يدين
سارتر الاستعمار الفرنسي في الجزائر ويفضح ما يقوم به من أسوأ أنواع
التعذيب والتخريب، وألوان السلب والنهب والاعتداء على أعراض النساء وأنواع
الانتقام من السكان المدنيين حيث الاعدام بالجملة وبلا محاكمة، ويقل سارتر:
«ان الفرنسيين يكتشفون في غمرة وحشتهم هذه الحقيقة الهائلة: إذا لم يكن
هناك ما يحمي أمة ضد نفسها، ولا ماضيها ولا اماناتها، ولا قوانينها الخاصة،
وإذا كانت خمس عشرة سنة كافية لتحويل الضحايا إلى جلادين، فذ لك لأن الظرف
وحده هو الذي يقرر. فحسب الظروف يستطيع أي كان وفي أي وقت، أن يصبح ضحية
أو جلاداً... ليست الضحية والجلاد سوى صورة واحدة، انها صورتنا». يريد
سارتر ان يحمي الأمة الفرنسية من نفسها، ويقول الدكتور أحمد عبد الحليم
عطية: «إن ما يهمنا في تحليل سارتر لنظام الاستعمار الفرنسي في الجزائر،
حيث يتوجه إلى الإنسان الفرنسي، ويحذره مما يسميه خداع الاستعمار الجديد،
الذي يتمثل في الإدعاء بأن المسألة الجزائرية مجرد مسألة اقتصادية تحتاج
إلى اصلاحات، وهي مسألة اجتماعية وسيكولوجية». وبحل هذه القضايا الثلاث تحل
المسألة وتعود من جديد الأخوة الفرنسية الإسلامية القديمة، تلك هي مهمة
فرنسا، ويجب رؤيتها على هذا النحو شريطة عدم خلط هذه الحاجات بالسياسة.
إن
سارتر يريد أن يقدم أوضح مثال عن النظام الاستعماري وهو الاحتلال الفرنسي
وهو يرفض دعوى أن يكون هناك مستعمرون صالحون وآخرون أشرار، ما دام
الاستعمار يسعى إلى تأكيد سيادته في الجزائر، هناك مستعمرون فحسب. فإذا
أدركنا ذلك، أدركنا لماذا يحق للجزائريين ان يهاجموا سياسياً وقبل كل شيء
هذا النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وكيف ان تحريرهم وتحرير فرنسا
بالذات لا يمكن ان يكون الا نهاية الاستعمار». ويرى البعض ان ثورة الجزائر
كانت حرب سارتر. لقد كان يتجنب كل الحوادث السياسية المهمة في ذلك الوقت
باستثناء حرب الجزائر التي كانت بطريقة أو بأخرى السبب الأكبر لبناء شخصيته
العظمى، كما أشار رونالد دوماس.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]