كوجيتو الجسد

كوجيتو الجسد
( دراسات في فلسفة ميرلوبونتي )



هذه ليست قراءة لفلسفة ميرلوبونتي، بقدر ما هي قراءة لـ قراءة لـ فلسفة ميرلوبونتي.. أو فلأكن أكثر صدقا وأعترف: هذه ليست قراءة للقراءة، لأن القراءة تتطلب نقد واستنطاق وتحليل وتفكيك وتأويل الموضوع، والذي هو هنا ليس فلسفة ميرلوبونتي، بقدر ما هو تلك الجهود المبذولة من قبل ثلة مباركة من الباحثين العرب لتعريف القارئ العربي بهذا الفيلسوف الفرنسي الجميل، بمعنى أو بآخر، هذه مقالةٌ تصنف في باب المديح، في مديح الكتاب والجهود "الجميلة " التي أنتجته، والتآزر المحمود بين الأساتذة: عمر مهيبل، حميد حمادي، جمال مفرج، خديجة هني، الحسين الزاوي، ورشيد دحدوح .. ورغم أن الكتاب لا يتجاوز الـ 120 صفحة من القطع المتوسط، إلا أن قراءته استغرقت مني ستة أيام، ليس لصعوبة وغموض المحتوى الفلسفي، بل لثرائه بالكم المعرفي الغزير الذي ينبغي لك أن ترتشف رحيقه على مهل، لأنك لا تريد أن تخسر سطرا واحدا بدون أن تنفذ إلى عمقه، لاسيما بالنسبة لعقل غير مدرب على التفلسف، مثل عقلي.

الكتاب صادر عن منشورات الاختلاف بالجزائر، الطبعة الأولى عام 2003 تحت إشراف جمال مفرج، بعنوان "كوجيتو الجسد: دراسات في فلسفة ميرلوبونتي" وينقسم إلى ستة أقسام:

1- فينومنولوجيا الإحساس، فينومنولوجيا الإدراك : دراسة عمر مهيبل.
2- تحولات الجسد، أو كيمياء الجسد السحرية : دراسة جمال مفرج.
3- اللغة بين الإدراك والتعبير عند ميرلوبونتي : دراسة الحسين الزاوي.
4- الخبرة الجمالية للمرئي : دراسة حميد حمادي.
5- التركيبة الميرلوبونتية وأسلاف فلسفة ميرلوبونتي : دراسة خديجة هني.
6- معجم مصطلحات فلسفة ميرلوبونتي : دراسة رشيد دحدوح.
ورغم تشعب واختلاف المضامين لكل قسم من الكتاب إلا أن الأقسام تلتقي في عمقها المشترك، وتحكي كلها قصة فيلسوف نجح في التجاوز والتخطي والتأثير على معاصريه واللاحقين به، وقد وجدتُ شخصيا أن الدراسات كانت ممتعة وغير مرهقة لي ذهنيا، بل على العكس، قد تكون قراءة ميرلوبونتي في الواقع أمراً مريحاً جداً، لأننا ما فتئنا نتشظى وننشطر في هذا العالم المتناقض، عالم الثنائيات والقطبية والأضداد، وقد كان أمراً " مريحاً " جداً - بالنسبة لي - أن أتعرف على فلسفة ميرلوبونتي في الجسد، بصفته الضحية الأولى لعالم الثنائيات ولتشوهنا الفكري.

إن فلسفة ميرلوبونتي تسعى إلى تحرير الجسد من شيئيته، وتذكيرنا ببعده الأعمق كأحد أبعاد الوعي والوجود في هذا العالم، فالجسد يختلف عن الأشياء، ولكنه في الناحية الأخرى ( وهذه هي المفارقة ) شيء من الأشياء، وهذا الانتماء المزدوج له هو الذي يجعلنا ننتقل من أحدهما إلى الآخر، فالواحد منهما ينشأ عن الآخر ومن أجل الآخر، إن الجسد هو إذن الاسم الحقيقي لهذه الوحدة بين الجسم الذاتي ( الرائي، الجواني، العميق، الحاس، الغامض، المظلم ) والجسم الموضوعي ( المرئي، البراني، السطحي، المحسوس، المنير، الواضح ).

خفف الوطئ سيدي فنحن لا نطيق العمق العميق من الفلسفة
شكرا نونو

شكرا نونو16 على موضوعك الله يعطيك
العافية ومايحرمنا من جديدك