوحدانية رسالة الإسلام الأساسية, هذه الفكرة التي تدعوا إلى عبادة الله لا إله إلا هو والتي تنكر عبادة كل شيء سواه, والتي تحارب تعدد الآلهة وعبادة الأوثان والأصنام و ثم تأثر في دراسته بمذهب ابن حنبل فابوه حنبلي و وكتب هذا المذهل هي أول نما قرأ مذ طفولته الأولى, ومذهب ابن حنبل أكثر المذاهب تشددا في الرجوع الى القرآن والسنة وإنكار البدع. ص54.المستحدثة وكان محمد بن عبد الوهاب يرى في نجد أشياء كثيرة لا تتفق وهذا المذهب , ثم قد رأى في رحلته أشياء كثيرة بعدت بالمسلمين عن روح الإسلام الصحيحة ,وفصل ابن غنام تلميذ عبد الوهاب ومِؤرخه الحديث عن هذه المنكرات والبدع في كتابه ك روضة الأفكار الأفهام لمرتاد حال الإمام وأحصى القبور والأضرحة والأحجار والأشجار التي كان المسلمون يقبلون عليها ويعظمونها :وقد قدم لهذا الإحصاء بقوله إن المسلمين , قد عدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين وخلعوا ربقة التوحيد والدين فجدوا في الاستغاثة به في النوازل والحدوث والخطوب المعضلة والكوارث , وأقبلوا عليهم في طلب الحاجات وتفريج الشدائد والكربات من الأحياء منهم والأموات وكثيرا ما يعتقد النفع بالجمادات كالأحجار والأشجار ...أحدثوا من الكفر والفجور وإشراكهم بعبادة أهل القبور وصرف الدعاء لهم إلى النذور ,ومن يدع مع الله إله آخر لا برهان له بالدبين لا برهان له به فحسابه عند ربه إنه يفلح الكافرون , ثم يضرب ابن غنام المثال ,لما كان يحدث في مدن الاستلام المختلفة ويبدأ بنجد فيقول : أن أهلها كانوا يعكفون على قبر زيد بن الخطاب ويسألونه كشف الضر من غير ارتياب , وفي بليدة الفدى ذكروا النخل المعروف بالسحال ويؤتون النساء والرجال ويفعلون عنده أنكر الأفعال ويأتيه الطاعة وتأتيه المرأة التي أبطأت عن الزواج ,فتضمه بيدها بحضور ورجاء انفراج وتقول يا فحل الفحول أريد زوجا قبل الحول , وشجرة الطرفية تشبث بها الشيطان واعتلق فكان ينتابها للتبرك طوائف وفرق , ويعلقون فيها إذا ولدت المرأة ذكرا الخرق لعلهم من الموت يسلمون وفي أسفل الدرعية غار كبير يزعمون أن الله تعالى فلقه في الجبل لامرأة تسمى بنت العي الكبير فكانوا يرسلون إلى ذلك الغار اللحم والخبز , ويهذون ,أتعبدون ما تمحون والله خلقكم وما تعبدون, ثم يشير المؤلف بعد ذلك إلى ما كان يفعله المسلمون نعد قبور ميمونة بيت الحارث والسيدة خديجة وعبد الله ن عباس و إلى ما يفعل عند قبر النبي من الأمور المحرمة العظام من تعفير الخدود والانحناء بالخضوع والسجود واتخاذ ذلك القبر عيدا ...
وأما ما يفعل في جده مما عمت به البلوى فقد بلغ من الظلال والفحش والغاية القصوى فعندهم كما يقول ابنة غنام : قبر طوله ذراع عليه قبة يزعمون انه قبر أمنا حواء يجيء عنده السدنة من الأموال كل سنة مالا يكاد يخطر على بال فلا يدخل يسلم على أمه كإنسان لا مسلما دراهما عاجلا من غير توان ,أيخل احد من اللئام فظلا من الكرام , يبذل بعض الحطام ويدع الدخول علة أمه. ص56:ودعوة محمد بن عبد الوهاب لم تكن جديدة بل سبقتها قبل ذلك بنحو خمسة قرون حركة كبرى مشابهة وهي حركة تقي الدين ابن تيمية في القرن الثالث عشر الميلادي و ثم حركة تلميذه ابن القيم الجوزية .
وأدرك محمد بن عبد الوهاب كذلك أنه لا أمل في علماء الدين في الحواضر الإسلامية الكبرى كالقسطنطينية ودمشق والقاهرة فهم قد تحولوا في هذا الزمن إلى عقول جامدة, لهذا كله قدر محمد بن عبد الوهاب لكي يدرك شيئا من النجاح لدعوته لا بد به أن يتعاون مع قوة سياسية حربية, لأن النظريات العليا لا تستطيع أن تنتصر بقوتها وبقوتها وصدقها فحسب, لهذا اتصل بأمير الدرعية محمد بن سعود, وتعاهد الرجلان على الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الدين في الجزيرة العربية باللسان لمن قبلها وبالسيف لمن لم يقبلها .
وعند ذلك شعرت الدولة العثمانية بالخطر وهو بداية خروج الحرمين من يدها, فاستعانت بمحمد علي والذي أرسل جيوشه إلى الحجاز وسافر إلى هناك بنفسه وظلت هذه الجيوش تقاوم الوهابين إلي أن انتصرت عليهم واتهمت الدولة العثمانية الوهابيين بالكفر لأن أي اضطراب يصيب بلاد العرب يهدد طريق تجارتها إلى الهند وكان بعض مسلمي الهند قد اتصلوا بالحركة في مواسم الحج وبدئوا عند عودتهم إلى وطنهم يدعون دعوات إصلاحية مشابهة .

مع أن الأسلوب الذي تمت به الكتابة صعب أحيانا، إلا أنني اكملت كامل الموضوع وفهمته كاملا
شكرا للتوضيح يا أستاذة بارك الله فيك
معلومات تاريخية لا غنى عنها في معرفة تاريخ هذا التيار الديني
أضيف أن من غريب المصادفات أن تتفق طريقة صوفية مع المذهب السني الوهابي بشكل كبير
وهو ما حدث للطريقة السنوسية التي لم تخرج عن نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة للتوحيد وتخليص الدين الإسلامي من البدع والخرافات
مرة أخرى شكرا أستاذة تلمسان...

لا بد ان حقيقة الوهابية في أول أيامها كانت من اجل مبادئ الدين الصحيح
وان محمد بن عبد الوهاب لم يختص بمذهب فقهي وعقيدة دينية مستقلة
كما أن الوهابيين الآن لا يحبون أن توصف السلفية بالفرقة، أو بالتيار الديني، أو بالمذهب أو بالعقيدة
وذلك لأن السلفية فرقة سنية، ومذهب حنبلي معظمهم، وعقيدة إسلامية وسيطية

المشكل ان بعض الأتباع السلفية أو بعض المشايخ السلفية يخرجون عن السكة أحيانا ليس في اعتقاداتهم التي كا زالوا يؤمنون بها
وحاولوا أن لا يغيروها أبدا ولو قيد أنملة
ولكن بعض الآراء التي لمك تواكب العصر مثل بعض الفتاوى والتزمت مما جعلهم أوصليين بجد
لا شك أن الكثير منهم حرم الفلسفة
وحرم المنطق
ولا ينكر هذا إلا كاذب
كما ان هذا الجو الراديكالي التقليدي الذي لم يأت لنا يوما بالإبداع
جعل من السلفية تعيش الجمود والإنغلاق والانطواء، حتى أصبحت فكرا لا يواكب العصر أبدا
وهو ما يجعلها محل انتقاد من طرف الكثيرين
شكرا لكم على طرح الموضيع الممتازة
شكرا تلمسان على الموضوع المتميز

اقتباس :

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته 

أشكر كاتب الموضوع على هذا الطرح المفيد ورجائي منه أن يصحح الآية الكريمة وهي قوله تعالى :

( ومن يدع مع الله إلاها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) الآية

ولي عليه ملاحظتان:

 الأولى: نعم لقد ساعدت تلك البيئة الصحراوية على ظهور حركات إصلاحية ولكن هل تدعو إلى دين جديد غير الإسلام ؟ أم أنها إصلاح و تجديد  لما اندرس من بعض تعاليم الإسلام؟ خاصة مع ما تميزت به تلك البيئة وهي الجهل المطبق...

الآخيرة: مذهب ابن حنبل أكثر المذاهب تشددا في الرجوع الى القرآن والسنة وإنكار البدع وهذا أيضا مذهب إمام دار الهجرة و أبي حنيفة و الشافعي رحمهم الله وهي منقبة لهم و إنما زاد إنكار البدع في مذهب أحمد لفشوها وكثرتها في وقته وكثيرا ما ابتلي علماء الأمة بالسجن و التعذيب و مواقفهم مبثوثة في كتب أقرانهم و تلامذتهم ...

 والله أعلى و أعلم

بارك الله فيك أخي المقري على التوضيحات والملاحظات ، جزاك الله كل خير ومرحبا بك في منتدانا : منتدى فلاسفة ومؤرخين بحارة