أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيشرفنا أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا
إذا أعجبك المنتدى يمكنك أن تضغط على زر أعجبني أعلى الصفحة .... شكرا لزيارتك
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيشرفنا أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا
إذا أعجبك المنتدى يمكنك أن تضغط على زر أعجبني أعلى الصفحة .... شكرا لزيارتك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


(( الحكمــة لله وحــده ، وإنمـا للإنسان الاستطاعـــة في أن يكون محبًا للحكمة تواقًا الى المعرفة باحثًا على الحقيقة )) سقراط.
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
المواضيع الأخيرة
» " فينومينولوجيا المعيش اليومي" من منظور المفكر مونيس بخضرة .
وظيفة الفيلسوف. Emptyالإثنين أبريل 17, 2017 2:59 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
وظيفة الفيلسوف. Emptyالسبت أبريل 15, 2017 2:26 am من طرف الباحث محمد بومدين

» كتاب فاتحة الفتوحات العثمانية
وظيفة الفيلسوف. Emptyالخميس أغسطس 18, 2016 2:21 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» برنامج قراءة النصوص العربية
وظيفة الفيلسوف. Emptyالخميس أغسطس 18, 2016 2:12 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» إشكالية الحرية فى الفكر الفلسفى
وظيفة الفيلسوف. Emptyالخميس ديسمبر 17, 2015 11:19 pm من طرف soha ahmed

» المغرب في مستهل العصر الحديث حتى سنة 1603م
وظيفة الفيلسوف. Emptyالأربعاء نوفمبر 25, 2015 8:24 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
وظيفة الفيلسوف. Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:41 pm من طرف الباحث محمد بومدين

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
وظيفة الفيلسوف. Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:33 pm من طرف الباحث محمد بومدين

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
وظيفة الفيلسوف. Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:30 pm من طرف الباحث محمد بومدين

» دخول اجتماعي موفق 2015/2016
وظيفة الفيلسوف. Emptyالجمعة سبتمبر 04, 2015 4:07 am من طرف omar tarouaya

» أنا أتبع محمد...
وظيفة الفيلسوف. Emptyالإثنين يناير 19, 2015 3:08 pm من طرف omar tarouaya

» بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة
وظيفة الفيلسوف. Emptyالإثنين ديسمبر 01, 2014 2:12 pm من طرف omar tarouaya

» مرحيا يالاعضاء الجدد
وظيفة الفيلسوف. Emptyالسبت أكتوبر 11, 2014 11:16 pm من طرف omar tarouaya

» لونيس بن علي، التفكير حول الدين ضمن الحدود الإنسانية للمعرفة
وظيفة الفيلسوف. Emptyالأحد أغسطس 31, 2014 12:55 am من طرف عبد النور شرقي

» تحميل كتاب الحلل البهية في الدولة العلوية الجزء الثاني
وظيفة الفيلسوف. Emptyالخميس أغسطس 28, 2014 1:33 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» في رحاب الزاوية الحجازية بسطيف
وظيفة الفيلسوف. Emptyالأحد أغسطس 17, 2014 12:37 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» العز والصولة في معالم نظام الدولة
وظيفة الفيلسوف. Emptyالجمعة أغسطس 15, 2014 2:41 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير ( 12 مجلدا )
وظيفة الفيلسوف. Emptyالخميس أغسطس 14, 2014 11:10 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  كتاب حول تاريخ الحضنة والمسيلة وما جاورها
وظيفة الفيلسوف. Emptyالإثنين يوليو 28, 2014 11:23 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  كتاب مهم في الانساب الجزائرية
وظيفة الفيلسوف. Emptyالإثنين يوليو 28, 2014 11:22 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

سحابة الكلمات الدلالية
البحث الفكر الفلسفي الحرب نظرية الحيوان الظواهرية النسق اللغة مقال الفلسفة محمد الامام فلسفة الفلاسفة العالمية سقراط المغلق الفيض السؤال الموضوعية مقالة المنطق الذاتية الانسان المسلمين

 

 وظيفة الفيلسوف.

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
omar tarouaya
من قدامى المحاربين
من قدامى المحاربين
omar tarouaya


عدد المساهمات : 649
التقييم : 24
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
العمر : 34
الموقع : في قلوب الناس

وظيفة الفيلسوف. Empty
مُساهمةموضوع: وظيفة الفيلسوف.   وظيفة الفيلسوف. Emptyالثلاثاء يونيو 28, 2011 1:35 pm

2011-06-23
وظيفة الفيلسوف
توفيق بن ابراهيم صويلحي





"البداية" الفلسفية الأولى، «بداية" الفلسفة في شكل حوار، توهمنا بأنّ الفلسفة احتفال بالتواصل وإقبال عليه.فالحوار والتلاقي بل والتواعد على اللقاء وطقوس ذاك التحاور إنما تقود إلى مثل هذا الاستنتاج المتسرّع الذي تمثّل الفلسفة- منذ"بدايتها"- احتجاجا عليه بل ومقاومة له. وانّ البعض اليوم ليريد أن تتجنّد الفلسفة للاضطلاع بمثل هذه المهمّة و لأن تتعاطى التواصل.ذلك أنّ عبارات مثل:"هل من معنى للتفلسف اليوم؟"و"هل من جدوى للتفلسف اليوم؟"أو "استقالة الفلاسفة و تقاعدهم"...الخ إنما تحيل بشكل أو بآخر إلى أن النّظر إلى الفلسفة وتقويمها إنما يجريان من هذا الأفق الذي ينزّلها منزلة الظاهرة التواصليّة أو هي، على الأقلّ، عبارات لا تكتسب وجاهتها إلا ضمن هذا الأفق. ينهض الظنّ إذن بأنّ الفلسفة معنيّة بإبلاغ رسالة ما أو بانجاز حركة ما.ولا تحوز أحكام مثل:"الخيبة من الفلسفة والفلاسفة"أو "فشل الفلسفة" أو"هذيان الفلاسفة وهذرهم"،مثلما يردّد فرويد ذلك،وجاهتها إلا في سياق هذا الظّن الذي رُفع بسرعة إلى مقام اليقين الأوّل الذي لا يقبل المراجعة.و إن بعضنا ليعيّن للفلسفة مهمّة نشكّ كثيرا في انتسابها إليها فإذا هي،ساعتها،المدخل إلى الخلاص أو أسلوبه الأنسب و إذا شخص الفيلسوف ملتبس بغيره إلى درجة لا ندري معها من هو الفيلسوف إذ هو لا يكاد يتميّز عن المشرّع الأخلاقي القديم أو عن الأنبياء الذين اقترحوا الهداية أو الواعظ الدّيني وهو بصفة عامة المنقذ و الدّليل إلى الإنعتاق من مآزق الرؤى المتناقضة ومن بؤس الأوضاع المتردية لقد جرى الظنّ أنّ الفيلسوف صاحب وعي نموذجي وصاحب حقيقة لا يرقى إليها غيره. يمكننا أن نسترسل في إجلاء ضمنيات هذه المواقف وفي رصد الإستتباعات المضلّلة التي تترتّب عنها.ومع ذلك،نحن أميل إلى الإقرار بأنّ ذلك ما كان قصد الفلسفة وما كان قصد الفيلسوف ومنذ"البداية" مهما اشتبه الأمر على البعض.ألم ينطلق الفيلسوف-سقراط- من عرض عزلته الفكريّة و بسطها على الآخرين؟ ألم يتحدّد الفيلسوف على أنّه"مفسد الشباب"؟ إننا نعتقد أنّ إفساد الشّباب هوالدّور الأليق بالفيلسوف.أمّا حجّة الحوار التي تُدّعى فحسبنا أن نعيد النّظر فيها لنتيقّن من حقيقتها. إن المتحاورين يُمسكون إلى حدّ ما بهذا الحوار ولكنّه إمساك نشكّ كثيرا في أنّه يُنزّل الواحد منهم منزلة المحاور الحقيقي الذي يُدير الحوار بصورة فعليّة فإذا همُ يُصرّحون ،في كلّ مرّة وتباعا،بأنّهم في حيرة حقيقية وفي متاهة يعسر أن يُتبيّن َالمنفذ منها.إن المتحاورين منخرطون ،على نحو صوري،في همّ يُزجُّ بهم فيهم ولا يسمح إطلاقا أن يُفهم منه أنّ التفكير مسألة مشتركة أو ظاهرة تواصليّة .بل يبدو أنّ الحوار يشهد، على النقيض من ذلك، على استحالة التحاور و التواصل.انّه يشهد عل أنّ الفيلسوف لا يملك شيئا يُوصله.ولا شأن للحوار بمسألة التواصل لأنّه أقرب إلى الحوار الدّاخلي الذي يمكّن من استحضار أفلاطون الذي حدّد التفكير على أنّه"حوار النّفس مع ذاتها". ربّما أمكننا أن ندرك هذا أفضل جهة اعتراض أفلاطون على السفسطة.فالحقيقة(المعرفة)لا تحصل بموجب تجادل الآراء وتضاربها ولا حتّى بموجب تنافيها أوتعاضدها،الحقيقة لا شأن لها بالجدل العلني أو النّقاش،لا شأن للتفكير بالنّقاش أيّا كانت جدّية ذاك النّقاش.لأنّ إنقاذ الحقيقة،الإنقاذ الحقيقي للحقيقة،-الذي هو كذلك إنقاذ للمدينة-من الضياع و التبدّد في الكثرة والتعدّد،يقتضي الكفّ عن كلّ نقاش،يقتضي الإعراض عن الآخر لأنّه عائق ولأنّه"منتج للخطأ"ولأنّه صاحب خبايا مشبوهة ،و لأنّه يريد بشكل أعمق أن يعيّن للفكر مقام الأداة و الوسيلة مقصيا إياه بتلك الطريقة عن مقامه الحقيقي:أنّه الغاية التي نشتاق إليها حدّ الشّغف القاتل. ألا يتعيّن،ضمن هذا المستوى،أن نتأوّل إعدام سقراط في هذا الاتجاه؟أن نتأوّله على جهة استحالة التواصل؟أليس العنف هو علامة إخفاق الحوار وهزيمته؟ إن الفيلسوف بلا مكان.و"إن الفلسفة-مثلما يشير إلى ذلك بول ريكور-هي الإخفاق في الحياة".إنها الترحال إلى"حيّز العقلي".الأمر الذي يعني أنّها محاولة انقطاع وانفصال_عن الوهم والدوكسا- أكثر منها مبادرة للإنخراط و الاتصال.فلعلّ السخرية هي التجسيد الأبلغ لتلك المسافة التي يحفرها فعل التفلسف.ولعلّ الفيلسوف لايهتمّ بإقامة ذاكرة بقدر ما يعمد إلى البرهنة على استحالة الذّاكرة واستحالة الكتاب.لكأنّ الفلسفة ذاكرة مضادّة أو لكأنّها ما يضاد الذاكرة.ومع ذلك يلحّ ميرلوبونتي:"يجب أن نتذكّر سقراط".لماذا؟ يتّصل السياق الدقيق الذي يُستحضر ضمنه سقراط بالتزام ميرلوبونتي بتوضيح وظيفة الفلسفة و الفيلسوف.لذلك ينبغي أن ننتبه:أوّلا:إلى أنّ الأمر يتعلّق بتأويل للتجربة التي مثلها سقراط. ثانيا:تتمّ هذه العودة إلى الماضي من أفق الحاضر،حاضر الفلسفة و الفيلسوف، وهو ما يتولّى ميرلوبونتي التّعبير عنه:"إننا نخشى اليوم أن يلفظ عصرنا بدوره الفلسفة و الفيلسوف". ثالثا:الإحداثية الفينومينولوجية هي التي تتمّ منها هذه العودة إلى سقراط. يعاين ميرلوبونتي الوضعيّة التي آلت إليها الفلسفة.فالفلسفة المدوّنة في الكتب،برأيه، الفلسفة إلي يتمّ تبادلها وترويجها في السياقات الأكاديميّة،كفّت عن مخاطبة النّاس.و الفيلسوف الذي لم يسبق له أبدا أن شغل كراسي الحكومة وأن كان موظّفا من موظّفي الدولة صار اليوم كذلك.إننا اليوم إزاء فيلسوف آخر، آخر تماما.فيلسوف هو،في أقصى الحالات، كاتب أو موظّف.ولكن،أبعد من هذا،يلاحظ ميرلوبونتي أنّنا اليوم لا نتفلسف ولا نفكّر"إن فكرنا في حالة انثناء وتقاعد".فنحن لا ننفكّ نعود إلى هذا التقليد الفكري أو ذاك،إلى هذه الفلسفة أو تلك،لندّعي أنّنا"ندافع"عنها و أنّنا نمثّلها ونتابعها بصورة أكثر تألّقا من الآخرين،و أنّنا نمثّل استمراريتها ومن يروّجونها ولكنّنا، في كلّ الحالات،لا نسجّل سوى غيابنا الخاص و استقالتنا الفكرية .إننا لانفعل سوى تبرير امتناعنا عن التفكير.إننا نبحث عن فكرة-أم نحاول الانتساب إليها أو نبحث عن مذهب نحاول الإقامة والاختفاء فيه. لقد صار الفكر مذهبا بل ذهب الفكر بظهور التمذهب.ولكن ما الذي يبرّر هذه العودة إلى سقراط؟ألا يمكن أن تفهم على عين المعنى الذي كان ميرلوبونتي يستهجنه؟هل يتعلّق الأمر بتكرار ما نريد نقده،ونعني بذلك التبنّي والاطمئنان إلى المتكَوّن الفلسفي؟وبأيّ معنى ننقذ هذه العودة إلى سقراط لتصبح نقديّة و بنّاءة؟ يؤكد ميرلوبونتي على خصوصية التجربة الفلسفية التي تحمل اسم سقراط.إنها تجربة معيشة.ويهتمّ ميرلوبونتي بالكيفية التي فهم بها سقراط الفلسفة أو هكذا فهم ميرلوبونتي الفلسفة من خلال سقراط.فالفلسفة ليست وثنا يتعيّن علينا عبادته و حراسته.والفيلسوف ليس الحارس الأمين للحقيقة.إن فلسفة سقراط تكمن في علاقاته الحيّة بالآخرين.إنها تكمن في ذلك الحضور المختلف الذي هو حضور الفيلسوف ضمن"المدينة".في ذلك التصادم الذي يقود إليه الاختلاف بالذات:التصادم مع مختلف أشكال السلطة.ويتجسّد هذا الاختلاف في رغبة تدهش من فرط بساطتها هي الرغبة في الفهم:فهم الدّين وفهم القانون والمواطنة والعلم والحقيقة والقيمة الأخلاقيّة والجمالية...إن الرغبة في الفهم ملاحقة للمعنى:معنى التّجارب التي نعيشها.ولكنّها ليست عرضا لمعنى أو استعراضا له.ليست تسجيلا لمعنى مسبق و قبلي أو تصيّدا لمناسبات تحقّقه مثلما هو الشأن بالنّسبة إلى هيقل.لأنّ المطلوب من الفيلسوف هو أن يتصيّد اللحظات التي يتكوّن عندها المعنى وضمنها ليلتقطه.المطلوب من وعيه أن يعاصر المعنى والحقيقة لأن الحقيقة والمعنى لا يقعان بعدَ أو قبلَ.المطلوب هو التزام الحياة.وهواذن الإنغراس في اللّحم الحيّ للحياة.ساعتها لا تكون الفلسفة نسقا فكريّا وإنما أسلوب حياة وفنّ عيش... هكذا يتّضح،إلى حد ما،الفضاء الذي يُسحب إليه سقراط.أنّه فضاء الفينومينولوجيا و"ثورتها"على الفلسفات التي حوّلت،بضرب من التشويه،الحياة إلى أنساق فكريّة والى حقائق.الفلسفات التي جمّدت كثافة الحياة في برودة العقل.الفلسفات التي جنّدت العقل لرسم الحدود وإقامة"التمييزات الجوهرية"متناسية بذلك ما يسبق العقل وما هو أعرق من العقل و أعمق منه.متناسية"الأشياء ذاتها"/"الأشياء بما هي أشياء".الفلسفات التي تناست أنّه وقبل كلّ معرفة أو أطروحة موضوعها العالم هناك الحضور المتعالي للعالم،شرط إمكان كلّ حضور،هناك أطروحة-العالم كما يقول هوسرل... استحضار سقراط إذن غير مقصود لذاته.انّه فقط تشريع لإمكانية:مازال بمكاننا أن نفكّر إن أردنا ذلك.مازال بإمكاننا أن نحيا إن أردنا ذلك.أمّا الفلسفة فهي لا تكمن ضرورة في تلك المواضع المتوتّرة التي حدّدها تاريخها.إنها تكمن كذلك في جهات من المفروض أن تحصل على حقّ وجودها في الفلسفة.إن الفلسفة لا تكمن بالضرورة لدى"المثقفين"،نفايات المجتمعات الرّاهنة اؤلئك،إنها ممكنة جهة "عامل بسيط عاش وعمل وأحبّ ومات".وانّ الفلسفة لا تكمن بالضرورة في الثرثرة و الهُياج والإدانة المجانيّة التي لا تصدر عن فهم لما يحدث.إنها تكمن كذلك في الصمت والإنتظاروالصّبر.في تفادي الخطوات الخاطئة. ذاك شأن الفيلسوف الذي يدرك أنّ"الالتزام الحقيقي الذي هوالتزام في الحقيقة" وبالحقيقة انما يقتضي منه التزام مسافة ما.مسافة تسمح له بأن يرى لأنّ الرؤية هي شرط إمكان القول.فالفيلسوف قادر على البرهنة،مثلما يؤكد ميرلوبونتي ذلك،على أنّ معارضا ما،في ظروف ما،يمكن أن يتحوّل إلى معادل لخائن.صحيح أنّ الفيلسوف لا يخون،لم يحدث له أن خان،ولكنّ البعض يشتمّ من طريقته الخاصة في الوفاء،من التزامه أرض النّقد،رائحة الخيانة.إن الفيلسوف إنسان ولكنّه أكثر من مجرّد إنسان و أقلّ من مجرد إنسان...وانّ الفلسفة لنمط حياة وطريقة وجود.إنها تطلق إمكانيات حياة وأساليب وجود آخر.صحيح أنّه ليس للفيلسوف أن يمارس اللامبالاة و الصّمت تجاه أحداث عصره ولكن ليس لاتصاله بتلك الأحداث أن يتحوّل إلى انقياد.ثمّة،في حركات الفيلسوف،بعض "التّوحش"الذي يأبى التّرويض.ثمّة بعض العناد وان تغافل البعض،ببراءة أو بنوع من الإثم،عن الجوهري في مبادرة الفيلسوف.يتعلّل البعض بماركس أو قبل ذلك بكانط أو اليوم بما قام به فوكو و غيرهم ولكن إن هي إلا تعلاّت.ثمّة فائض في الفلسفة،ثمّة فائض فلسفي،لا يقبل الاختزال والاحتواء.فهل الحرص على استقلاليّة الفلسفة بالضرورة مؤشر على استقالتها ؟ثمّة في الفلسفة ما يمنع اختزالها في كونها مجرّد ظاهرة تواصلية وما يقود إلى النظر إليها على أنّها فكر انفصالي خلاّق.يمكننا الرجوع إلى كانط أو فوكو مثلا للبرهنة على ذلك. يلاحظ ألبير كامي في مقدّمة"أسطورة سيزيف"أنّ معرفة عدد المقولات غير مهمّ سواء أرجعنا إلى أرسطو أو إلى كانط وأنّ المسألة الملحّة-فلسفيا- هي مسألة معنى الحياة.ومع ذلك فانّ مسألة "معنى الحياة"،وبلون مختلف ومعالجة أدقّ،هي بالذات ما شغل كانط. ترك كانط مقالين هامّين هما ماالأنوار؟(1784)وما الثورة؟(1794).وهذان مقالان يرفعان حاضرهما إلى مستوى التصوّر الفلسفي ويحولان الفلسفة إلى انطولوجيا موضوعها الرّاهن والحاضر.إنهما مقالان يسائلان حدثا صبغ العصر عن ماهيته.ولكن ما نمط تدخّل الفيلسوف في حاضره؟هل يتدخّل لينخرط و يتحالف ويغذّي و يؤسس الرأي العام؟وهل ينتمي إلى الفلسفة أن تؤسس الشائع؟هل يتدخل الفيلسوف ليبرّر أم ليعارض؟هل يتدخّل ليمارس الوصاية و القيادة والزّعامة؟هل يتدخّل ليوفّر الحقيقة التي يفتقر إليها غيره؟هل يتدخّل ليشير إلى سبل الخلاص و التحرّر؟ إن العودة إلى نصّ ما الأنوار؟ تباغت.فالنّص من جهة لغته و أسلوبه لا يتقدّم إلينا،في معظمه،الاّ بموجب تنكّر للغة المفهوميّة التي هي لغة الفلسفة ليُصاغ بصورة أقرب إلى اللغة المجازية.والنص من جهة ثانيّة لا يشير عل نحو صريح ومباشر لا إلى الفلسفة ولا إلى الفيلسوف ولا إلى التفلسف.والنصّ من جهة ثالثة،وظاهرياّ،بسيط من جهة مضمونه والأمثلة والجزئيّات التي ينطلق منها حتى ليمكن التساؤل إن كان للفيلسوف أن يهتمّ بمثل تلك التّفاصيل.ولكن هذا ظاهر الأمر لأن النصّ،في الحقيقة،أقرب إلى الذريعة التي تقبل،إذا ما فُكّكت،أن تحيل إلى نصّ لم يُكتب. يبلور النص ضمنيا تصوّرا للفلسفة وللتفلسف وللفيلسوف يمكن صياغته على نحو عامّ كما يلي:تحتفل الفلسفة بقيمة الحريّة وتراهن عليها.هكذا نلاحظ أنّ النصّ الفلسفي يلتحق بنصّ الحدث التاريخي.ولكن ماالذي يقدّمه كانط في هذا النص؟ انّه لا يمدّنا بشروط إمكان التّنوير الحقيقي.لا يمدّنا بشروط إمكان الحريّة و بسبل الثورة.ولكنّه يمدّنا بما لايمكن أن يكون تنويرا وما لايمكن أن يؤدّي إلى تحقّق الثورة و الحريّة. يتولّى كانط الاهتمام بعوائق التّنوير.أنّه يبوّبها إلى ضربين:عوائق ذاتيّة و أخرى موضوعيّة.ولكن الذّاتي،في نظر كانط،هو شرط إمكان الموضوعي.فالإنسان امّا أن يكون ذاتا مفكّرة و امّا أن يكون موضوع تفكير يجري التّفكير له وفيه.لأنّ امتناع الواحد منّا،بصورة طيّعة و إرادية،عن التفكير هو ما يطلق وصاية الآخر سواء أكان هذا الآخر فردا أو مجموعة أومؤسسة. يُدرج كانط في باب العوائق الذاتية مثالي الخوف و الكسل ويرصد تجلّيات الوصاية النّظريّة و العمليّة في بعض السجلاّت(الفكرية/المعرفية و الصحّية والأخلاقية والدّينية).لكن كيف أمكن للفيلسوف أن يردّ قضايا بمثل هذه الجدّية و الضخامة-وربّما الضآلة- مثل الحريّة والثورة والاستنارة إلى مثل هذه التفاصيل التي يمكن أن تستغرقها صفة"التفاهة" لدى غير الفيلسوف؟ إن قصد الفيلسوف هو أن يهاجم "بلاهة" الآخرين مثلما سيفعل نيتشه لاحقا،لأنّ التفكير في الجزئي وفي البسيط وفي الصّغير لا يُعطي بالضرورة تفكيرا جزئيا و بسيطا وصغيرا.فلعلّ قصد كانط هو أن يُحذّر من النتائج الخطيرة التي تترتّب عن مثل هذه الجزئيات الدّقيقة.فالفيلسوف قادر،عبر إبداء ملاحظات بسيطة،على فتح ثغرات كبيرة في يقيناتنا الفكرية والسياسية.وذلك حين يُنبّهنا مثلا إلى أنّه لا إمكان للحريّة إن كان ثمّة أوصياء بصرف النّظر عن نوعية هذا الوصيّ وان تعلّق الأمر بالفيلسوف ذاته.إذ ليس للفيلسوف أن يمارس الوصاية و القيادة"الويل لشعب يملك قائدا/بطلا".فالفيلسوف لا يعرف أكثر ممّا يعرف الآخرون.ولا يمكن للإنسان أن يبارح طفولته و عبوديته،ما قبل حريته،إن سمح لأيّ كان أن يفرض عليه وصايته.وما يصدق على الإنسان بما هو فرد يقبل أن ينسحب على الإنسانيّة بأسرها لذلك يتمسك كانط بأنّ التفلسف هو فعل التفكير الذاتي.فأن يتفلسف الإنسان معناه أن يفكّر الإنسان بنفسه ولنفسه:بنفسه حتّى يدفع وصاية الآخر ويراهن على حريته ولنفسه حتّى لايفرض وصايته على الآخر ويصادر حريته.الوصاية هي نقيض الحرية التي هي الرهان البعيد لفعل التفكير عامة ولفعل التفلسف على نحو خاص.ولكن كيف للمرء أن يفكر بنفسه؟ يتولّى ميشال فوكو محاولة الإجابة عن هذا السؤال في تحليله لمقالي كانط. أن يفكّر المرء بنفسه حسب فوكو معناه أن يفكر بصورة مغايرة و مختلفة.وأن نفكّر بصورة مختلفة معناه أن نقطع مع الرأي ومع العادي.أن نفكّر على نحو آخر معناه أن نقطع مع عادة تنصيب العادة مقياسا للحقيقة، وأن نحذر حرص ذاكرة تحرص على أن تتردّد في فكرنا.أن نحذر أسباب العطالة التي يمكن أن تمنعنا من التفكير الذاتي.أن نفكر بأنفسنا معناه أن نعمد إلى تعليق المقول المهيمن وأن ننقطع عن طريقة تفكير تقوم مقام التفكير الحقيقي وتجهض إمكانيات التفكير. يجري الفكر الآخر،الذي هوفي معنى ما الفلسفة ذاتها،ضدّ الذّاكرة حتّى وان اتخذ شكل القول التاريخي،ذلك أن العودة إلى الماضي والى التقليدي ليست بالضرورة نزعة ماضويّة أو تقليديّة مادامت عودة يسكنها الرّاهن وتطلقها هموم الحاضر.الحاضر إذن هو موضوع الفلسفة حسب فوكو.فأن نفكّر بصورة أخرى معناه أن نقول الحاضر.ذاك ما يشير إليه فوكو:"أن نفكّر بصورة أخرى وأن نقول الحاضر،هاتان مهمّتان تلخّصان ما يمكن تسميته اليوم "فلسفة"".ولكن ما معنى أن نقول الحاضر؟وكيف؟و وفق أيّة طريق؟ أن يقول الفيلسوف حاضره معناه أن يقول هويّة حاضره واختلافه الجذري عن غيره أي عن ماضيه.أن يُحرّر الحاضر من ثقل الماضي لأنّ الماضي لم يكن "حاضرا ناقصا" اكتمل في هذا الحاضر.تماما مثلما أنّ الحاضر ليس استمراريّة للماضي بقدرما هو انقطاع عنه. أن يقول الفيلسوف الحاضر معناه أن يشخصه، أن يشخّص أمراضه. ولكن فوكو ينبّه إلى أن هنالك شكل من أشكال التفلسف انتهى اليوم أو ينبغي الكفّ عن ترويجه اليوم لأنّه بات صورة بالية و وثوقية للفلسفة لا يشهد لها الواقع:واقع الفلسفة اليوم .يقصد فوكو التفلسف الذي يتّخذ النّسق لغة له و يتّخذ المطلق والكلّ موضوعا له.يقصد الفلسفة الكلّية و الإطلاقيّة ،الفلسفة التي تريد أن تكون"قولا جامعا".يشكّ فوكو في وجود مثل هذه الفلسفة أو هو لا يريد لها أن تستمرّ لأنّها وثوقيّة و لأنها تقدم لنا الفيلسوف على أنّه الوريث الشّرعي لمهمّة مارسها قبله الأنبياء والمصلحون والوعّاظ والمنقذون بصفة عامّة.ومثل هذه الصّورة للفلسفة لا يشهد لها واقع المعارف اليوم حسب فوكو.ذلك أنّ كل علم أنشأ نوعا من النشاط النّظري الخاص به .كلّ علم أنشأ"فلسفته الخاصّة" ولم يعد بحاجة إلى تلك الفلسفة "القديمة" التي تشرف عليه،ومن الخارج،و تعيّن له وضع الأداة أو الوسيلة التي تمهّد لغاية جوهريّة و كلّية لا تتحقّق بصورة تامة إلاّ في الفلسفة.إنّ "الفلسفة" اليوم إذا ما صحّ وجودها( إذ أين توجد؟ ومن يمتلكها؟وبم يمكن التعرّف عليها؟ يتساءل كانط) ليست أكثر من مجموعة من الأقوال . وهي أقوال تفتقر إلى"خطابها الموحّد"على حدّ عبارة فوكو. ليس للفيلسوف إذن إلاّ أن يضطلع بنشاط تشخيصي ومثل هذا النشاط أقرب إلى جملة من التدخّلات النّقدية في مسائل محلّية و موضعيّة وجزئيّة محدّدة بدقّة.لقد صار الفيلسوف أقرب إلى "الخرائطي".انّه يفكّر في التّاريخ بحسب الجغرافيا:يفكّر استنادا إلى الجغرافيا في كلّ ما هو حدث وفي كلّ ما يمسّ ما هو تاريخي.انّه مطالب بأن يقسّم لا إلى أنواع و أجناس وإنما إلى حقول/مجالات وبؤر و مناطق و أقاليم و أحزمة و أودية ومساحات. أنّ له أن يفكّر على ضوء ما ينتشر في هذا المجال أو ذاك. أنّ له أن يُدخل إلى دائرة المرئي ما ليس بعدُ مرئيّا.ليس للفيلسوف أن يقول "الماهية" وإنما "الحدث".إنّ له أن يتابع نسيج الممارسة وأن يتابع تشعّباتها وأن يرصد الهفوات و الإنزلاقات ،المآزق التي يمكن أن تنفتح عليها أو الإخفاقات التي تنتهي إليها.إن له أن يراقب التواءات العلاقة المعقّدة بين النظرية و الممارسة:انصهارهما الممكن وربّما المستحيل. لا مفرّ للفيلسوف من أن يرفع إمكانية الفكر المختلف إذ يحاول أن يقول الحاضر. بيّن ممّا تقدّم أن الفيلسوف الذي يمكّن فوكو من استنباط ملامحه وإعادة تشكيل صورته ليس صاحب وعي شمولي وليس بالضرورة صاحب"وعي شقيّ".انّه فيلسوف قادر على القهقهة،القهقهة الخاصّة بكل فكر خطير،وعلى الضّحك من بلاهة الأغبياء.انّه فيلسوف يبشّر بإمكانية "المعرفة الجذلى".انّه فيلسوف أكثر تواضعا،ذلك أنّ معرفته أقلّ اتّساعا،ولكنّه أكثر دقّة و أكثر التصاقا بالمشكلات التي يدرس.فهو لا يدّعي امتلاك الحقيقة،كلّ الحقيقة وحقيقة الكلّ،بقدرما يقترح فرضيات ومبادئ يدرك جيّدا ضرورة إخضاعها للاختبار الجدّي وباستمرار.أنّه فيلسوف أقلّ وثوقيّة لأنّه مستعدّ أبدا لتعديل فكره الخاص و ربّما فكر الآخرين إن أمكن.فهو يحرص على إلقاء بذور هنا –لعلّها تثمر أو تتعفّن- ورمي سهام هناك-لعلّها تصيب أو تخيب.أمّا الغرض فهو التثبّت من إمكانية الحركة:حركة الفكر و الأشياء.الغرض هو التثبّت مماّ إذا كان مازال ممكنا الذهاب أبعدوان أدّى الأمر إلى الارتطام باللاّشيء... يحقّ للفيلسوف اليوم أن يعترف بأنّه لا يعرف شيئا عن الغد.لا يعرف إن كانت الثورة قادمة أو متعذّرة.يحقّ له أن يقيم في الانتظار، انتظار حدث الثورة واحتمال عودتها. إنّ هذا الفيلسوف لا ينتظر من الفكر شيئا عدا أن يعلّمه فعل شيء آخر غير ما يفعله وان يفكّر بصورة أخرى.انّه فيلسوف لا ينفكّ يتبرأ من نفسه،كأنّه خصم نفسه:"لست فيلسوفا.أنا أركيولوجي معرفة". كان فوكو يدرك أنّه ينجز أمرا لم تألفه الفلسفة أو،على الأقلّ،لايتطابق تماما مع ما دأب تقليد تاريخي كامل على تسميته"فلسفة".كان يدرك أنّ على الفكر الأصيل أن يخلق معاركه و أحداثه الخاصّة و أن يواجه كلّ ما يمكن ،ضمن حياة البشر،أن يأخذ شكل القدر.كان يدرك أنّ شكلا من أشكال التفكير يمكن أن يتحوّل إلى مصير والى فنّ حياة.أمّا النّجاح أو الفشل،الانتصار أو الإخفاق،فهما قيمتان تتخلّلان المسار و ليسا نتيجة...كان يرفض تسمية الفيلسوف ويستنكف من الاحتكام إلى نصوص"كبار الفلاسفة"ليعود إلى "أرشيفات" المستشفيات والسجون والبلديّات ...وتسنّى له أن يستنبط فكره منها و لكن كذلك من ممارسته.انّه فيلسوف رغما عنه وانّ تفلسفه ليكمن خاصّة في مقاومته للتفلسف.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
souf_mani
من قدامى المحاربين
من قدامى المحاربين
souf_mani


عدد المساهمات : 865
التقييم : 13
تاريخ التسجيل : 04/09/2010
العمر : 37
الموقع : في الجنة إن شاء الله

وظيفة الفيلسوف. Empty
مُساهمةموضوع: رد: وظيفة الفيلسوف.   وظيفة الفيلسوف. Emptyالأربعاء يونيو 29, 2011 1:10 pm

شكرا لكن حتى تكتمل لبدا من ربطهما ببعض وظيفة الفيلسوف مع وظيفة الفلسفة
وظيفة الفلسفة :

يخطيء من أنّ الفلسفة علم يحلّق بعيداً عن الواقع , فالفيلسوف عندما يبدأ فى التفكير إنما ينطلق أساساً من ملاحظته الدقيقة للوجود المحيط من حوله عموماً , بدءاً من البحث فى الأصلين العظيمين ؛ أصل الكون وأصل الإنسان , ومروراً بمحاولة اكتشاف السُبُل والوسائل التى تمكّن الإنسان من الانتصار فى جولات صراعه مع الطبيعة , وانتهاءاً بوضع الأسس النظرية والقوانين التى تنظم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان فى المجتمع .

ومن هنا يمكننا تعريف الفلسفة بأنها محاولة تفسير الوجود ومِنْ ثَمَّ استخلاص نتائج لهذا التفسير , حيث تتمثل هذه النتائج فى شكل نظريات علمية ومنظومات فكرية وظيفتها إشباع تساؤلات الإنسان وتمكينه من العيش فى هذه الحياة بأفضل صورة ممكنة . ويُلاحَظ أنّ هناك نوعان مِن الفلسفة : فلسفة مثالية ميتافيزيقية تهتم بالبحث فى الماوراء , وفلسفة أخرى مادية طبيعية فيزيقية لا تهتم إلا بالبحث فى المُشَاهَد فقط .

فأصحاب الفلسفة الأولى يروْنَ أنّ هناك شيئاً غيبياً يقف وراء هذا العالَم المحسوس , وأنه من المستحيل أنْ يقوم هذا العالَم المادى وحده وبنفسه , وحصل اتفاق بين أصحاب هذه الفلسفة على تسمية هذا الشىء الغيبى بـ"العلة الأولى" أو بـ"العقل المدبر" أو بـ"الخالق الأعظم" , ثم اختلفوا فيما بينهم بعد ذلك اختلافاً عظيماً حول ماهيّة هذا الخالق وحول حكمته مِن خلق البشر . بينما يؤمن أصحاب الفلسفة المادية بأزلية المادة وسرمديتها وعدم وجود أى غيبيات تقف وراءها , ويؤمنون أيضاً بأسبقية المادة على الفكر , وعدم وجود ما يسمى بالروح أو ما يسمى بالانتقال إلى العالَم الآخر .

وهكذا نرى اختلاف الفلسفتين فى الأصل العظيم ألا وهو تفسير نشأة الوجود , وبالتالى كان لابد قطعاً أن يترتب على هذا الاختلاف الرئيسى اختلاف آخَر حول وظيفة كل مِنَ الفلسفتين فى الحياة .

ففى مجال العلم مثلاً نجد أنّ بعض الفلسفات المثالية التى كانت موجودة فى العصور الوسطى كفلسفة الكنيسة المسيحية كانت وظيفتها متمثلة فى تحذير الناس من تصديق أى نظرية علمية تخالف الكتاب المقدس , وتنبيههم إلى أنّ الكتاب المقدس هو بمثابة دستور للحياة يحتوى على كل الحقائق , وأن كل ما يخالفه خاطىء مهما كان مغلفاً بنظريات علمية براقة .. وعلى العكس من ذلك كانت وظيفة الفلسفة المادية آنذاك هى تحرير عقول الناس من خرافات الكنيسة , ودعوة الناس إلى العلم التجريبى وحده واعتباره السبيل الوحيد لنهضة الإنسان . ولكن هناك وظائف أخرى للفلسفة تنطلق من مفاهيم إجتماعية أو اقتصادية أو سياسية , ففى المجال الاجتماعى مثلاً نجد فلسفة كالفلسفة الوجودية قد أخذتْ على عاتقها أن توصل للناس مفهوم سيادة الإنسان فى الأرض ومحاربة كل ما يهدد سعادته أو يقلل من شأنه أو يسفّه من وجوده , كما أكدت هذه الفلسفة على أهمية أن يكون الإنسان سيداً على نفسه لا أن يكون تابعاً لأحد أو تحت وصاية أحد . بينما نجد فلسفة كالشيوعية مثلاً أخذتْ على عاتقها تحرير طبقة البروليتاريا ومحاربة الظلم الاجتماعى الواقع عليهم وإيصالهم لكرسى الحكم , وبعدما يتمكنوا من الوصول إلى الحكم يبدأوا فى التقليل من حرية الفرد , والتأكيد على مفهوم الجماعة وتقديسه ودعوة جميع أفراد الشعب إلى الثقة فى الدولة والانقياد لها .. حتى إذا أصبح العالَم كله شيوعياً اختفى نظام الدولة والقانون تماماً وحلت مكانه لجان المصالحات لحل التناقضات الثانوية , ونجد فى هذه الفلسفة – أيضاً فى المجال الاجتماعى – الدعوة للرجوع إلى العصر البدائى الأول فى مشاعيته الجنسية , والتأكيد على أنّ نظام الأسرة يعوّق المجتمع كثيراً . أما إذا انتقلنا لوظيفة الفلسفة فى المجال الاقتصادى فنجد فلسفتين كبيرتين متقابلتين ؛ وهما فلسفة النظام الاشتراكى , وفلسفة النظام الرأسمالى .. فالاشتراكية تدعو إلى مساواة جميع الناس فى المال وتقرير الملكية العامة لوسائل الإنتاج , بينما يرى النظام الرأسمالى منطقية التفاوت بين البشر وضرورة وجود الملكية الخاصة لأن حب التملك فطرة فى الإنسان .

وهكذا تتفاوت الفلسفات المختلفة فى وظائفها بالمجتمع طبقاً لتفاوتها فى نظرتها إلى الوجود والإنسان , ولكن تبقى وظيفة الفلسفة الأساسية فى كل أنواعها ملخصة فى كلمتين : إشباع تساؤلات البشر حول تفسير الوجود , ووضع منظومات فكرية تنظم حياتهم وتوفر السعادة لهم فى هذه الحياة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://histoirphilo.yoo7.com/
omar tarouaya
من قدامى المحاربين
من قدامى المحاربين
omar tarouaya


عدد المساهمات : 649
التقييم : 24
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
العمر : 34
الموقع : في قلوب الناس

وظيفة الفيلسوف. Empty
مُساهمةموضوع: رد: وظيفة الفيلسوف.   وظيفة الفيلسوف. Emptyالخميس يونيو 30, 2011 1:24 pm

بارك الله فبك أخي " ماني " على المرور وعلى الإضافة . هكذا بفعل الفلاسفة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
souf_mani
من قدامى المحاربين
من قدامى المحاربين
souf_mani


عدد المساهمات : 865
التقييم : 13
تاريخ التسجيل : 04/09/2010
العمر : 37
الموقع : في الجنة إن شاء الله

وظيفة الفيلسوف. Empty
مُساهمةموضوع: رد: وظيفة الفيلسوف.   وظيفة الفيلسوف. Emptyالجمعة يوليو 01, 2011 10:44 am

شكرا عمر على التعليق نتمنى الافادة والاستفادة لكل الباحثين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://histoirphilo.yoo7.com/
 
وظيفة الفيلسوف.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قال الفيلسوف عن المرأة
» أبن رشد الفيلسوف الشارح
» الفيلسوف ابن مسكويه
» كيف يختار الفيلسوف زوجته؟
» هيغل، الفيلسوف-المدرس بالجمناز

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ๑۩۞۩๑ منتدى الفكر والفلسفة ๑۩۞۩๑ :: الفسفة الحديثة-
انتقل الى: