ان تحرير مقال فلسفي متلاحم العناصر، مترابط الاقسام منتظم الفقرات متماسك الاجزاء، صارم المنهجية، حسن الاستشهاد، جلي الافكار، جيد التحليل والنقاش والمحاجة، متوازن النقد والتقويم، محكم الانشاء، سلس اللغة طلي الصياغة، يستوجب:
1- قراءة القولة او التساؤل بتمعّن عديد المرات حتى الالمام بالموضوع الماما تماما وفهم المقصود منه ومراجعة النص قبل تسليمه واصلاح ما يتفطن اليه من اغلاط على ان تكون القراءة فاحصة ومتأنية، والحكم عليه بكل تجرد وبكل موضوعية وكأن ها النص هو لتلميذ لا نعرفه.
2- الابتعاد عن الغش والنقل عن الحافظة لموضوع تم حفظه مسبقا والانطلاق فقط من الذات.
3- الاطلاع الكافي على كل ابواب برنامج الفلسفة وهذا لن يكون الا بمواكبة كل الدروس مواكبة واعية ونشطة.
4- اثناء تحرير المقال يعتبر التلميذ نفسه في مقام الاستاذ، وان هذا الاخير يجهل كل شيء عن الموضوع المناقش، وعليه هو التلميذ ان يشرحه له ويحلله ويناقشه وينقده ويخرج منه باستخلاص حتى يستفيد منه الاستاذ استفادة تامة.
5- ان تكون المحاجة منطقية ومقنعة تعتمد على منهج سليم وعلى استشهادات اخذت عن فلاسفة ومفكرين كانت لهم اهتمامات بالمسألة المطروحة للنقاش وتعاملوا معها تأييدا او نقضا.
6- اجتناب الاضافات غير المفيدة والتي لا علاقة لها بالموضوع واجتناب الاطناب وترصيف المصطلحات التي هي في غير محلها.
7- للافكار خاصية التناسل من بعضها البعض ولذلك اذا ما ازدحمت الافكار عند التلميذ عليه ان يحسن اختيار المناسب منها للموضوع وان يتخلى عن بقيتها، لان اصل الموضوع هو فكرة لها عناصر متفرعة عنها.
8- ضرورة ان يكون الخط واضحا سهل القراءة وان تكون الورقات ناصعة خالية من كل ما يفسدها.
ونصيحتي لكل التلاميذ هي الاعتماد على مطالعة الكتب والمجلات المختصة في شتى مجالات المعرفة، الفلسفية منها والعلمية والادبية مع اختيار قامات العلم والادب والفلسفة كمراجع اساسية مع الاحتفاظ بالمثل الذي يؤكد على «ان اي شيء تقرأ تستفيد» لكن دون التخلي عن وسائل التعليم والتثفيف الاخرى كالانترنات والبرامج الوثائقية التلفزيونية.
وكلما اتسعت ثقافة التلميذ كلما تحسن المجال الانشائي عنده واصبح يتحكم في تحريره.
ان الهدف من تحرير المقال الفلسفي هو:
- حذق توظيف ادوات البحث العلمي من ذلك القدرة على توليد الافكار وحسن تنظيمها والربط بينها والقدرة على التحليل والتأليف والاستنتاج والاستخلاص والمحاجة الهادئة في مجال الفلسفة ثم في بقية مجالات المعرفة الانسانية اما الهدف من تعلّم الفلسفة فهو:
- القدرة على التفكير المنطقي، وكبح فوران العواطف والهيجان وعدم الالتزام الببغائي بآراء الاخرين.
- التسامح مع الرأي المخالف وترك الفرصة والمجال لكل الآراء دون اقصاء ولا تهميش ولا استنقاص
- الاعتداد بالنفس دون اعلاء من الشأن مبالغ فيه
- الاصداع بالحق مهما كانت الكوابح والمثبطات دون خوف ولا طمع في مغنم شخصي
- الالتزام في كل الحالات بالموضوعية وبالنقد البناء وبالتقويم السليم.
اما بالنسبة لتوزيع الساعات الثلاث المخصصة لتحرير المقال الفلسفي في امتحان البكالوريا ففي تقديرنا توزع على النحو التالي:
10 دقائق لقراءة الموضوع (القولة او التساؤل)
30 دقيقة لاعداد المسودة
35 دقيقة لتحرير المسودة
90 دقيقة لتبييض المقال (كتابة النص النهائي)
15 دقيقة مراجعة المقال
اما اسناد الاعداد في الموضوع الفلسفي فهو كقاعدة عامة على النحو التالي:
العنصر الاول ويتعلق بفهم التلميذ للموضوع، هل هو فهم جيد ودقيق؟ هل هو فهم متوسط؟ هل هو فهم سطحي وضبابي وضعيف؟
العنصر الثاني ويتعلق بالانشاء من حسن استعمال للنحو وللصرف وللغة ومن حسن تركيب للجمل هل هو استعمال جيد؟ ام استعمال متوسط؟ ام استعمال ضعيف؟
العنصر الثالث ويتعلق بالتحرير هل هنالك منهجية محكمة؟ هل هنالك احترام لخصوصية اجزاء المقال (المقدمة، العرض، الخاتمة)؟ هل هناك حسن ربط بين الافكار؟ هل هنالك حسن توظيف للشواهد وللامثلة؟ هل هنالك حسن تحليل ونقاش؟
العنصر الرابع ويتعلق بالحس الفلسفي؟ والموهبة عند التلميذ، التفرد باسلوب، جودة الافكار، الاضافة الحقيقة، قوة الجدال، حسن الاستخلاص والاستنتاج وطرح الاسئلة.
هامش:
هنالك توصيات خاصة من طرف وزارة الاشراف الى اساتذة الفلسفة المكلفين باقتراح مواضيع امتحان البكالوريا صيغت كالتالي:
- ينبغي ان يكون الموضوع الانشائي المقترح في صيغة سؤال او تعليق على قوله مع تجنب المقارنة بين فيلسوفين والموضوع ذي الحد الواحد وتحاشي ذكر صاحب القولة!
- أن يراعي في طرح الموضوع وضوح المعنى وسلامة اللغة ودقة المصطلحات الواردة فيه
- تجنّب المواضيع المثيرة لسرد المعلومات التي تبعد المترشح عن التفكير والاستنتاج والتركيب
- يحدد الموضوع ما يطلب من المترشح تحديدا واضحا مع تحاشي كل من التبسيط ومد المترشح بالعناصر، وعدم الاقتصار على عبارة « حلّل وناقش» مع مطالبة المترشح بالنقد وابداء الرأي.
- ان لا تكون المواضيع التي تتعدد فيها المشكلات الموغلة في الاختصاص او المتضمنة لقولة غير مترجمة بدقة.
ومن الملاحظ هنا ان هذه التوصيات هي عامة ومعمول بها في كثير من الاقطار تم اقرارها في بدايات تدريس مادة الفلسفة باللغة العربية (اكتوبر 1975) ومن الممكن ان اضافات ادخلت عليها لكنها في اعتقادنا لن تمسّ بجوهرها.
مراجع حول آليات تحرير المقال الفلسفي
من أبرز هذه المراجع التي نعتقد ان تساعد التلميذ مساعدة كبيرة في فهمه لطبيعة المقال الفلسفي وفي آليات تحريره بصيغة معقولة نذكر
1- ياسين الحكيم: منهجية المقال الفلسفي (صدر عن المركز الجهوي للتوثيق بصفاقس 1979)
2- محمود يعقوبي: المدخل الى المقالة الفلسفية (مكتبة الشركة الجزائرية، 1976)
3- محمد بن الطيب شطورو: محاولة في الانشاء الفلسفي المدرسي (صدر عن مركز التوثيق التربوي بصفاقس 1978)
4- ابو يعرب المرزوقي: المقال الفلسفي في البكالوريا (دار المعرفة للنشر، تونس)
5- لطفي العربي: المقال الفلسفي من خلال تمارين (مؤسسة اقرأ، تونس 1995)
بالنسبة للتلميذ الذي يرغب في التحكم في المصطلح الفلسفي بامكانه الرجوع الى:
1- جميل صليبا: المعجم الفلسفي (مجلدان، دار الكتاب اللبناني، بيروت طبعة اولى 1971)
2- ابراهيم مدكور: المعجم الفلسفي (الهيئة العامة لشؤون المطابع الاميرية القاهرة 1963)
3- مراد وهبة ويوسف كرم ويوسف شلالة: المعجم الفلسفي (دار الثقافة الجديدة، ط2 مزيدة ومنقحة 1971)
4- عبد الكريم المراق والمولدي يونس وعبد الستار جعبر ومحمد حرزالله وهند شلبي: معجم الفلسفة (نشر المركز القومي البيداغوجي، تونس 1977)
5- يوسف الصديق: المفاهيم والالفاظ في الفلسفة الحديثة (الدار العربية للكتاب 1976)
6- عبد القادر محمد مايو: معالم فن الانشاء (دار القلم العربي، حلب، 1996).