قال نعومي تشومسكي :
ان الدعوة لنظام عالمي جديد ..لم يمررها سوى راس الدولة على رغم معارضة محكمة العدل الدولية نتيجة عدم قانونية استخدام القوة ... ورغم استنكار هذه المحكمة
للحرب الإرهابية التي شنها ريجان _ بوش على نيكارجوا فان واشنطن ضربت بها عرض الحائط محتقرة اياها عبر وسائلها الإعلامية ومراكزها الفكرية على وجه العموم ....
قال نعومي تشومسكي : التحقيقيات التي اجرتها نظمة الدول الأمريكية
واللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان ... بشأن الخسائر المادية والبشرية للغزو العسكري
الأمريكي لبنما والمسئولية الأمريكية عن الاف القتلى والجرحى وعن التدمير الذي تفوق تكلفته بليون دولار .
وبينت اللجنة البنمية لحقوق الانسان وهي غير حكومية : ان الديمقراطية لا تعني اكثر
من التصويت الانتخابي بينما لا تلتفت السياسيات الحكومية الى حالة التردي التي يعيشها السكان وتزايد الفقر .. وبعد سنوات الغزو لبنما تدهور مستوى الدخل الفردي الى اقل مما كان عليه في 1985 ...
قال تشومسكي في كتابه : العنصرية والنفاق من ابرز مظاهر النظام العالمي الجديد.
الذي ساد في الاشهر القاسية من حرب العراق باسم نظامهم الجديد .
قال تشومسكي : قوة هذا المبدأ الشرعي الخادع قد انكشفت جلية فان بنما ذات الديمقراطية الجديدة المستوردة صارت الاكثر نشاطا لغسيل الأموال من تجارة الكوكايين في نصف العالم الغربي .بهدف دعم القادة الديمقراطيين الجدد الذين
اوصلتهم لحكم بنما بحسب واشنطن بوست ... وهي حقيقة قللت اهميتها واشنطن.
قال تشومسكي عن الشعب الامريكي في ظل مجتمع قليل الدراية بالسياسية فان
الرأي العام يكون مستعدا لقبول اي تصرف عنيف تجاه ما يشعر انه يهدده ولا يرى
له بديلا ...وهو منهج ارساه الرئيس الشهيرليندون جونسون حين حذر..قائلا :
ان اعداءنا يفوقوننا عددا بمقدار 15 الى 1 حيث يتربص بنا اعداء ينوون الانقضاض
علينا الاقتناص ما في ايدينا واذالم نتمكن من امتلاك القوة التي تقصفهم وتسحقهم في عقر دارهم فاننا سنكون فريسة سهلة لأي قزم تافه يهددنا بسكين صغير ...
على سبيل المثال :خلال اسوا ايام العنف الإندونيسي لاحظت وسائل الإعلام صمتا
مطبقا او اكاذيب رسمية متناقلة فحراس العفة الامريكيون والبريطانيون واتباعهم
ينهبون النفط في تيمور الشرقية مع شركائهم من الغزاة الاندونسيين ..
وذكرتشومسكي : كان الزعيم الإندونيسي سوهارتو قبل عام من غزو تيمور الشرقية
يوصف في الاعلام الغربي بالرجل المعتدل بالغ اللطف وهو نفسه الذي ارتكب اكبر
المذابح البشرية فعلى يديه تم ذبح مئات الالاف من الفلاحين المعدمين في اشهر معدودة لقد وصفت مجلة تايم الامر بحمام دم يغلي ... وتعامل الاكاديميون مع الحدث بعتباره مبررا لواشنطن لغزو فيتنام وهو ما شجع الجنرالات في اندونيسيا لتطهير تيمور الشرقية من البشر ؟؟؟
لقد كانت قواعد الاشتباك في البوسنة شديدة الصرامة بينما حدث العكس بالصومال
فخولت قوات الامم المتحدة القيام بعمليات انتقام جماعية مع وقوع خسائر فادحة
بين صفوف المدنيين هكذا يبدو الفرق جليا لانها بالبوسنة مكلفة للغرب اما الصومال
ضعيفة بالدرجة التي تسمح بمغامرة الحرب .
يقول تشومسكي : الآن اصبح المبدأ الذي يحركنا هو مصالحنا فقط ... في زمن الديمقراطية الليبرالية الذي تكتسب فيه كلمة مصالحنا ابعادا تجد جذورها في ملاحظات
سميث الجوهرية على المبدأ التشر شلي .
لقد كان الايديو لو جيون على حق حين دعموا سياسية واشنطن تجاه العراق باعتبار
ذلك ايذانا بنظام عالمي جديد .. ولعل الدرس الاول الذي تقدمه هذه السياسية
يتمثل بان امريكا لا تزال دولة خارجة عن القانون وان القانون الدولي حيلة وقناع
يضعه الاقوياء على وجوههم حين الحاجة ويحددون درجة الشفافية الملائمة لكل
حالة ...
ويوضح تشومسكي : ان النظام الجديد جديد فقط في تبينه سياسيات قديمة من الهيمنة
والاستغلال مع اختلافات شكلية عارضة بهدف الابقاء على دول وشعوب العالم في اماكنها الصحيحة التي تخدم مصالحهم .. قد تكون القوارير جديدة .. لكن الخمر هو
ذاته.... قديم معتق .
واخيرا سؤال هام : هل الحرية تعني وفق النظام الجديد ان تكون عنصريا ومنافقا؟
هل الحرية وفق النظام الجديد ان تدعم القوي وتغض البصر عما لا تطيقه النفس البشريه وتهدر دم الضعيف وتسلب ثروته باسم صناعة المفاهيم ؟
هل الحرية تعني وفق النظام الجديد ان تسحق الاخرين ليعيش من يعتقد انه الأفضل ؟
هل الحرية تقول ان فلان اليوم لطيف وغدا غير لطيف لإن المزاج والايدلوجية هي المعيار ؟
هل الحرية تجعل القانون يلبس اقنعة متعددة ؟
هل الحرية هي الانفلات من حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية حسب المواقع الجغرافية والسكان
والضعف والقوة ؟
هل الحرية فقط ما يخرج للرأي العام دون دراية ودراسة كصوت يصدح بدون فكر وتعقل .؟
هل الحرية أن تسلب ثروات دولة وتورطها ثم تدعها تتألم وتهدم في كياناتها الداخلية ؟
فالمسيح عليه السلام قال : تعرفونهم من ثمارهم ... مسيح السلام والحرية وليس كل دجال
يحمل العبارة ومنطق فعله يخالف كلماته ؟؟؟
وإذا كانت الحرية كما بينت الأسئلة الماضية فبئست هذه الحرية وبئست النفس التي تهدأ
مقابل دماء تهدر لتصل لمصالحها .. وبئست الحرية التي تعني الانفلات من قوانين الدول
لإن النسيج الدولي يرتبط ويترابط بمقومات وجودية هي الإنسانية ...والإنسانية تتقبل
الإختلاف وليس الخلاف ... الإنسانية نسيج متعدد متنوع لإن كرامة الإنسان واحترام وجوده
هو منبع التكريم والتميز بينه وبين مادون البشر .. وإلا ليعلن كلنا منا بصراحة مصالحنا قبل
إنسانيتنا...ولا نسوق كلمات اصبحت للغناء اقرب منها للقلب ...فأي كلمة مهما كانت جميلة
عندما تخالف واقعها لهي انفصام بالكلمات وربما افتقاد لنوع من البشر أنا وما بعدي لا يستحق الحياة .. هذه حضارة القرن الواحد والعشرين بين انفصام العلم والكلمات . لهي صورة قديمة
وليست جديدة اراها قصة قابيل وهايبل عندما خرج اباهما من الجنة ...فسرعان ما انقضى قابيل
على اخيه بالدم والإنسانية ليتملك ما ليس ملكه ومن هنا بدات كلمة الحرية ضيقة .
الكاتبة وفاء الزاغة