أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيشرفنا أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا
إذا أعجبك المنتدى يمكنك أن تضغط على زر أعجبني أعلى الصفحة .... شكرا لزيارتك
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيشرفنا أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا
إذا أعجبك المنتدى يمكنك أن تضغط على زر أعجبني أعلى الصفحة .... شكرا لزيارتك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


(( الحكمــة لله وحــده ، وإنمـا للإنسان الاستطاعـــة في أن يكون محبًا للحكمة تواقًا الى المعرفة باحثًا على الحقيقة )) سقراط.
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
المواضيع الأخيرة
» " فينومينولوجيا المعيش اليومي" من منظور المفكر مونيس بخضرة .
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالإثنين أبريل 17, 2017 2:59 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالسبت أبريل 15, 2017 2:26 am من طرف الباحث محمد بومدين

» كتاب فاتحة الفتوحات العثمانية
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالخميس أغسطس 18, 2016 2:21 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» برنامج قراءة النصوص العربية
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالخميس أغسطس 18, 2016 2:12 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» إشكالية الحرية فى الفكر الفلسفى
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالخميس ديسمبر 17, 2015 11:19 pm من طرف soha ahmed

» المغرب في مستهل العصر الحديث حتى سنة 1603م
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالأربعاء نوفمبر 25, 2015 8:24 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:41 pm من طرف الباحث محمد بومدين

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:33 pm من طرف الباحث محمد بومدين

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:30 pm من طرف الباحث محمد بومدين

» دخول اجتماعي موفق 2015/2016
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالجمعة سبتمبر 04, 2015 4:07 am من طرف omar tarouaya

» أنا أتبع محمد...
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالإثنين يناير 19, 2015 3:08 pm من طرف omar tarouaya

» بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالإثنين ديسمبر 01, 2014 2:12 pm من طرف omar tarouaya

» مرحيا يالاعضاء الجدد
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالسبت أكتوبر 11, 2014 11:16 pm من طرف omar tarouaya

» لونيس بن علي، التفكير حول الدين ضمن الحدود الإنسانية للمعرفة
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالأحد أغسطس 31, 2014 12:55 am من طرف عبد النور شرقي

» تحميل كتاب الحلل البهية في الدولة العلوية الجزء الثاني
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالخميس أغسطس 28, 2014 1:33 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» في رحاب الزاوية الحجازية بسطيف
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالأحد أغسطس 17, 2014 12:37 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» العز والصولة في معالم نظام الدولة
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالجمعة أغسطس 15, 2014 2:41 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير ( 12 مجلدا )
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالخميس أغسطس 14, 2014 11:10 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  كتاب حول تاريخ الحضنة والمسيلة وما جاورها
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالإثنين يوليو 28, 2014 11:23 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  كتاب مهم في الانساب الجزائرية
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالإثنين يوليو 28, 2014 11:22 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

سحابة الكلمات الدلالية
الفيض الفلسفي الانسان المسلمين السؤال الظواهرية الفلسفة مقال العالمية المنطق فلسفة الفلاسفة الامام الحرب اللغة سقراط الفكر مقالة محمد البحث نظرية النسق المغلق الذاتية الموضوعية الحيوان

 

 ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبد النور شرقي
محارب
محارب
عبد النور شرقي


الإبداع .
عدد المساهمات : 390
التقييم : 18
تاريخ التسجيل : 23/09/2010

ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Empty
مُساهمةموضوع: ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي   ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالأربعاء أكتوبر 13, 2010 5:31 pm


المقدمــــــــــــــــــــــــــة

قبل الحديث عن الفيلسوف ميرلوبونتي (1) لابد لي من التعريف بالـ (فينومينولوجيا) كمنهج فلسفي أسسه الفيلسوف الالماني ( هوسرل ) فالظاهرية بشكل مختصر هي دراسة الماهيات , وجميع المشكلات التي تواجهها ترجع الى تعريف الماهيات , ماهية الادراك , ماهية الوعي ... الخ , ولذا




فهي متعالية (transcendantale ( لانها تستدعي حظور العالم واسبقيته على الفكر, وبالتالي فهي وصف مباشر لتجربتنا كما هي , فيما يخص تحليلنا للفضاء والزمن والعالم المعاش , رغم ان هوسرل يشير الى ظواهرية تكوينية في اعماله الاخيرة , واذا كانت الظاهراتية في مجملها مجرد وصف او عودة الى الاشياء ذاتها , فهي نفي للعلم قبل كل شيء , لذلك نجد ميرلوبونتي يقول في احد رسائله ( انا لست النتيجة او التلاقي للمسببات المتعددة التي تحدد جسدي او نفسيتي , انا لااستطيع ان افكر في نفسي كجزء من العالم , كغرض بسيط من اغراض البيولوجبا او علم النفس او علم الاجتماع ولا ان اغلق على نفسي عالم العلم , كل ما اعرفه عن العالم , حتى بالعلم, اعرفه انطلاقا من نظرة هي نظرتي انا او من تجربتي للعالم ) هذه التجربة هي المحور الاساسي الذي من خلالها نحصل على كينونتنا ازاء العالم .
لقد قدمت الظاهراتية مبدأين اساسيين هما:

1ـ التقليص او الاختزال:

يشغل مبدأ التقليص اهمية متميزة لدى هوسرل , فهو عودة الى وعي متعالي ينبسط العالم امامه بأشفاف مطلق تحييه سلسلة من التطلعات التي على الفيلسوف ان يعيد تكوينها انطلاقا من نتيجتها , وعليه فان احساسي بالاحمر يصير ادراكه عندي كمظهر لشيء احمر, وهذا السطح كمظهر لورق احمر مقوى , وأخيرا هذا كمظهر او جانب من شيء احمر , من هذا الكتاب مثلا , انه ادراك المادة الهيولية كمدلول لظاهرة ذات درجة ارفع , هي اعطاء معنى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يعد موريس ميرلو بونتي من أقطاب الفكر الفلسفي الفرنسي المعاصر، وهو عادة ما يدرج اسمه ضمن أعلام الفلسفة الوجودية الفرنسية إلى جانب جان بول سارتر بالخصوص، حيث كان رئيسا لتحرير مجلة الأزمنة الحديثة التي أسسها سارتر كلسان رسمي لتلك الفلسفة. وقد كتب فيها ميرلو بونتي معظم مقالاته الأساسية التي تحول بعضها إلى كتب شهيرة في الساحة الثقافية فرنسيا وعالميا، لكنه ما لبث أن استقال من تلك المهمة بعد خلاف إيديولوجي وسياسي مع سارتر. لقد حاول ميرلو بونتي بالفعل أن يجدد الفكر الوجودي انطلاقا من الفلسفة الفينومينولوجية خاصة من خلال أطروحات مؤسسها إدموند هوسرل وسيظهر تأثير هذا الأخير واضحا على فلسفة بونتي خصوصا فيما يتعلق بالتركيز على بعد الإدراك الحسي في علاقة الإنسان بالعالم، ثم استفادته كذلك من مدارس علم النفس المعاصر مثل مدرسة الجشطلت والمدرسة السلوكية. إن هذا التنوع في مصادر تفكير بونتي أدى به إلى إنتاج عدد من الأطروحات الغنية بالمواقف والمعلومات الفلسفية التي طبعت كتبه ومصنفاته وتميزت بها محاضراته التي كان يلقيها في أعرق المؤسسات التعليمية الجامعية مثل السوربون وكوليج دو فرانس. كما لا يخفى تأثر بونتي بمجموعة من الأسماء التي طبعت الفكر الفلسفي الحديث المعاصر مثل فلهايم هيجل و مارتان هيدجر وهنري برغسون
هذا الاختزال في الحقيقة اختزال مثالي يعالج العالم كوحدة ذات قيمة غير قابلة للقسمة ما بين (س) و(ص) من الناس , والتي فيها تتقاطع منظوراتهما , والتي تربط وعي (س) بوعي (ص) لان ادراك العالم من قبل (س) ليس بفعل (س) , ولا ادراك العالم من قبل(ص) بفعل (ص) , ولكن في كل منهما فعل وعي متعدد قائم قبل شخصيهما والذي ارتباطهما لايمثل مشكلة ما , باعتبار ان هذا الارتباط امر يقتضيه نفس تعريف الوعي والمعنى او الحقيقة , وبصفتي انا وعي , كما يقول ميرلو , أي بمثابة شيء له معنى لديّ, فانا لست هنا ,ولا هناك, لا(س) ولا(ص) انا لااتميز في أي شيء عن وعي (آخر), طالما نحن جميعا وجودات (حضورات) مباشرة في العالم وان هذا العالم هو بحكم التعريف وحيد , باعتباره نسق الحقائق. (2)
ان العالم هو بالذات ذاك الذي نتصوره , ليس كأناس او كأشخاص عمليين , لكن بصفتنا نحن جميعا نور واحد ونشترك في الاوحد دون ان نقسمه, وميرلوبونتي بعد ذلك يقوم بتصحيح اذا جاز القول ,فيما يتعلق بالماهيات , فليست الماهية هي الغرض النهائي للظاهرية, وانما هي الوسيلة لبلوغ واقع الوجود , فالاختزال هو تحلل الاشياء الى جوهرها العام لا كمحتوى فكرة وانما كما اراه واحياه , ثمة (تجربة الحقيقة ) تؤكد لي انفتاحي على العالم , ان الممكن يتأسس على الواقع , وتتأسس الماهية على الواقع , وتتأسس الماهية على واقع ان العالم موجود .
القصدية:
نستطيع القول ان القصدية هي الاكتشاف الرئيسي للظاهراتية رغم ارتباط القصدية بالمبدأ الاول ..( ان كل وعي هو وعي بشيء ما )
لقد بين( كانت) في دحض المثالية , ان الادراك الداخلي مستحيل بدون ادراك خارجي , المهم في الأمر هو انه لابد من الاعتراف بالوعي نفسه كهدف متجه نحو العالم , هدف يستدعي عالما لا يضمه ولا يملكه انما لايكفّ عن التوجه نحوه , وبهذا سنكون عند ابواب الفهم الظاهراتي و( الفهم) يعني بلوغ القصد الكلي ـ لا صفات الشيء المرئي بالنسبة للتصور ـ انما الطريقة الوحيدة للوجود الذي يظهر في صفات الحصى او الزجاج او قطعة من الشمع في جميع افكار الفيلسوف.
العالم والعقل:
حققت الظاهراتية كسبا مهما حين ضمت اقصى الذاتية واقصى الموضوعية في مفهومها عن العالم او عن العقلانية , ان العقلانية مقدرة تماما بمقياس التجارب التي بها تتجلى , فالمشاهد تتقاطع وعمليات الرؤية تؤكد ذاتها, ويظهر المعنى , انه المعنى الذي يشف من خلال تقاطع تجاربي وتجارب غيري , بتشابك الواحدة بالاخرى, انه لاينفصل عن الذاتية والذاتية المتداخلة, اللتين تتحدان باستعادة تجاربي الماضية والحاضرة وتجربة الغير بتجربتي , ان الفلسفة الحقة هي تلك التي تعيد تعليم الناس كي يروا العالم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) غايتو , بيكون , افاق الفكر المعاصر , الترجمة العربية , 1965, عن كتاب مذاهب علم النفس , د.علي زيعور , دار الاندلس للطباعة والنشر والتوزيع, ط2, 1977, ص136
لقد كانت الفينومينولوجيا ميدانا لتحليل عالم التجربة الحية السابق على الصياغات المنطقية والقضايا العملية كما انها نظرية في الحدس تقوم على الشعاع المزدوج, الاول : الذي يأتي من الخارج الى الداخل عن طريق الاحساس والثاني : الذي ينبثق من الداخل الى الخارج عن طريق الوعي او الانتباه, هناك اذن فعل متبادل بين الذات والموضوع , وليس الانسان مجرد قطب سالب يستقبل الانطباعات الحسية الخارجية, بل هو ايضا قطب موجب يحيل الواقع الى معنى ويدرك الماهية , يفعل الشعور في العالم بقدرما ينفعل بالعالم وهذا هو الفرق بين الشعور النائم والشعور اليقظ , او بين الانطباع الحسي والادراك, او بين الاحساس والرؤية او بين الادراك الحسي والحدس, والاول هو الذي اعتمدت عليه العلوم الانسانية التي سادها الموقف الطبيعي , والثاني هو الاكتشاف الفينومينولوجي الذي فيه تتأسس العلوم الانسانية .(3)
لقد تناول ميرلوبونتي على مدى حياته جميع التساؤلات التي يستثيرها الوجود والعدم والانسان والفكر واللغة والحياة والموت من منطلق جديد , حيث يشير الى نوع من الواقعية المتغيرة للظاهرة التي لاتقبل مبدأ التناسق الموجود مسبقا , محاولا التدليل على ان العقل هو الجانب الآخر للجسد , انه حقيقة الجانب الاخر ينتهي ويتركز فيه , كما حاول التدليل على ان العقل وهو يتحقق داخل الانسان فهو ليس ملكا له, اما عندمل يتصدى لشرح المرئي فانه يقصد به الادراك الذي يتحقق داخل الانسان , كما ان ما هو مرئي من العالم ليس في نظره مطلقا غلافا للتساؤل , اما اللامرئي فهو قوة المرئي لدرجة انه بين الصوت والمعنى , كما ان الحياة النفسية في نظره شيء لا مرئي يوجد في مكان ما خلف الاجساد الحية , بل انه يعتقد ان ما يحسه الانسان في داخله هو اللامرئي , أي ما ليس مرئيا الان ولكن يمكن ان يكونه , أي الاشياء مختبئة تقع في مكان آخر هنا وهناك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) سارتر, جان بول, تعالي الانا موجود, ت. د. حسن حنفي, دار التنوير للطباعة والنشر , بيروت, ط1, 2005, ص35
(3) بونتي, موريس ميرلو , المرئي واللامرئي , ت. د. سعاد محمد خضر, دار الشؤون الثقافية العامة , بغداد , 1987 , ص13


فهم أولي للجسد
إذا كان جسد الإنسان يقوم بعدة وظائف من حركة وجنس وتعبير، فإنه يصبح بالتالي وسيطا يحقق الإنسان عن طريقه وجوده في العالم. بل هو الأداة التي تجعله حاضرا في العالم وجزءا من الواقع. ومن هذا المنطلق يرى بونتي بأن جسدي ليس أمامي، في مواجهتي، أي ليس موضوعا قائما بذاته أو شيئا مستقلا عني بل أنا جسدي. و الصّورة التّي أحملها عنه هي بالأساس صورة محدودة و جزئيّة. وعلى العكس من الفلسفات العقلانية الكلاسيكية ومدارس علم النفس التقليدي التي تنظر إلى الإدراك على أنه نشاط فكري ونفسي فإن بونتي يرى بأن هناك علاقة وثيقة بين الإدراك ووجود الجسد وحضوره في العالم. بل إن الجسد هو أساس كل إدراك والنافذة التي نطل منها على الأشياء. وإذا كان الكلام تعبيرا عن الفكر فالجسد تعبير عن العالم .
بما اننا نملك جسدا , سواء كان ذلك ايجابيا ام سلبيا , وان هذا اللحم يتعذب اذا ما جرح , وأيد تلمسه , فانه يملك وجودا ذو وجهين , فهو من جهة شيء بين الاشياء ومن جهة اخرى هو من يراها ويلمسها , ونقول ذلك لانه حقا يجمع هاتين الصفتين , كما ان انتمائه المزدوج الى نظام الموضوع ونظام الذات يكشفنا بين نظامي العلاقات غير المنتظرة , فاذا كان للجسد ذلك الانتماء المزدوج فلن يكون ذلك صدفة لايمكن, ادراكها , انه ليس فقط شيئا مرئيا .
يضرب بونتي مثلا فيقول : في الواقع انا لا أرى ظهري, انه مرئي بحق فهو يقع تحت رؤية محتومة ومؤجلة , وبالتبادل اذا كان يلمس ويرى , فلا يعني انه يجد المرئيات امامه كما لو انها مواضيع , انها حوله , انها تدخل حتى في نطاقه , انها داخله, وهي تغطي نظراته ويديه من الداخل والخارج, اذا ما لمسها ورآها فذلك فقط لكونه من نفس العائلة , مرئي ومتأرجح هو نفسه, ويستخدم وجوده واسطة للمساهمة في وجودها وان كلا الوجودين نموذج مثالي احدهما للآخر, وان الجسد ينتمي لنظام الاشياء كما العالم هو لحم عالمي .(5)
هكذا نستطيع أن نقول إن الجسد المحسوس والجسد الحساس هما قطعتان دائريتان لنفس المسافة والتي اذا ما رأيتاها من أعلى فهي تسير من اليسار الى اليمين ومن اسفل تسير من اليمين الى اليسار , ولذلك يجب الابتعاد عن الاحكام المسبقة المتوارثة التي تضع الجسد في داخل العالم والرائي داخل الجسد , او العكس , العالم والجسد داخل المرئي كما لو كان داخل صندوق ,
ان كل من الجسد والعالم متداخلان , فالجسد كشيء مرئي يحتويه المنظر الكبير , وكل المرئيات معه , ويوجد اندماج وتشابك لاحدهما داخل الاخر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) بونتي, موريس ميرلو, المرئي واللامرئي, ت.د. سعاد محمد خضر, دار الشؤون الثقافية العامة , بغداد , 1987,ص126

قراءة ميرلو بونتي لفن رسم الصورة الشخصية

يتابع بونتي تاويل الصورة الشخصية في نتاج الفن التشكيلي فيشير الى ان الذات تسعى الى جعل نفسها مرئية من خلال رسم صورة لنفسها عبر استخدام مرآة , من خلال ممارسات واعترافات شخصية لفنانين استخدموا المرآة كانعكاس حاد لذواتهم مثل فان كوخ وسيزان وآخرين , فاذا كانت اللوحة مرسومة مرة واحدة دون تصحيح فسوف تبدو الصورة ان الرسام يرسم بيده اليسرى اذا كان يرسم بيده اليمنى , ورغم ان الصور الشخصية العديدة تظهر الرأس والكتفين فقط , فان الصورة المرآوية تقلب , مع ذلك , اليمين يسارا, وهو قلب يفهم فقط عندما يؤخذ الدور الذي تلعبه المرآة بعين الاعتبار, وفي احيان اخرى تبدو الايدي وقد اجريت عليها بعض التعديلات لتبدو كما لو كانوا غير منهمكين في عملية الرسم اطلاقا , وفي كلا الحالتين تبدو اليدين مستغرقتين في اداء شيء آخر . وما يسترعي الانتباه هو ان العين تساوي اليدين منزلة واهمية ,ان اغلب الرسامين يقدمون انفسهم كما لو كانوا تماثيل نصفية , او كما لو كان يجلس للتودد الى صديق, وغالبا ما تجري تعديلات على الذات لتبدو انها شخص آخر , وفرسم الصورة الشخصية يعرض وصفا تصويريا للذات , بمعنى ان ذاتنا تقوم بتشكيل نفسها كـ ( آخر )
يرجع بونتي الى مجموعة المصطلحات الاغريقية التي تعني الرسم الشخصي تصويريا , او رسم الذات , فالمصطلح (autoportrait) يعني بالضبط تصوير جسد الرسام من طرف الشخص نفسه , فالرسامون ليوناردو دافنشي, وديورر, ورامبرانت, وشاردان, وديلاكروا, وسيزان, وفان كوخ, وميرو, وبيكاسو, واخرون قد رسموا اجسادهم , والجسد هو الذي يرى في الرسم , ان الذات ترسم نفسها , بصيغة مرئية من خلال الجسد , فهي تنتزع نفسها في قماشة الرسم , ومن هنا ينشأ ارتباط مباشر بالسيرة الذاتية ـ فالذات تنشيء الرسم , وتنتج صورتها الخاصة عن نفسها مثل كاتب يكتب عن حياته الخاصة .
ان الصورة الشخصية لايمكن ان تكون رسما او صورة للذات بوصفها نفسا فقط , بل يجب ان تتضمن الجسد ايضا , ففي الصورة الشخصية تمثّل الذات متجسدة بالضرورة , فملامح الذات , أي آثارها, تكّون الصورة الشخصية , وهذه الاثار هي اشكال وتعبيرات ولمحات جسدية , ان الذات تخلف آثارها في رسم الصورة الشخصية , وفن رسم الصور الشخصية هو تأسيس الذات لصورة تشبه نفسها , يقول بونتي في احد تاملاته حول الصورة المرآوية من كتاب المرئي واللامرئي :
والصورة المرآوية , الذاكرة , التشابه, هي بنى اساسية ( تشابه الشيء, والشيء المرئي) لاتها بنى تشتق مباشرة من علاقة الجسد ـ العالم ـ وتتشابه الانعكاسات مع ما هو معكوس .. تبدأ الرؤية في الاشياء ـ وما ينادي الرؤية هي اشياء معينة .. ازواج من الاشياء ومن ثم نبين ان كل تعابيرنا وتصورية(6) العقل مستمدة من هذه البنى : مثلا التأمل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) تصورية او معنوية ( مذهب فلسفي يقرر ان الكليات لا مقابل لهل في الخارج من حيث هي كذلك وانها تركيبات من صنع الغقل) من كتاب المرئي واللامرئي آنف الذكر .
قراءة بونتي لسيزان

لابد من الاطلالة على طروحات لاكان في مجال مايسمى ( مرحلة المرآة) بشكل سريع لارتباطها برؤية بونتي فيما يخص سيزان , وهذه المرحلة تحدث للطفل في مابين عمرالستة شهور والثمانية عشر شهرا , وتقع في ثلاث مستويات هي :
1ـ يتفاعل الطفل مع صورته على انها شيء واقعي .
2ـ يتوقف الطفل عن التعامل مع الصورة المعكوسة كموضوع واقعي ويكف عن محاولة الاستيلاء على ذلك الشخص الموجود في المرآة .
3ـ يعي الطفل ان هذه الصورة تخصه وعند هذا المستوى يحدث التقمص : فالطفل يتخذ بالتدريج هوية شخصية , فالانا يتشكل من جدل تحمل فيه الصورة على انها صورة شخص آخر , ثم تنكر , وبعد ذلك تثبت على انها الذات ويمكن القول ان هذه العملية هي دمج الآخرية في الذات .(7)
يتناول بونتي هذا المفهوم لدخول عالم سيزان من جانب مختلف , فعندما يرسم سيزان المرآة نرى انه يعرف ان الصورة المرآوية هي صورته , فسيزان يتماهى بالصورة التي في المرآة ولكنه يجعل من نفسه شخصا آخرا , ويرسم صورة لنفسه بوصفه شخصا آخرا غيره ,فالصورة لديه هي عتبة مؤدية لعالم اللوحة المرئي , على خلاف لاكان الذي يعتبر الصورة المرآوية عتبة مؤدية الى العالم المرئي .
وسيزان بدل ان يرسم الجبل , يرسم نفسه , ويجعل نفسه آخر, ويجعل جسده مرئيا , وفي هذه الحالة , يضفي جسده على عالم الاشياء كيما يحولها الى رسم , فسيزان يتعامل مع القابلية على الرؤية لجسده باعتبارها قابلية على الرؤية تخصّ رائي ـ مرئي ـ وينقلها الى قماشة الرسم (8)
عندما يرسم سيزان جبلا يجعل من اللامرئي في تجربته للجبل مرئيا , وعندما ينظر الى نفسه في المرآة فانه يرى ما لم يره عادة , فالمرآة تريه انفه وعينيه وذقنه ولحيته , وهنا يستحضر سيزان مرئيا آخر غيره , أي ذلك الشيء الذي يرافق الرؤية كلها وينتج مرئيا آخر الذي هو في صورته الشخصية , فالقابلية على الرؤية للذات المنعكسة في المرآة يعاد انتاجها في القابلية على الرؤية للذات البادية في الصورة الشخصية , فلا غرابة ان نصدق سيزان حين يقول ( ان المنظر يتعقل ذاته فيّ , فما انا الا شعوره او وعيه بذاته ) (9)
هذا التصريح يجعلنا نفهم ان الفن قد اخذ مفهوما جديدا على المستوى الظاهراتي , فهو ليس انغماسا في الذاتية المحضة التي فصلت العالم عن الفنان وانما الاتجاه نحو العالم , واللجوء الى الآخرين , من اجل تقديم عمل يكون في جوهره بمثابة نداء , كما يقول زكريا ابراهيم .(10)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) لاكان, جاك, اللغة الخيالي والرمزي , منشورات الاختلاف , ط1, الجزائر, 2006,ص37
(8) سلفرمان , هيو.ج, نصيات بين الهرمنيوطيقا والتفكيك, ت. حسن ناظم وعلي حاكم صالح, المركز الثقافي العربي , المغرب, ط1, 2002, ص248
(9) د. ابراهيم, زكريا, فلسفة الفن في الفكر المعاصر , دار مصر للطباعة , مكتبة مصر , القاهرة , ص138
(10) المصدر السابق
ان المرآة تتيح للذات , التي ترسم نفسها ان تكشف عن جسد الرسام , فالمرآة أداة كشف , وتؤدي دورا تنظيميا , حيث تمارس دور الكشف والحجب في نفس الوقت لانها غالبا ما تكون غائبة عن اللوحة المرسومة , فهي المرئي واللامرئي , كما انها تسم غموض تجربة الرسم , في حين انها تبني , ايضا , تلك التجربة طبقا للعمق واللون والخط والحركة والمظهر الخارجي التي سماها بونتي ( فروع الكينونة ) .
القابلية على الرسم

الرسم يؤسس ما يدعوه ميرلو بونتي القابلية على الرسم والقابلية على الرؤية تنبثق من تواشج المرئي واللامرئي , ومن جعل ما لا تراه المشاهدة العادية مرئيا , فالشيء المشاهد يتموقع في علاقة بالمشاهد , وهذه العلاقة بالنسبة لعين الرسام هي ليست نفسها تماما بالنسبة للمشاهدة العادية , فالشيء يجسد شبكة الحس او المعنى الخام, وهو شيء حسي لامرئي بالنسبة للمشاهدة العادية , وغير مهم بالنسبة للتفكير العلمي فالمهمة الاساسية للرسام هي جعل شبكة الحس الخام مرئية كشبكة قابلة على الرؤية في اللوحة .
تنبثق القابلية على الرؤية ـ حسب انطلوجيا بونتي المتأخرة ـ من علاقة الرائي ـ المرئي ـ وموضع القابلية على الرؤية هذه في الحياة اليومية هو الجسد , وان تقاطع اللامس والملموس والرائي والمرئي , والعين والعين الاخرى واليد واليد الاخرى يؤسس الانبرام والتقاطع والفضاء الجسدي , وبونتي يدعو هذا الانبرام بالقابلية على الرؤية , وهو يتحدث عن الجسد بوصفه نظاما غريبا من التبادلات وينوّه الى ان الرسام يحظر جسده , فالرسام حين يعير جسده العالم يحول العالم الى لوحة , ومن خلال تاسيس القابلية على الرؤية التي تحدد فضاء جسده , ومن خلال إعارة تلك القابلية عالم الاشياء , يكون الرسام قادرا على ترجمة قابليته الخاصة على الرؤية الى قابلية جديدة على الرؤية , وهي القابلية على الرؤية في اللوحة , وعبر توجيه جسده المتجول الى العالم المرئي , ينقل الرسام تلك القابلية على الرؤية الى لوحة .(11)
ان الاشياء المرئية والجسد يضاعف احدهما في الاخر قابلية خفية على الرؤية , وتخلف هذه القابلية أثرا ينبثق من تسلسل الاشياء والجسد , وحيث ان الجسد يذهب بعيدا نحو الجبل مثلا او وعاء فواكه فانه يعير هذا الجسد للجبل او الفواكه , وبهذا فثنائية الرائي والمرئي الملازمة للرسام تتحول الى المشاهد , واللوحة تعلن عن لغز القابلية على الرؤية , (12)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) نصيات , مصدر سابق, ص240
(12) يقول بونتي في كتاب العين والعقل ( ليس الرسم عملا تقوم به ويمكن ان تقوم به الروح , ولكنه يتم بواسطة اليد والعين , فبفضل الجسم يتاح للرسام ان يدرك العالم , واذا كان الانسان يعرف جسمه لا من حيث هو ممتد وانما من حيث هو حركة , او من حيث هو امتداد يتحرك , فان ادراك العالم عن طريق رؤية الرسام تقتضي الاقرار بان هناك ارتباطا وثيقا بين الرؤية والحركة .

لقد افاض بونتي كثيرا في دراسة سيزان لما لهذا الفنان من تأملات فكرية في مجال العمل الفني فهو يقول ( ان الرسام يفكر رسما) وهو ما يجعله قريبا من طروحات بونتي الفلسفية , ان ما يبعث على الاستغراب ان عالم الجيولوجيا , وعالم النبات , وعالم الحيوان يتعين عليهم ان يقتربوا من الجبل اكثر مما يفعل سيزان , ان التفكير العلمي تراكمي وتعميمي, اما التفكير الذي ينهمك فيه الرسام فهو تفكير تأويلي وتخصيصي , ولذلك يعتبر بونتي الرسام مؤولا .

وحـــــدة الفن
يفسر بونتي وحدة الفن عموما , وفن التصوير بشكل خاص , عن طريق الرجوع الى الدلالة الاصلية للفعل التعبيري , من حيث هو ظاهرة انسانية عامة , واذا كان من الضروري للفن ان يتطور فذلك لان من شأن هذا الفعل التعبير ان يتغير , ولكن دون ان ينفصل تماما عن الاصل الذي صدر منه , ومعنى ذلك ان الفعل التعبيري بطبيعته فعل قابل للسمو والارتقاء , وهذا يستلزم وجود تاريخ , وبونتي يرد كل تاريخ الفن الى اصل انساني مشترك , الا وهو تلك العملية التعبيرية التي قام بها الجسد, بمجرد ما شرع بالقيام بأدنى عملية ادراك حسي , فكما ان سيطرة جسمنا على أي موضوع من الموضوعات الممكنة انما هي الاساس في قيام ( مكان ) واحد مشترك, فان المحاولة البشرية المستمرة للتعبير انما هي ايضا الاساس في قيام ( تاريخ) .
واذا كان الجسد هو الدعامة الاولى المشتركة التي يستند اليها كل نشاطنا الفني , فذلك لانه يمثل الجهاز الاصلي الذي نستعين به في اكتشاف العالم , وتحديد مواقع الاشياء وتكوين علاقات طبيعية , وتسجيل آثارنا على سطح العالم الخارجي , واضفاء معانينا على شتى الموضوعات المادية , والواقع ان كل استعمال بشري للجسم انما هو منذ البداية ( تعبير أولي) بحيث يمكن القول ان كل ادراك حسي , بل كل فعل بشري , انما ينطوي بالضرورة على عملية اضفاء معنى على ما كان في الأصل خلوّا من كل معنى . وبالتالي فان مجرد وجودنا في العالم ومجرد تجسدنا في هذا البدن الذي نتعامل من خلاله مع العالم , انما وحده الكفيل بتفسير شتى مظاهر التوافق بين الحضارات المختلفة والاعمال الفنية المتباينة , وهو ما اسماه بالدافع البشري الواحد الى خلق ( نظام حضاري ) يكون مظهرا لقدرة الانسان على التعبير .(13)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(13) د.ابراهيم , زكريا, فلسفة الفن في الفكر المعاصر , دار مصر للطباعة . ص198


الإدراك الحسي

يرى ميرلو بونتي بان العالم هو هذا الذي ندركه ، كما انه ليس موضوعا وإنما هو مجال تتجلى فيه أفكار الإنسان وتتحقق فيه إدراكاته الحسية، ومادام الإنسان موجودا في العالم فهو يتعرف على نفسه داخله والحقيقة التي يبحث عنها هي جزء منه، والعالم لايدرك بالعقل بل يعيشه الإنسان ويشارك في وجوده دون امتلاكه. من هنا تكون الفلسفة هي الكشف عن هذا العالم والعمل على إعادة النظر فيه. بالإضافة إلى ذلك فالعالم له معنى وما على الإنسان إلا أن يتوصل إلى وصف ذلك المعنى، كما أن فهم العالم والتوصل إلى معناه يقتضي منا تجاوز ثنائية الذات والموضوع ، وكذلك تجاوز تلك التفرقة التي أقامها سارتر بين الوجود في ذاته والوجود لذاته.(14)

إذا كان الإنسان يعيش في العالم ومع الآخرين، فإن الاتصال بين الذوات هو شيء ضروري بحكم العلاقة التي تربطها بالعالم، فوجود الأنا هو حضوره أمام الآخرين، ولايمكن الاتفاق مع سارتر-حسب بونتي- فيما ذهب إليه من أن معرفة الغير تحوله إلى موضوع جامد وفاقد لحريته ، فمن خلال تجربة الجسد فإنني لا أنظر إلى جسدي كمجرد موضوع وكذلك لايمكن أن أنظر إلى جسد الغير كموضوع أو كشيء قابل للمعرفة الموضوعية، لأن جسد الغير مماثل لجسدي بل أدخل معه في علاقة تعاون كأن نقوم بعمل مشترك أو نساعد بعضنا البعض، هنا يضاف جسده إلى جسدي فيصيران كلا واحدا. وهذه المشاركة تبدو بصورة واضحة في الحديث العادي حيث أن كلام الأنا مع الغير يكون بمثابة اتصال حقيقي يتم بينهما. كما أن الحوار بطبيعته هو عملية ثنائية تلتقي فيها الذات مع الغير فتتقابل أفكارهما في وسط مشترك ويتألف من حديثهما وجود مشترك، وليس تبادل الحديث مجرد صراع بين أفكار وإنما هو تداخل وتفاهم ومشاركة.هنا يرد بونتي على سارتر الذي يقول بأن من شأن نظرة الغير إلى الأنا أو العكس أن تحيل أحدهما إلى موضوع فيرد عليه بأن هذه العملية لا تتحقق إلا إذا كان أحد الطرفين مجهولا بالنسبة إلى الآخر، وحتى في هذه الحالة فإنه لايمكن نفي المشاركة، كل ما هنالك هو توقف أو انقطاع مؤقت لهذه المشاركة، ولكن ما يكاد الغير يهم بالحديث إلى الأنا أو العكس حتى ينشأ نوع من الاتصال أو حتى حينما يريد الفيلسوف أن يعتكف على ذاته فإنه لا ينجح في هذه التجربة إذ لابد أن يجد نفسه مضطرا إلى التعبير عن أحواله ومن ثمة فإنه سرعان ما يتورط في الحديث، والحديث بطبيعته نوع من المشاركة والتواصل .
الحريــــــــــــــة
الحرية هي جوهر الوجود الإنساني. هذا هو موقف ميرلوبونتي من الحرية وهو يشترك في ذلك مع كل الفلاسفة الوجوديين رغم بعض التعديلات التي أجراها على الموضوع للتخفيف من إطلاقية الحرية . فالإنسان باعتباره كائنا واعيا ومسؤولا عن وعيه فهو يستطيع الانفصال عن الواقع بفعل تلك الحرية التي تشكل جوهر وجوده وبالتالي يستطيع تجاوز كل الحدود التي تقف في طريقه. لكن ميرلو بونتي لا يتفق مع سارتر بأن حرية الإنسان هي حرية مطلقة، لأن من شأن ذلك أن يجعلنا نغفل التزامات الإنسان ، فلا حرية بدون التزام.ومادام الإنسان يعيش في العالم ومع الآخرين فلابد أن يمارس حريته في نطاق الشروط التي يضعها هذا الوجود وهذا لا يعتبر حدا لحرياتنا بل إن ذات الإنسان تتفاعل بصورة مستمرة مع الذوات الأخرى بما يحفظ لكل واحدة منها خصوصياتها وبالتالي حرياتها في التصرف والاختيار ضمن هذا التفاعل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14) بونتي , ميرلو, تقريظ الفلسفة , منشورات عويدات , بيروت , باريس , 1983
المصــــــــــــــــــادر
(1) غايتو , بيكون , افاق الفكر المعاصر , الترجمة العربية , 1965, عن كتاب مذاهب علم النفس , د.علي زيعور , دار الاندلس للطباعة والنشر والتوزيع, ط2, 1977
(2) سارتر, جان بول, تعالي الانا موجود, ت. د. حسن حنفي, دار التنوير للطباعة والنشر , بيروت, ط1, 2005
(3) بونتي, موريس ميرلو , المرئي واللامرئي , ت. د. سعاد محمد خضر, دار الشؤون الثقافية العامة , بغداد , 1987
(4) لاكان, جاك, اللغة الخيالي والرمزي , منشورات الاختلاف , ط1, الجزائر, 2006
(5) سلفرمان , هيو.ج, نصيات بين الهرمنيوطيقا والتفكيك, ت. حسن ناظم وعلي حاكم صالح, المركز الثقافي العربي , المغرب, ط1, 2002
(6) د.ابراهيم , زكريا, فلسفة الفن في الفكر المعاصر , دار مصر للطباعة
(7) بونتي , ميرلو, تقريظ الفلسفة , منشورات عويدات , بيروت , باريس , 1983
[right][b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
souf_mani
من قدامى المحاربين
من قدامى المحاربين
souf_mani


عدد المساهمات : 865
التقييم : 13
تاريخ التسجيل : 04/09/2010
العمر : 38
الموقع : في الجنة إن شاء الله

ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Empty
مُساهمةموضوع: رد: ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي   ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي Emptyالإثنين يناير 10, 2011 12:29 am

موضوع جميل في اللسانيات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://histoirphilo.yoo7.com/
 
ميرلو بونتي و الفكر الظاهراتي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موريس ميرلو - بونتي
» فلسفة المفهوم في الفكر الفلسفي المعاصر ... بين الغياب والحضور ( الفكر الجزائري المعاصر نموذجا)
» سلسلة أعلام الفكر
» أفول الكواكب...في سماء الفكر العربي.
» ما رأيكم في الفكر الخلدوني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ๑۩۞۩๑ منتدى الفكر والفلسفة ๑۩۞۩๑ :: الفلسفة المعاصرة وفلسفة ما بعد الحداثة-
انتقل الى: