لحملة الفرنسية على تونس1881
المقدمة: مند أن دخل العثمانيون على تونس عام 1534 وهي تعيش في صراع بينهم وبين الإسبان إلى أن ثبت فيها (سنان باشا) علم 1574 نظام الحكم العثماني فجعلها تابعة للإدارة العثمانية العليا في الجزائر كانت تونس تحت حكم الباشوات الدين يعينهم الباب العالي إلى أنم سيطر الدايات الدين يختارهم الجيش بعد ثورته على الوضع عام 1591
ظهرت الأسرة المرادية في تونس عام 1637 عندما أسسها (مراد باي) بفضل براعته فمرت بعهدين بارزين توطد في العهد الأول نفود الباي واستقر المن والنظام وعظم نفود الجيش فاتجهت تونس إلى الإنفصال عن الإدارة العثمانية المباشرة من الأستانة فعقدت المعاهدات مع عدة دول ومن بينها فرنسا أما العهد الثاني فكان عهد فتن وفساد واستبداد واضطراب .
بايع التونسيون (الحسين بن علي) التركي في جويلية 1705 بمساعدة الجيش فأقره الباب العالي بعد أن إنهارت الأسرة المرادية وتمكن من تأسيس الأسرة الحسينية التي دام حكمها إلى إعلان الجمهورية عام 1957 وقد أخد حكام هده الأسرة يوطدون علاقاتهم بالدول الأوروبية تأكيدا لاستقلالهم الذاتي عن الأب العالي , أحدث رضوخ البايات للنفود الأجنبي بالإضافة إلى فداحة الضرائب وفساد الجهاز الإداري استياءا شعبيا عميقا , تجسد ثورة مسلحة بدأت في مدينة (الكاف) وامتدت إلى بقية المدن التونسية تزعمها (علي بن غداهم) وطالب الثوار الحد من النفوذ الأجنبي وربط تونس بالدولة العثمانية وإلغاء الضرائب الجديدة . وخوفا من إطاحة الثورة بالعرش وجهت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا أساطيلها إلى سواحل تونس لحماية مصالحها وإرهاب الثوار بالخداع والتدخل الأوروبي السافر.
الأطماع الاستعمارية الأوروبية في تونس : ارتبط التنافس الاستعماري على تونس خلال القرن التاسع عشر بالتسابق على سيادة البحر المتوسط لأن احتلال تونس يمثل إستراتجية هامة ولهذا احتدم الصراع بين فرنسا وبريطانيا وايطاليا على الفوز والظفر بتونس.
-1فرنسا: كانت من أكثر الدول الأوروبية تطلعا إلى احتلال تونس , لاسيما بعد احتلالها للجزائر عام 1830 لذا كانت تحرص على أن تكون لها حصة الأسد في مجال الامتيازت والقروض وبالتالي كانت تعمل دوما على إضعاف نفوذ إيطاليا والوقوف في وجه أطماعها بتونس ليخلو لها الجو وحدها ولا ينافسها أحد.
-2 بريطانيا : تنبع أهمية تونس بنسبة لبريطانيا من قربها إلى قاعدتهاى العسكرية في جزيرة مالطا ولكون أي احتلال فرنسي أو إيطالي لتونس يعني التحكم في المضيق الواصل بين حوضي البحر المتوسط ذلك يهدد مصلها في مصر وقبرص ولذلك عمدت في الوقوف في وجه كل من فرنسا وإيطاليا بواسطة امتيازاتها ومشاريعها الاقتصادية التي تريد إنشائها مثل الخط الحديدي الواصل بين تونس العاصمة إلى ميناء حلق الواري .
-3 إيطاليا: تولد اهتمامها مند منتصف القرن التاسع عشر نظرا لموقعها الإستراتيجي قريب من جزيرة صقلية وطمعا في ثروتها الطبيعية , ولجعلها موطنا لامتصاص فائضها من السكان بدأ التغلغل الإيطالي عن طريق الجالية الإيطالية المقيمة في تونس التي كانت تعمل في عدة نشاطات اقتصادية مكنها من الحصول على إمتيازات .
الأزمة المالية واستفحالها:
تأزم الوضع نتيجة للقروض الأجنبية ووقوع الخزينة في أيد غير أمينة جعلتها عاجزة عن تسديد الديون وفوائدها حتى أذى ذلك إلى خضوع الخزينة لرقابة لجنة (فرنسية , بريطانيا, إيطاليا) وهكذا أصبحت ثروة
البلاد مسخرة لدفع فوائد الديون مما جعل الحكومة عاجزة عن دفع رواتب الموظفين والعمال وللخروج من هذا المأزق أسند الباي رئاسة الوزراء إلى (خير الدين التونسي) في عام 1873 بعد عزل(مصطفى خزندار) وقد بذل خير الدين جهودا كبيرة لإنقاذ البلاد من الأزمة المالية وازدياد النفوذ الأجنبي ولكن تحالف القوى الرجعية التي أسفرت عن عزله لم تمكنه من تنفيذ سياسته الإصلاحية فضويق خير الدين ليعلن استقالته 1877 واضطر بعدها إلى مغادرة البلاد دون أن يتمكن من بيع أملاكه بحرية تامة , فاختار تركيا حيث تولى فيها منصب (الصدر الأعظم) وعادت إلى تونس الفوضى وفساد الإدارة من جديد وهكذا بدأت فرنسا فيلا تهيئة الظروف الدولية لتدخل في تونس وفرض الحماية عليها
مؤتمر برلين الأول سنة 1878 والمسألة التونسية :
حين انهزمت الدولة العثمانية عام 1877 أمام روسيا وعجزت عن تقديم المساعدات لتونس من محاولات السيطرة الأوروبية عليها ازداد تكالب الأوروبيين فانعقد مؤتمر برلين الأول عام 1878 لاقتسام أقطار الإمبراطورية العثمانية وفيه تحققت عدة مساومات على حساب الدولة العثمانية المنهزمة ومنها تونس التي خرجت من نصيب فرنسا وفيما يخص المسألة التونسية اتخذت المساومات الاستعمارية التالية أيدت ألمانيا وشجعت فرنسا على احتلال تونس كي يشغلوها عن قضية(الألزاس واللورين) في جهة وإبعادها عن تزعم أوروبا من جهة أخرى.
أطلقت بريطانيا حرية التوسع في تونس لفرنسا مقابل اعتراف الأخيرة لها بحرية التصرف في مصر وقبرص.
استنكرت إيطاليا عمل فرنسا الذي يهدد مصالحها الحيوية ويعرضها للخطر وفي هذه الأثناء ظهرت لفرنسا فكرة تعويض لإيطاليا بليبيا مقابل تخليها عن محاولة التوسع في تونس.
التدخل الفرنسي المسلح وفرض الحماية1881 :
سبق الغزو الفرنسي المسلح لتونس تغلغل سلمي , أتضح في سيطرة فرنسا على اقتصاد تونس وحصولها على معظم الامتيازات, وبهذا لم يبقى أمام الحكومة الفرنسية برئاسة (جول فيري ) غير الترقب والانتظار . فافي شهر ماي 1881 احتلت الجيوش الفرنسية تونس ودخلتها من ثلث مناطق عن طريق البحر والبر وقدمت له نسختين من معاهدة فرنسية وقد أجبر الباي على توقيع على المعاهدة التي عرفت بإسم معاهدة (باردو) والتى أخضعت تونس للحماية في 12ماي 1881 والتي قضت على استقلال وسيادة تونس , وأهم ماجاء في بنودها مايلي :
- أن تحتل القوات الفرنسية فقط جهات على الحدود والشواطئ تراها لازمة لتوطيد الأمن مؤقتا
- ترحل القوات الفرنسية عندما تكون الإدارة التونسية قادرة على حفظ الراحة والأمن والنظام
- يجب على حكومة الباي أن تتعهد بمنع إدخال الأسلحة إلى البلاد
آثار الحماية الفرنسية على تونس :
1- سلب السيادة الوطنية بعد أن أصبح الباي أدات طيعة في يد المقيم العام الفرنسي المكلف بتشريع القوانين
2- فتح أبواب الهجرة إلى تونس أمام الأوروبيين وتدعيم سياسة الاستيطان بالاستيلاء على أملاك البلاد والأوقاف
3- منح الجنسية الفرنسية لجميع الأوروبيين في تونس
4- استحواذ الأجانب على قطاع تجارة وحصر التعليم الجامعي في أبناء الأوروبيين
5- استئثار الفرنسيين بالوظائف والوزارات الهامة بعد إلغاء الوزارات الوطنية
6- عزل أغلبية المواطنين بوضعهم في ظروف اجتماعية واقتصادية وصحية وثقافية سيئة جدا نتيجة استيلاء الفرنسيين على أخصب الأراضي.