أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيشرفنا أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا
إذا أعجبك المنتدى يمكنك أن تضغط على زر أعجبني أعلى الصفحة .... شكرا لزيارتك
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيشرفنا أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا
إذا أعجبك المنتدى يمكنك أن تضغط على زر أعجبني أعلى الصفحة .... شكرا لزيارتك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


(( الحكمــة لله وحــده ، وإنمـا للإنسان الاستطاعـــة في أن يكون محبًا للحكمة تواقًا الى المعرفة باحثًا على الحقيقة )) سقراط.
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
المواضيع الأخيرة
» " فينومينولوجيا المعيش اليومي" من منظور المفكر مونيس بخضرة .
 تحصيل السعادة Emptyالإثنين أبريل 17, 2017 2:59 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
 تحصيل السعادة Emptyالسبت أبريل 15, 2017 2:26 am من طرف الباحث محمد بومدين

» كتاب فاتحة الفتوحات العثمانية
 تحصيل السعادة Emptyالخميس أغسطس 18, 2016 2:21 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» برنامج قراءة النصوص العربية
 تحصيل السعادة Emptyالخميس أغسطس 18, 2016 2:12 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» إشكالية الحرية فى الفكر الفلسفى
 تحصيل السعادة Emptyالخميس ديسمبر 17, 2015 11:19 pm من طرف soha ahmed

» المغرب في مستهل العصر الحديث حتى سنة 1603م
 تحصيل السعادة Emptyالأربعاء نوفمبر 25, 2015 8:24 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
 تحصيل السعادة Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:41 pm من طرف الباحث محمد بومدين

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
 تحصيل السعادة Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:33 pm من طرف الباحث محمد بومدين

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
 تحصيل السعادة Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:30 pm من طرف الباحث محمد بومدين

» دخول اجتماعي موفق 2015/2016
 تحصيل السعادة Emptyالجمعة سبتمبر 04, 2015 4:07 am من طرف omar tarouaya

» أنا أتبع محمد...
 تحصيل السعادة Emptyالإثنين يناير 19, 2015 3:08 pm من طرف omar tarouaya

» بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة
 تحصيل السعادة Emptyالإثنين ديسمبر 01, 2014 2:12 pm من طرف omar tarouaya

» مرحيا يالاعضاء الجدد
 تحصيل السعادة Emptyالسبت أكتوبر 11, 2014 11:16 pm من طرف omar tarouaya

» لونيس بن علي، التفكير حول الدين ضمن الحدود الإنسانية للمعرفة
 تحصيل السعادة Emptyالأحد أغسطس 31, 2014 12:55 am من طرف عبد النور شرقي

» تحميل كتاب الحلل البهية في الدولة العلوية الجزء الثاني
 تحصيل السعادة Emptyالخميس أغسطس 28, 2014 1:33 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» في رحاب الزاوية الحجازية بسطيف
 تحصيل السعادة Emptyالأحد أغسطس 17, 2014 12:37 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» العز والصولة في معالم نظام الدولة
 تحصيل السعادة Emptyالجمعة أغسطس 15, 2014 2:41 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير ( 12 مجلدا )
 تحصيل السعادة Emptyالخميس أغسطس 14, 2014 11:10 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  كتاب حول تاريخ الحضنة والمسيلة وما جاورها
 تحصيل السعادة Emptyالإثنين يوليو 28, 2014 11:23 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  كتاب مهم في الانساب الجزائرية
 تحصيل السعادة Emptyالإثنين يوليو 28, 2014 11:22 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

سحابة الكلمات الدلالية
المنطق محمد الموضوعية الفلسفي الحرب السؤال البحث المغلق الفلسفة مقال المسلمين الانسان فلسفة نظرية الفلاسفة الفيض الحيوان النسق الذاتية مقالة الامام اللغة سقراط الظواهرية الفكر العالمية

 

  تحصيل السعادة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
souf_mani
من قدامى المحاربين
من قدامى المحاربين
souf_mani


عدد المساهمات : 865
التقييم : 13
تاريخ التسجيل : 04/09/2010
العمر : 37
الموقع : في الجنة إن شاء الله

 تحصيل السعادة Empty
مُساهمةموضوع: تحصيل السعادة    تحصيل السعادة Emptyالإثنين سبتمبر 13, 2010 1:11 am



تحصيل السعادة
أبو نصر الفارابي

الأشياء الإنسانية التي إذا حصلت في الأمم وفي أهل المدن حصلت لهم بها السعادة الدنيا في الحياة الأولى والسعادة القصوى في الحياة الأخرى أربعة أجناس: الفضائل النظرية، والفضائل الفكرية، والفضائل الخلقية، والصناعات العملية.
فالفضائل النظرية هي العلوم التي الغرض الأقصى منها أن تحصل الموجودات والتي تحتوي عليها معقولة متيقنا بها فقط. وهذه العلوم منها ما يحصل للإنسان منذ أول أمره من حيث لا يشعر ولا يدري كيف ومن أين حصلت وهي العلوم الأول ومنها ما يحصل بتأمل وعن فحص واستنباط تعليم وتعلم.
والأشياء المعلومة بالعلوم الأول هي المقدمات الأول ومنها يصار إلى العلوم التي تحصل عن فحص واستنباط وتعليم وتعلم. والأشياء التي يلتمس علمها بفحص أو تعليم هي التي تكون من أول الأمر مجهولة فإذا فحص عنها والتمس علمها صارت مطلوبة. فإذا حصل للإنسان فيما بعد ذلك عن استنباط أو تعلم اعتقاد أو رأي أو علم صارت نتائج.
والملتمس من كل مطلوب هو أن يحصل به الحق اليقين غير أنه كثيراً ما لا يحصل لنا به اليقين بل ربما حصل لنا ببعضه اليقين وحصل لنا في بعض ما نلتمسه منها ظن وإقناع وربما حصل لنا في تخيل وربما ضللنا عنه حتى تظن أنا قد صادفناه من غير أن نكون صادفناه. وربما عرضت لنا فيه حيرة إذا تكافأت عندنا المثبتة والمبطلة له والسبب في ذلك اختلاف الطرق التي نسلكها عند مصيرنا إلى المطلوب. فإنه لا يمكن أن يكون طريق واحد يوقعنا في المطلوبات اعتقادات مختلفة بل يجب أن تكون الطرق التي توقعنا في أصناف المطلوبات اعتقادات مختلفة طرقاً مختلفة لا نشعر باختلافها ولا بالفصول بينها بل نظن أنا نسلك إلى كل مطلوب طريقاً واحداً بعينه.
فينبغي أن نستعمل في مطلوب ما طريقاً شأنه أن يفضي بنا إلى اليقين ونسلك في مطلوب آخر طريقاً نصير منها إلى ما هو مثاله أو خياله أو طريقاً يفضي بنا إلى الإقناع فيه والظن فلا نشعر فيه. ويكون عندنا أن الطريق هو واحد بعينه وأن الذي سلكناه في الثاني هو الذي سلكناه في الأول وعلى هذه نجد الأمر في أكثر أحوالنا وفي جل من نشاهد من النار والفاحصين. فيتبين من ذلك أنا مضطرون قبل أن نشرع في الفحص عن المطلوبات إلى أن نعرف أن هذه الطرق كلها صناعية وإلى علمٍ نميز به بين هذه الطرق المختلفة بفصول وعلامات تخص واحدة منها واحدة من تلك الطرق وأن تكون قرائحنا العلمية المفطورة فينا بالطبع مقومة بصناعة تعطينا علم هذه إذ كانت فطرتها غير كافية في تمييز هذه الطرق بعضها عن بعض وذلك أن تتيقن بأي شرائط وأحوال ينبغي أن تكون المقدمات الأول وبأي ترتيب ترتب حتى تفضي لا محالة بالفاحص إلى الحق نفسه وإلى اليقين فيه. وبأي شرائط وأحوال تكون المقدمات الأول وبأي ترتيب ترتب فلا تعطي في المطلوب الظن والإقناع حتى توهم أنه يقين من غير أن يكون يقيناً فتضلل الفاحص عن الحق أو تحيره فيه حتى لا يدري أيما هو الحق من مطلوبه فتفضي بالفاحص لا إلى الحق نفسه بل إلى مثال الحق وخياله.
فإذا عرفنا هذه كلها شرعنا حينئذ في التماس علم الموجودات. إما بفحصنا نحن بأنفسنا وإما بتعليم غيرنا لنا. فإننا إنما ندري كيف الفحص وكيف التعليم والتعلم بمعرفة الأشياء التي ذكرناها. وبهذه القوة نقدر أن نميز فيما استنبطنا نحن هل هو يقين أو ظن أو هو الشيء نفسه أو خياله ومثاله. وكذلك أيضا نمتحن بما قد تعلمناه من غيرنا وما نعلمه نحن غيرنا.
والمعلومات الأول في كل جنس من الموجودات إذا كانت فيها الأحوال والشرائط التي تفشي لأجلها بالفاحص إلى الحق اليقين فيما يطلب عمله من ذلك الجنس فهي مبادىء التعليم في ذلك لجنس. وإذا كانت للأنواع التي يحتوي عليها ذلك الجنس أو لكثير منها أسباب بها أو عنها أو لها وجود تلك الأنواع التي يحتوي عليها ذلك الجنس فهي مبادىء الوجود لما يشتمل عليه ذلك الجنس مما يطلب معرفته كانت مبادىء التعليم فيه هي بأعيانها مبادىء الوجود.
وسميت البراهين الكائنة عن تلك المعلومات الأول براهين لم الشيء إذا كانت تعطى مع علم هل الشيء موجود ولم هو موجود وإذا كانت المعلومات التي فيها تلك الأحوال والشرائط في جنس ما من الموجودات أسباباً لعلمنا بوجود ما يحتوي عليه ذلك لجنس من غير أن تكون أسباباً لوجود شيء منها كانت مبادىء التعليم في ذلك الجنس من غير أن تكون أسباباً لوجود شيء منها كانت مبادىء التعليم في ذلك الجنس غير مبادىء الوجود.
وكانت البراهين الكائنة عن تلك المعلومات براهين هل الشيء وبراهين إن الشيء لا براهين لم الشيء. ومبادىء الوجود أربعة: ماذا وبماذا وكيف وجود الشيء فإن هذه يعنى به أمر واحد وعماذا وجوده ولماذا وجوده. فإن قولنا عماذا. وجوده ربما دل به على المبادئ الفاعلة وربما دل به على المواد فتصير أسباب الوجود ومبادئه أربعة. ومن أجناس الموجودات ما لا يمتنع أن لا يكون لوجوده مبدأ أصلاً وهو المبدأ الأقصى لوجود سائر الموجودات.
فإن هذا المبدأ إنما عندنا مبادىء علمنا له فقط ومنها ما توجد له هذه الأربعة بأسرها ومنها ما لا وكل علم من العلوم التي يلتمس بها أن تحصل الموجودات معقولة فقط فإنما قصدها أولا اليقين بوجود جميع ما يحتوي عليه الجنس الذي يلتمس عنه علم أنواعه ثم اليقين بمباديء الوجود فيما له منه مبادىء والبلوغ في ذلك إلى استيفاء عدد المبادئ الموجودة فيه. فإن كانت المبادئ التي توجد له هي الأربعة بأسرها استوفاها كلها ولم يقتصر على بعضها دون بعض. وإن لم يكون فيه الأربعة كلها التمس الوقوف على مقدار ما يجد له من المبادئ كانت ثلاثة أو ثنتين أو واحدة ثم لم يقتصر في شيء من أجناس المبادئ القريبة من ذلك الجنس بل يلتمس مبادىء تلك المبادئ ومبادىء المبادئ إلى أن ينتهي إلى أبعد مبدأ يجده في ذلك الجنس فيقف.
وإن كان لهذا الأقصى الذي هو أقصى مبدأ في ذلك الجنس مبدأ أيضا ولم يكن من ذلك الجنس بل كان من جنس آخر لم يتخط إليه بل تخلى عنه. ويرجئ النظر فيه إلى أن يبلغ إلى النظر في العلم الذي يحتوي على ذلك الجنس فإذا كان الجنس الذي فيه ينظر توجد مبادىء التعليم فيه هي بأعيانها مبادىء وجود ما يحتوي عليه ذلك الجنس استعمل تلك المبادئ وسلك إلى ما بين يديه حتى يأتي على ما يحتوي عليه ذلك الجنس فيحصل له في كل مطلوب علم هل الشيء ولم هو معاً إلى أن ينتهي إلى أقصى ما سبيله أن يبلغ في ذلك الجنس. وإذا كانت مبادىء التعليم في جنس ما من الموجودات غير مبادىء الوجود فإنما يكون ذلك فقيما مبادىء الوجود فيه خفية غير معلومة من أول أمر وتكون مبادىء التعليم فيه أشياء وجودها غير مبادىء الوجود وتكون متأخرة عن مبادىء الوجود وإنما يصار إلى علم مبادىء الوجود إذا أبتدئ من مبادىء التعليم فرتبت الترتيب الذي تلزم به النتيجة ضرورة فتكون النتيجة الكائنة هي مبدأ وجود الأشياء التي ألفت ورتبت فتكون مبادىء التعليم أسباباً لعلمنا بمباديء الوجود وتكون النتائج الكائنة عنها مبادىء وأسباباً لوجود الأمور التي اتفق فيها إن كانت مبادىء للتعليم. فعلى هذه المثال نرتقي من علوم الأشياء المتأخرة عن مبادىء الوجود إلى اليقين بالأشياء التي هي مبادىء أقدم وجودا فإن كان مبدأ الوجود الذي صرنا إليه بهذا الطريق له مبدأ آخر أعل منه وأبعد من الأول جعلنا ذلك مقدماً وارتقينا منه إلى مبدأ المبدأ.
ثم نسلك على هذا الترتيب أبداً إلى أن تأتي على أقصى مبدأ نجده في ذلك الجنس. ولا يمتنع إذا ارتقينا إلى مبدأ ما عن أشياء معلوم وجودها عن ذلك المبدأ أن تكون أيضا هناك أشياء مجهول وجودها عن ذلك المبدأ خفية عنا لم نكن علمنا بها منذ أول الأمر فإذا استعملنا ذلك المبدأ الذي حصل معلوما عندنا الآن مقدمة وصرنا منها إلى معرفة تلك الأشياء الأخر الكائنة عن ذلك المبدأ أعطانا ذلك المبدأ في تلك الأشياء علم هل هو ولم هو معا. فإنه لا يمتنع أن تكون أشياء كثيرة كائنة عن مبدأ واحد ويكون واحد من تلك الأشياء الكثيرة هو المعلوم وحده عندنا منذ أول الأمر ويكون ذل المبدأ وتلك الأشياء الأخر الكائنة عنه خفية فنرتقي من ذلك الواحد المعلوم إلى علم المبدأ فيعطينا ذلك الواحد في ذلك المبدأ علم وجوده فقط. ثم نستعمل ذلك المبدأ في تبيين تلك الأشياء الأخر الخفية الكائنة عنه فنخطو منه إلى علم وجودها وسبب وجودها معاً. وإن كان لذلك المبدأ مبدأ آخر استعملناه أيضاً في تبيين أمر مبدئه فيعطينا علم وجود مبدئه الذي هو أقدم منه فنكون قد استعملناه في أمرين: يعطينا في أحد الأمرين علم وجوده فقط ويعطينا في الآخر علم وجوده وسبب وجوده. وعلى هذا المثال إن كان مبدأ المبدأ حاله هذه الحال بأن يكون له أيضا مبدأ وتكون له أشياء كائنة عنه استعملنا مبدأ المبدأ في تبيين مبدئه وفي تبيين تلك الأشياء الأخر الخفية الكائنة عنه. فيعطينا أيضاً ذلك المبدأ من مبدئه علم وجوده فقط ومن تلك الأشياء الأخر علم وجودها وسبب وجودها. فأول أجناس الموجودات التي ينظر فيها ما كان أسهل على الإنسان وأحرى أن لا تقع فيه حيرة واضطراب الذهن وهو الأعداد والأعظام. والعلم المشتمل على جنس الأعداد والأعظام هو علم التعاليم فيبتدئ أولا في الأعداد فيعطى في الأعداد الأعداد التي بها يكون التقدير ويعطى مع ذلك كيف التقدير بها في الأعظام الأخر التي شأنها أن تقدر.
ويعطى أيضا في الأعظام الأشكال والأوضاع وجودة الترتيب وإتقان التأليف وحسن النظام ثم ينظر في الأعظام التي تلحقها الأعداد فيعطى تلك الأعظام كل ما يلحقها لأجل الأعداد من التقدير وجودة الترتيب وإتقان التأليف وحسن النظام فيحصل لهذه الأعظام خاصة التقدير وجودة الترتيب وإتقان التأليف وحسن النظام من جهتين: من جهة مالها من ذلك لأجل أنها أعظام ومن جهة ما لها ذلك ولكن من جهة أنها أعداد. وما لم يكن من الأعظام يلحقه العدد كان ما يلحقه من التقدير وجودة الترتيب وإتقان التأليف وحسن النظام من جهة ما لها ذلك لأجل أنها أعظام فقط.
ثم من بعد ذلك ينظر في سائر الموجودات الأخر فما كان منها يلحقه التقدير وجودة الترتيب وحسن النظام من جهة الأعداد فقط أعطاها إياه. وينظر أيضا في سائر الأشياء التي لها أعظام فيعطيها كل ما يلحق الأعظام من جهة ما هي أعظام: من أشكال وأوضاع وتقدير وترتيب وتأليف ونظام. وما كان منها تلحقه هذه الأشياء من جهة الأعداد ومن جهة الأعظام جميعاً أعطاه ما يوجد في الجنسين من ذلك إلى أن يأتي على جميع الموجودات التي يمكن أن توجد فيها هذه الأشياء من جهة الأعداد والأعظام فيحدث من ذلك أيضا علوم المناظر وعلوم الأكبر المتحركة وعلوم في الأجسام السماوية وعلم الموسيقى وعلم الأثقال وعلم الحيل.
ويبتدئ فيأخذ في الأعداد والأعظام جميع الأشياء التي هي مبادىء التعاليم في الجنس الذي ينظر فيرتبها الترتيب الذي يحصل عن القوة التي تقدم ذكرها فيصير إلى ما يلتمسه من إعطاء شيء شيء من تلك في شيء شيء مما ينظر فيه. إلى أن يأتي عليها أجمع أو يبلغ من علم ذلك الجنس إلى مقدار ما تحصل منه أصول الصناعة فيكف إذ كان ما يبقى من ذلك الجنس ويلحق هذا العلم الذي نظره في الأعداد والأعظام أن تكون مبادىء التعليم فيه بأعيانها مبادىء الوجود فتكون براهينها كلها تجمع الأمرين جميعا أعني: أن تعطي وجود الشيء ولم هو موجود فتصير كلها براهين إن الشيء ولم هو معاً. ويستعمل من مبادىء الوجود ماذا وبماذا وكيف ذا وجوده دون الثلاثة لأنه ليس للإعداد ولا للأعظام المجردتين في العقل عن المادة مبادىء من جنسهما غير مبادىء وجوده وإنما توجد لهما المبادئ الأخر من جهة ما يوجدان طبيعيين أو إراديين وذلك إذا أخذا في المواد. فلذلك لما كان نظره فيهما لا من جهة ما هما في المواد لم يستعمل فيهما ما لا يوجد فيهما من حيث هما لا في مواد. فيبتدئ أولاً من الأعداد ثم يرتقي إلى الأعظام ثم إلى سائر الأشياء التي تلحقها الأعداد والأعظام بالذات مثل المناظر والأعظام المتحركة التي هي الأجسام السماوية ثم إلى الموسيقى والأثقال والحيل فيكون قد ابتدأ مما قد يفهم ويتصور بلا مادة أصلاً.
ثم إلى ما من شأنه أن يحتاج في تفهمه وتصوره إلى مادة ما حاجة يسيرة جداً ثم إلى ما الحاجة في تفهمه وتصوره إلى مادة ما حاجة يسيرة جداً ثم إلى ما الحاجة في تفهمه وتصوره وفي أن يعقل إلى مادة ما حاجة أزيد قليلاً. ثم لا يزال يرتقي فيما تلحقه الأعداد والأعظام إلى ما يحتاج في أن يصير ما يعقل منه محتاجاً في أن يصير معقولاً إلى المادة أكثر إلى أن يصير إلى الأجسام السماوية ثم إلى الموسيقى ثم إلى الأثقال وعلوم الحيل. فيضطر حينئذ إلى استعمال الأشياء التي يعسر أن تصير معقولة إذ لا يمكن أن توجد إلا في مواد فعند ذلك نضطر إلى إدخال مبادىء أخر غير مبادىء ماذا وبماذا وكيف ذا فيكون قد صار متاخماً وفي الوسط بين الجنس الذي ليس له من مبادىء الوجود إلا ماذا وجوده وبين الجنس الذي توجد لأنواعه المبادئ الأربعة فحينئذ تلوح له المبادئ الطبيعية فعند ذلك ينبغي أن يشرع في علم الموجودات التي توجد لها مبادىء الوجود الأربعة وهو جنس الموجودات التي لا يمكن أن تصير معقولة إلا في مواد فإن المواد تسمى حينئذ الطبيعية.
فينبغي للناظر عند ذلك أن يأخذ كل ما في جنس الأمور الجزئية من مبادىء التعاليم وهي المقدمات الأول وينظر أيضا فيما قد حصل له من العلم الأول فيأخذ منه ما يعلم أنه يصلح أن يجعل مبادىء التعلم في هذا العلم فيبتدئ حينئذ فينظر في الأجسام وفي الأشياء الموجودة للأجسام وأجناس الأجسام وهي العالم والأشياء التي يحتوي عليها العالم.
وبالجملة هي أجناس الأجسام المحسوسة أو التي توجد لها الأشياء المحسوسة وهي الأجسام السماوية ثم الأرض والماء والهواء وما جانس ذلك من نار وبخار وغير ذلك. ثم الأجسام الحجرية والمعدنية التي على سطح الأرض وفي عمقها ثم النبات والحيوان غير الناطق والحيوان الناطق. ويعطي في كل واحد من أجناس هذه وفي كل واحد من أنواع كل جنس وجوده ومبادىء وجوده كلها. فإنه يعطي في كل واحد من المطلوبات فيه إنه موجود وماذا وبماذا وكيف وجوده وعماذا وجوده ولأجل ماذا وجوده. وليس يقتصر في شيء منه على مبادئه القريبة بل يعطي مبادىء مبادئه ومبادىء مبادىء مبادئه إلى أن ينتهي إلى أقصى المبادئ الجسمانية التي له. ومبادىء التعليم في جل ما يحتوي عليه هذا العلم هي مبادىء الوجود. وإنما يصار من مبادىء التعليم إلى علم مبادىء الوجود وذلك أن مبادىء التعليم في كل جنس من أجناس الأمور الطبيعية هي أشياء متأخرة عن مبادىء وجودها. فإن مبادىء الوجود في هذا الجنس هي أسباب وجود مبادىء التعليم وإنما يرتق إلى علم مبادىء كل جنس أو نوع عن أشياء كائنة عن تلك المبادئ فإن كانت تلك المبادئ قريبة وكانت للمبادئ مبادىء استعملت تلك المبادئ القريبة مبادىء التعليم فارتقي منها إلى علم مبادئها ثم إذا صارت تلك المبادئ معلومة صير منها إلى مبادىء تلك المبادئ إلى أن يتأتي على أقصى مبادىء وجود ذلك وإذا ارتقينا من مبادىء التعليم إلى مبادىء الوجود فحصلت مبادىء الوجود معلومة ثم كانت هناك أشياء أخر كائنة عن تلك المبادئ مجهولة سوى الأشياء المعلومة الأولى التي منها كنا ارتقينا إلى المبادئ استعملنا تلك المبادئ من مبادىء الوجود مبادىء التعليم أيضا.
فنصير منها إلى علم تلك الأشياء المتأخرة عنها فحينئذ تصير تلك المبادئ بالإضافة إلى تلك الأشياء المتأخرة عنها فحينئذ تصير تلك المبادئ بالإضافة إلى تلك الأشياء مبادىء التعليم ومبادىء الوجود جمعياً ويسلك هذا المسلك في كل جنس من أجناس الأجسام المحسوسة ونوع نوع من أنواع كل جنس. وعندما ينتهي بالنظر إلى الأجسام السماوية ويفحص عن مبادىء وجودها يضطره النظر في مبادىء وجودها إلى أن يطلع على مبادىء ليست هي طبيعة ولا طبيعة بل موجودات أكمل وجوداً من الطبيعة والأشياء الطبيعية ليست بأجسام ولا في أجسام فيحتاج في ذلك إلى فحص آخر وعلم آخر يفرد فيما بعد الطبيعيات من الموجودات. فيصير عند ذلك أيضا في الوسط بين علمين: علم الطبيعة وعلم ما بعد الطبيعيات في ترتيب الفحص والتعليم وفوق الطبيعيات في رتبة الوجود.
وعندما ينتهي بالنظر إلى الفحص عن مبادىء وجود الحيوان يضطر إلى النظر في النفس ويطلع من ذلك على مبادىء نفسانية ويرتقي منها إلى النظر في الحيوان الناطق. فإذا فحص عن مبادئه اضطر إلى النظر في ماذا هو النظر وبماذا وكيف ذا وعماذا ولماذا فيطلع حينئذ على العقل وعلى الأشياء المعقولة فيحتاج حينئذ إلى أن يفحص عن ماذا العقل وبماذا وكيف هو وعماذا ولماذا وجوده فيضطره الفحص إلى أن يطلع من ذلك على مبادىء أخر ليست بأجسام ولا في أجسام ولا كانت ولا تكون في أجسام فيكون قد انتهى بالنظر في الحيوان الناطق إلى شبيه ما انتهى إليه عند نظره في الأجسام السماوية فيصير إلى أن يطلع على مبادىء غير جسمانية نسبتها إلى ما دون الأجسام السماوية من الموجودات كنسبة المبادئ غير الجسمانية التي اطلع عليها عند نظره في السماوية إلى الأجسام السماوي. ويطلع من أمر النفس والعقل على مبادئها التي لأجلها كونت وعلى الغايات والكمال الأقصى الذي لأجله كون الإنسان. ويعلم أن المبادئ الطبيعية التي في الإنسان وفي التعليم غير كافية في أن يصير الإنسان بها إلى الكمال الذي لأجل بلوغه كون الإنسان.
ويتبين أنه محتاج فيه إلى مبادىء نطقية عقلية يسعى الإنسان بها نحو ذلك الكمال. فحينئذ يكون قد لاح للناظر جنس آخر غير ما بعد الطبيعيات سبيل الإنسان أن يفحص عما يشتمل عليه ذلك الجنس وهي الأشياء التي تحصل للإنسان إربه عن المبادئ العقلية التي فيه فيبلغ بها الكمال الذي تحصلت معرفته في العلم الطبيعي. ويتبين مع ذلك أن هذه المبادئ النطقية ليست إنما هي أسباب ينال بها الإنسان الكمال الذي لأجله كون. ويعلم مع ذلك أن هذه المبادئ العقلية هي أيضا مبادىء لوجود أشياء كثيرة في الموجودات الطبيعية غير تلك التي أعطتها إياها المبادئ الطبيعية. وذلك أن الإنسان إنما يصير إلى الكمال الأقصى الذي له ما يتجوهر به في الحقيقة إذا سعى عن هذه المبادئ نحو بلوغ هذا الكمال وليس يمكنه أن يسعى نحوه إلا باستعمال أشياء كثيرة من الموجودات الطبيعية وإلى أن يفعل فيها أفعالاً تصير بها تلك الطبيعيات نافقة له في أن يبلغ الكمال الأقصى الذي سبيله أن يناله.
ويتبين له مع ذلك في هذا العلم أن كل إنسان إنما ينال من ذلك الكمال قسطاً ما وإن ما يبلغه من ذلك القسط كان أزيد أو أنقص إذ جميع الكمالات ليس يمكن أن يبلغها وحده بانفراده دون معاونة ناس كثيرين له. وإن فطرة كل إنسان أن يكون مرتبطاً فيما ينبغي أن يسعى له بإنسان أو ناس غيره وكل إنسان من الناس بهذه الحال. وإنه كذلك يحتاج كل إنسان فيما له أن يبلغ من هذا الكمال إلى مجاورة ناس آخرين واجتماعه معهم. وكذلك في الفطرة الطبيعية لهذا الحيوان أن يأوي ويسكن مجاوراً لمن هو في نوعه فلذلك يسمى الحيوان الإنسي والحيوان المدني. فيحصل ههنا علم آخر ونظر آخر يفحص عن هذه المبادئ العقلية وعن الأفعال والملكات التي بها يسعى الإنسان نحو هذا الكمال فيحصل من ذلك العلم الإنساني والعلم المدني.
فيبتدئ وينظر في الموجودات التي هي بعد الطبيعيات ويسلك فيها الطرق التي سلكها في الطبيعيات ويجعل مبادىء التعليم فيها ما يتفق أن يوجد من المقدمات الأول التي تصلح لهذا الجنس ثم ما قد برهن في العلم الطبيعي مما يليق أن يستعمل مبادىء التعليم في هذا الجنس وترتب الترتيب الذي سلف ذكره إلى أن يصار إلى شيء شيء مما في هذا الجنس من الموجودات. فيتبين الفاحص عنها أنه ليس يمكن أن يكون لشيء منها مادة أصلاً وإنما ينبغي أن يفحص في كل واحد منها ماذا وكيف وجوده ومن أي فاعل ولماذا وجوده. فلا يزال يفحص هكذا إلى أن ينتهي إلى موجود لا يمكن أن يكون له مبدأ أصلاً من هذه المبادئ: لا ماذا وجوده ولا عماذا وجوده ولا لماذا وجوده بل يكون هو المبدأ الأول لجميع الموجودات التي سلف ذكرها ويكون هو الذي به وعنه وله وجودها بالأنحاء التي لا تدخل عليه نقصاً أصلاً بل بأكمل الأنحاء التي بها يكون الشيء مبدأ للموجودات.
فإذا وقف على هذا فحص بعد ذلك عما يلزم أن يحصل في الموجودات إذ كان ذلك الوجود مبدأها وسبب وجودها فيبتدئ من أقدمها رتبة في الوجود وهو أقربها إليه حتى ينتهي إلى آخرها رتبة في الوجود وهو أبعدها عنه في الوجود فتحصل معرفة الموجودات بأقصى أسبابها. وهذا هو النظر الإلهي في الموجودات. فإن المبدأ الأول هو الإله وما بعده من المبادئ التي ليست هي أجساماً ولا في أجسام هي المبادئ الإلهية. ثم بعد ذلك يشرع في العلم الإنسان ويفحص عن الغرض الذي لأجله كون الإنسان وهو الكمال الذي يلزم أن يبلغه الإنسان ماذا وكيف هو. ثم يفحص عن جميع الأشياء التي بها يبلغ الإنسان ذلك الكمال إذ ينتفع في بلوغها وهي الخيرات والفضائل والحسنات ويميزها عن الأشياء التي تعوقه عن بلوغ ذلك الكمال وهي الشرور والنقائص والسيئات.
ويعرف ماذا وكيف كل واحد منها وعن ماذا ولمادا ولأجل ماذا هو إلى أن تحصل كلها معلومة ومعقولة متميزة بعضها عن بعض وهذا هو العلم المدني. وهو علم الأشياء التي بها أهل المدن بالاجتماع المدني ينال السعادة كل واحد بمقدار ما له أعد بالفطرة. ويتبين له أن الاجتماع المدني والجملة التي تحصل من اجتماع المدنيين في المدن شبيه باجتماع الأجسام في جملة العالم ويتبين له أيضا في جملة ما تشتمل عليه المدينة والأمة نظائر ما تشتمل عليه جملة العالم. وكما أن في العالم مبدأ ما أولاً ثم مبادىء أخر على ترتيب وموجودات عن تلك المبادئ وموجودات أخر تتلو تلك الموجودات على ترتيب إلى أن تنتهي إلى آخر الموجودات رتبة في الوجود كذلك في جملة ما تشتمل عليه الأمة أو المدينة مبدأ ما أول ثم مبادىء أخر تتلوه ومدنيون آخرون يتلون تلك المبادئ وآخرون يتلون هؤلاء إلى أن ينتهي إلى آخر المدنيين رتبة في المدينة والإنسانية حتى يوجد فيما تشتمل عليه المدينة نظائر ما تشتمل عليه جملة العالم.
فهذا هو الكمال النظري وهو كما تراه يشتمل على علم الأجناس الأربعة التي بها تحصل السعادة القصوى لأهل المدن والأمم. والذي يبقى بعد هذه أن تحصل هذه الأربعة بالفعل موجودة في الأمم والمدن على ما أعطتها الأمور النظرية. أترى هذه النظرية قد أعطت أيضا الأشياء التي بها يمكن أن تحصل هذه بالفعل في الأمم والمدن أم لا أما إنها أعطتها معقولة فقد أعطتها لكن إن كان إذا أعطيت معقولة فقد أعطيت موجودة فقد أعطيت العلوم النظرية هذه الأشياء موجودة بالفعل مثل أنه إن كان إذا أعطيت البنائية معقولة وعقل بماذا تلتئم البنائية وبماذا يلتئم البناء فقد أوجدت البنائية في الإنسان الذي عقل كيف صناعة البناء أو يكون إذا أعطي البناء معقولا فقد أعطي البناء موجوداً فإن العلوم النظرية قد أعطت ذلك. وإن لم يكن إذا عقل الشيء فقد وجد خارج العقل وإذا أعطي معقولا فقد أعطي موجودا لزم ضرورة عندما يقصد إيجاد هذه الأشياء النظر إلى شيء آخر غير العلم النظري. وذلك أن الأشياء المعقولة من حيث هي معقولة هي مخلصة عن الأحوال والأعراض التي تكون لها وهي موجودة خارج النفس. وهذه الأعراض فيما تدوم واحدة بالعدد لا تتبدل ولا تتغير أصلا وفي التي لا تدوم واحدة بالنوع تتبدل. فلذلك يلزم في الأشياء المعقولة التي تدوم واحدة بالنوع إذا احتيج إلى إيجادها خارج النفس أن تقرن بها الأحوال والأعراض التي شأنها أن تقترن بها إذا أزمعت أن توجد بالفعل خارج النفس وذلك عام في المعقولات الطبيعية التي توجد وتدوم واحدة بالنوع وفي المعقولات الإرادية. غير أن المعقولات الطبيعية التي توجد خارج النفس إنما توجد عن الطبيعة وتقترن بها تلك الأعراض بالطبيعة. وأما المعقولات التي يمكن أن توجد خارج النفس بالإرادة فإن الأعراض والأحوال التي تقترن بها مع وجودها هي أقصى بالإرادة ولا يمكن أن توجد إلا وتلك مقترنة بها. وكل ما شأنه أن يوجد بالإرادة فإنه لا يمكن أن يوجد أو يعلم أولا فلذلك يلزم متى كان شيء من المعقولات الإرادية مزمعا أن يوجد بالفعل خارج النفس أن يعلم أولا الأحوال التي من شأنها أن تقترن به عند وجوده ولأنها ليست من الأشياء التي توجد واحدة بالعدد بل بالنوع أو الجنس صارت الأحوال والأعراض التي شأنها أن تقترن بها أحوالا وأعراضاً تتبدل عليها دائما تزداد وتنقص ويتركب بعضها مع بعض تركيبات لا تحاط بقوانين صورية لا تتبدل ولا تنتقل أصلا بل بعضها لا يمكن أن يجعل لها قوانين وبعضها بمكن أن يجعل لها قوانين لكل قوانين تبدل وكلمات تتغير. والتي لا يمكن أن يجعل لها قوانين أصلا فهي التي تبدلها تبدل دائم في مدد يسيرة والتي يمكن أن يجعل لها قوانين هي التي تتبدل أحوالها في مدد طويلة. وما يحصل منها موجودا فكثيرا ما يحصل على حسب ما عليه المريد الفاعل له وربما لم يحصل منه شيء أصلا وذلك للمتضادات العائقة له التي بعضها أمور طبيعية وبعضها إرادية كائنة عن إرادة قوم آخرين. وليس إنما تخلف تلك المعقولات الإرادية في الأزمان المختلفة حتى توجد في زمان ما يخالفه في أعراضها وأحوالها لما توجد عليه في زمان قلبه أو بعده بل تختلف أيضا أحوالها عند وجودها في الأمكنة المختلفة كما يتبين ذلك في الأشياء الطبيعية مثل الإنسان فإنه إذا وجد بالفعل خارج النفس يكون ما يوجد فيه من الأحوال والأعراض في زمان ما مخالفاً لما يوجد له منها في زمان آخر بعده أو قبله.
وكذلك حاله في الأمكنة المختلفة فإن الأعراض والأحوال التي توجد له توجد في بلاد مخالفة لما يوجد منه في بلاد أخرى والمعقول في جميع ذلك من معنى الإنسان معقول واحد. كذلك الأشياء الإرادية مثل العفة واليسار وأشباه ذلك هي معان معقولة إرادية وإذا أردنا أن نوجدها بالفعل كان ما يقترن بها من الأعراض عند وجودها في زمان ما مخالفا لما يقترن بها من الأعراض في زمان آخر. وما من شأنه أن يوجد لها عند أمة ما غير ما يكون لها من الأعراض عند وجودها في أمة أخرى. فبعضها تتبدل هذه الأعراض عليه ساعة ساعة وبعضها يوما يوما وبعضها شهرا وبعضها سنة سنة وبعضها حقبا حقبا وبعضها في أحقاب أحقاب. فمتى كان شيء من هذه مزمعا أن يوجد بإرادة فينبغي أن يكون المريد لإيجاد شيء من هذه بالفعل خارج النفس قد علم فيما تتبدل عليه الأعراض في المدة المعلومة التي يلتمس إيجادها فيها وفي المكان المحدود من المعمورة. فيعلم الأعراض التي سبيلها أن تكون لما شأنه أن يوجد بالإرادة ساعة ساعة وفي التي توجد شهرا شهرا والتي توجد سنة سنة والتي توجد حقبا حقبا. أو في مدة أخرى طويلة محدودة الطول في مكان ما محدود إما كبيرا وإما صغيرا وما سبيله من هذا أن يكون مشتركا للأمم كلها أو لبعض الأمم أو لمدينة واحدة في مدة طويلة أو مشتركا لهم ي مدة قصيرة أو خاصا ببعضهم ينفعهم في مدة قصيرة. وإنما تتبدل أعراض هذه المعقولات وأحوالها عند ورود الأشياء الواردة في المعمورة إما مشتركا لها كلها أو مشتركا لأمة أو لمدينة أو لطائفة من مدينة أو لإنسان واحد. والأشياء الواردة إما واردة طبيعية أو واردة إرادية وهذه الأشياء ليس تحيط بها العلوم النظرية إنما تحيط بالمعقولات التي لا تتبدل أصلا.
فلذلك تحتاج إلى قوة أخرى وماهية يكون بها تميز الأشياء المعقولة الإرادية من جهة ما توجد لها هذه الأعراض المتبدلة وهي الجهات التي بها تحصل موجودة بالفعل عن الإرادة في زمان محدود ومكان محدود عند محدود عند وارد محدود. فالماهية والقوة التي بها تستنبط وتميز الأعراض التي شأنها أن تتبدل على المعقولات التي شأن جزئياتها أن توجد بالإرادة عندما يلتمس إيجادها بالفعل عن الإرادة في زمان محدود ومكان محدود و عند وارد محدود طال الزمان أو قصر عظم المكان أو صغر هي: القوة الفكرية. والأشياء التي سبيلها أن تستنبط بالقوة الفكرية إنما تستنبط على أنا نافعة في أن تحصل غاية ما وغرض والمستنبط إنما ينصب الغاية ويقدمها في نفسه أولا ثم يفحص عن الأشياء التي تحصل بها تلك الغاية وذلك الغرض. وأكمل ما تكون القوة الفكرية متى كانت إنما تستنبط أنفع الأشياء في تحصيلها وربما كانت خيرا في الحقيقة وربما كانت شرا وربما كانت خيرات مظنونة أنها خيرات.
فإذا كانت الأشياء التي تستنبط هي أنفع الأمور في غاية ما فاضلة كانت الأشياء التي تستنبط هي الجميلة والحسنات. وإذا كانت الغايات شروراً كانت الأشياء التي تستنبط بالقوة الفكرية شروراً أيضا وأموراً قبيحة وسيئات. وإذا كانت الغايات خيرات مظنونة كانت الأشياء النافعة في حصولها وبلوغها خيرات أيضا مظنونة. وتنقسم القوة الفكرية هذه القسمة فتكون الفضيلة الفكرية هي التي تستنبط ما هو أنفع في غاية ما فاضلة. وأما القوة الفكرية التي يستنبط بها ما هو أنفع في غاية هي شر فليست هي فضيلة فكرية بل ينبغي أن تسمى باسم آخر. وإذا كانت القوة الفكرية التي يستنبط بها ما هو أنفع في المظنونة أنها خيرا كانت حينئذ تلك القوة مظنوناً بها أنها فضيلة فكرية.
والفضيلة الفكرية منها ما يقتدر به على جودة الاستنباط لما هو أنفع في غاية فاضلة مشتركة لأمم أو لأمة أو لمدينة عند وارد مشترك فلا فرق بين أن يقال أنفع في غاية فاضلة وبين أن يقال أنفع وأجمل عامة فإن الأنفع الأجمل هو بالضرورة لغاية فاضلة والأنفع في غاية ما فاضلة هو الأجمل في تلك الغاية.
فهذه الفضيلة الفكرية هي فضيلة فكرية مدنية وهذه المشتركة ربما كانت ما سبيلها أن تبقى وتوجد مدة طويلة. ومنها ما يتبدى في مدد قصار إلا أن الفضيلة الفكرية التي إنما تستنبط الأنفع الأجمل المشترك لأمم أو لأمة أو لمدينة إذا كان شأن ما يستنبط أن يبقى عليهم مدة طويلة أو تكون متبدلة في مدة قصيرة فهي فضيلة فكرية مدنية. فإن كانت إنما تستنبط أبدا من المشتركات للأمم أو لأمة أو لمدينة ما إنما تتبدل في أحقاب أو في مدد طويلة محدودة كانت تلك أشبه أن تكون قدرة على وضع النواميس. وأما الفضيلة الفكرية التي إنما يستنبط بها ما يتبدل ف مدد قصار فهي القوة على أصناف التدبيرات الجزئية الزمنية عند الأشياء الواردة التي ترد أولا فأولا على الأمم أو على الأمة أو على المدينة وهذه الثانية تتلو الأولى. وأما القوة التي يستنبط بها ما هو أنفع وأجمل أو ما هو انفع في غاية فاضلة لطائفة من أهل المدينة أو لأهل منزل فإنما فضائل فكرية منسوبة إلى تلك الطائفة مثل إنها فضيلة فكرية منزلية أو فضيلة فكرية جهادية. وهذه أيضا تنقسم إلى ما سبيله أن لا يتبدل إلا في مدد طوال وإلى ما يتبدل في مدد قصار.
وقد تنقسم الفضيلة إلى أجزاء صغار من هذه مثل الفضيلة الفكرية التي يستنبط بها ما هو الأنفع والأجمل معا في غرض صناعة صناعة أو في غرض عرض حادث في وقت وقت فتكون أقسامها على عدد أقسام الصنائع وعلى عدد أقسام السير. وأيضا فإن هذه القوة تنقسم أيضا في أن يجور استنباط الإنسان بها هو أنفع وأجمل في غاية تخصه عند وارد يخصه هو في نفسه. وتكون قوة فكرية يستنبط بها ما هو أنفع وأجمل في غاية فاضلة تحصل لغيره فهذه فضيلة فكرية مشورية. فربما اجتمعت هاتان في إنسان واحد وربما افترقنا. وظاهر أن الذي له فضيلة بها الأنفع والأجمل والأجل غاية ما فاضلة هي خير كان المستنبط خيرا في الحقيقة يهواه لنفسه أو خيرا في الحقيقة يهواه لغيره أو لخير مظنون عند من يهوى له وذلك الخير ليس يكن أن تكون له هذه القوة أو تكون له فضيلة خلقية من قبل أن يهوى إنسان الخير لغيره أكان خيرا في الحقيقة أو خيرا مظنونا عند من يهوى له الخير إنه خير لا خير فاضل.
وكذلك الذي يهوى لنفسه الخير الذي هو في الحقيقة خير ليس يكون إلا خيرا فاضلا ليس خيرا فاضلا في فكره بل خيرا فاضلا في خلقه وأفعاله ويشبه أن تكون فضيلته وخلقه وأفعاله على مقدار قوة فكرة على ما له من استنباط الأنفع والأجمل. فإن كان إنما يستنبط بفضيلته الفكرية من الأنفع والأجمل ما هو عظيم القوة مثل الأنفع في غاية فاضلة مشتركة لأمة أو لأمم أو مدينة مما شأنه أن لا يتبدل إلا في مدة طويلة فينبغي أن تكون فضائله الخلقية على حسب ذلك.
وكذلك إن كانت فضائله الفكرية إنما يقتصر بها على الأشياء التي هي أنفع في غاية خاصة وعند وارد خاص ففضيلته أيضا على مقدار ذلك. فكل ما كان من هذه الفضائل الفكرية أكمل رياسة وأعظم قوة كانت الفضائل الخلقية المقترنة به أشد رياسة وأعظم قوة. ولما كانت الفضيلة الفكرية التي يستنبط بها ما هو أنفع وأجمل في الغايات المشتركة عند الوارد المشترك للأمم أو لأمة أو لمدينة منها فيما كان منها لا يتبدل إلا في مدد طويلة لما كانت أكمل رياسة وأعظم قوة والفضائل المقترنة بها أكملها كلها رياسة وأعظمها كلها قوة. ويتلو ذلك الفضيلة الفكرية التي يجوز بها استنباط ما هو أنفع في غاية مشتركة زمنية في مدد قصيرة وبيان الفضائل المقترنة بها على حساب ذلك. ثم تتلوها الفضائل الفكرية المقتصر بها على جزء جزء من أجزاء المدينة إما في الجزء المجاهدي أو في الجزء المالي أو في شيء شيء من سائر الأجزاء الأخر.
فالفضائل الخلقية فيها على حسب تلك إلى أن يأتي على الفضائل الفكرية المقترنة بصناعة صناعة بحسب غرض تلك الصناعة وبمنزل منزل وبإنسان إنسان في منزل منزل فيما يخصه عند وارد وارد عليه ساعة ساعة أو يوما يوما فإن الفضيلة المقترنة بها تكون بحسب ذلك. فإذن ينبغي أني فحص عن الفضيلة الكاملة التي هي أعظمها قوة أي فضيلة هي هل هي مجموع الفضائل كلها أو أن تكون فضيلة ما أو عدة فضائل قوتها قوة الفضائل كلها. فأي فضيلة ينبغي أن تكون قوتها قوة الفضائل كلها حتى تكون تلك الفضيلة أعظم الفضائل قوة فتلك الفضيلة هي الفضيلة التي إذا أراد الإنسان أن يوفي أفعالها لم يمكنه ذلك إلا باستعمال أفعال سائر الفضائل كلها فإن لم يتفق أن تحصل فيه هذه الفضائل كلها حتى إذا أراد أن يوفي أفعال الفضيلة الرئيسة استعمل أفعال الفضائل الجزئية فيه كانت فضيلته الخلقية تلك فضيلة تستعمل فيها أفعال الفضائل الكائنة في كل من سواه من أمم أو مدن في أمة أو أقسام مدينته أو أجزاء كل قسم. فهذه الفضيلة هي الفضيلة الرئيسة التي فضيلة أشد تقدما منها في الرياسة.
ثم يتلوها ما شابهها من الفضائل التي قوتها شبيهة بهذه القوة في جزء جزء من أجزاء المدينة. فإن صاحب الجيش مثلا ينبغي أن تكون له مع القوة الفكرية التي يستنبط بها الأنفع والأجمل فيما هو مشترك للمجاهدين أن تكون له فضيلة خلقية إذا أراد أن يوفي فعلها استعمل الفضائل التي في المجاهدين من جهة ما هم مجاهدون مثل أن تكون شجاعته شجاعة يستعمل بها أفعال الشجاعات الجزئية التي في المجاهدين وكذلك مقتني الفضيلة الفكرية التي يستنبط بها ما هو الأنفع والأجمل في غايات مكتسبي أموال المدينة ينبغي أن تكون فضيلته الخلقية فضيلة يستعمل بها الفضائل الجزئية التي في أصناف مكتسبي أموال المدينة ينبغي أن يكون فضيلته الخلقية فضيلة يستعمل بها الفضائل الجزئية التي في أصناف مكتسبي الأموال من الناس. وتلك ينبغي أن تكون حال الصناعات فإن الصناعة الرئيسة التي لا تتقدمها صناعة أخرى في الرياسة هي الصناعة التي إذا أردنا أن نوفي أفعالها لم يمكن دون أن نستعمل أفعال الصنائع كلها وهي الصناعة التي لأجل توفية غرضها تطلب سائر الصنائع كلها وهي الصناعة التي لأجل توفية غرضها تطلب سائر الصنائع كلها.
فهذه الصناعة هي رئيسة الصناعات وهي أعظم الصناعات قوة. وتلك الفضيلة الخلقية هي أعظم الفضائل الخلقية قوة. ثم تتلو هذه الصناعة سائر الصناعات فتكون صناعة من جنس أكمل وأعظم قوة مما في جنسها متى كانت غايتها إنما توفى باستعمال أفعال الصنائع التي من جنسها مثل الصناعات الجزئية الرئيسة. فإن صناعة قود الجيوش منها هي الصناعة التي إنما يبلغ الغرض منها باستعمال أفعال الصنائع الحربية الجزئية وكذلك الصناعة التي ترأس الصناعة المالية في المدينة هي الصناعة التي إنما يبلغ غرضها من المال باستعمال الصنائع ثم ظاهر أن كل ما هو أنفع وأجمل فإما أن يكون أجمل في المشهور أو أجمل في ملة أو أجمل في الحقيقة. كذلك الغايات الفاضلة إما أن تكون فاضلة وخيرا في المشهور أو فاضلة وخيرا في ملة ما أو فاضلة وخيرا في الحقيقية. وليس يمكن أن يستنبط الأجمل عند أهل ملة ما إلا الذي فضائله الخلقية فضائل في تلك الملة خاصة وكذلك من سواه. وتلك حال الفضائل التي هي أعظم قوة والجزئيات التي هي أصغرها قوة.
فالفضيلة الفكرية التي هي أعظمها قوة والفضيلة الخلقية التي هي أعظمها قوة لا يفارق بعضها بعضا. وبين أن الفضيلة الفكرية الرئيسة جدا لا يمكن إلا أن تكون تابعة للفضيلة النظرية لأنها إنما تميز أعراض تلك المعقولات التي جعلتها الفضيلة النظرية محصلة من غير أن تكون هذه الأعراض مقترنة بها. فإن كان مزمعا أن يكون الذي له الفضيلة الفكرية إنما يستنبط المتبدلات من الأعراض والأحوال في المعقولات التي معرفته بها تبصرة نفسه وعلم نفسه حتى لا يكون ما يستنبطه يستنبطه فيما عسى أن لا يكون صحيحا أن تكون الفضيلة الفكرية غير مفارقة للفضيلة النظرية. فتكون الفضيلة النظرية والفضيلة الفكرية الرئيسة والفضيلة الخليقة الرئيسة والصناعة الرئيسة غير مفارق بعضها بعضا وإلا اختلت هذه الآخرة ولم تكن كاملة ولا الغاية في الرياسة كاملة. لكن إن كانت الفضائل الخلقية إنما يمكن أن تحصل موجودة بعد أن صيرتها الفضيلة النظرية معقولة بأن تميزها الفضيلة الفكرية وتستنبط أعراضها التي تصير معقولاتها موجودة باقتران تلك الأعراض بها فالفضيلة الفكرية إذن سابقة للفضائل الخلقية. فإذا كانت سابقة لها فالذي له الفضيلة الفكرية التي يستنبط بها الفضائل الخلقية التي سبيلها أن توجد منفردة دون الفضائل الخلقية فإن انفردت الفضيلة الفكرية عن الفضيلة الخلقية لم يكن الذي له قدرة على استنباط الفضائل التي هي خيرات خيراً ولا بفضيلة واحدة. فإن لم يكن خيرا فكيف التمس الخير أو هوي الخير بالحقيقة لنفسه أو لغيره. فإن لم يكن هوية فكيف يقدر على استنباطه ولم يجعله غايته. فالفضيلة الفكرية إذن إذا انفردت دون الفضيلة الخلقية لم يمكن أن يستنبط بها الفضيلة الخليقة.
فإن كانت الفضيلة الخلقية لا تفارق الفضيلة الفكرية وكان وجودهما معا فكيف استنبطتها الفضيلة الفكرية ثم جعلتها مقترنة بها فإنه يلزم إن كانت غير مفارقة لها أن تكون استنبطتها هي وإن كانت هي التي استنبطتها فقد انفردت عنها. فلذلك إما أن تكون الحيرة وإما أن تجعل فضيلة أخرى مقترنة بالفضيلة الفكرية غير الفضيلة الخلقية التي استنبطتها القوة الفكرية. فإن كانت تلك الفضيلة الخلقية كائنة أيضا بإرادة لزم أن تكون الفضيلة الفكرية هي التي استنبطتها فيعود الشك الأول.
فإذن يلزم أن تكون الفضيلة الفكرية هي التي استنبطتها الفضيلة الفكرية مقترنة بالفضيلة النظرية تهدي بها من له الفضيلة الخيرية والغاية الفاضلة. وتكون تلك الفضيلة طبيعية وكائنة بالطبع مقترنة بفضيلة فكرية كائنة بالطبع تستنبطها الفضائل الخلقية الكائنة بإرادة وتكون الفضيلة الكائنة بالإرادة هي الفضيلة الإنسانية التي إذا حصلت للإنسان بالطريق الذي تحصل له بها الأشياء الإرادية حصلت حينئذ الفضيلة الفكرية الإنسانية. ولكن ينبغي أن ينظر كيف هذه الفضيلة الطبيعية هل هي بعينها هذه الفضيلة الإرادية أم لا لكن ينبغي أن يقال إنها شبيهة بها مثل الملكات التي توجد في الحيوانات غير الناطقة مثل ما يقال الشجاعة في الأسد والمكر في الثعلب والروغان في الذئب والسرقة في العقعق وأشباه ذلك. فإنه لا يمنع أن يكون كل إنسان مفطوراً على أن تكون قوة نفسه في أن يتحرك إلى فعل فضيلة ما من الفضائل أو ملكة ما من الملكات في الجملة أسهل عليه من حركته إلى فعل ضدها. والإنسان أولا إنما يتحرك إلى حيث تكون الحركة عليه أسهل إن لم يقسر على شيء آخر غيره.
فإذا كان إنسان من الناس مفطورا مثلا على أن تكون حاله فيما نقدم عليه من المخاوف أكثر من إحجامه عنها فما هو إلا أن يتكرر عليه ذلك عدة مرار إلا وقد صارت له تلك الملكة إرادية وقد كانت له تلك الملكة الأولى الشبيهة بهذه طبيعية. فإن كانت كذلك في الفضائل الخلقية الجزئية التي شأنها أن تقترن بالفضائل الفكرية الجزئية فكذلك ينبغي أن تكون حال الفضائل الخلقية العظمى التي شأنها أن تقترن بالفضائل الفكرية العظمى. فإن كان كذلك لزم أن يكون إنسان دون إنسان مكونا بفطرته لفضيلة تشبه الفضيلة العظمى مقرونة بقوة فكرية بالطبع عظمى ثم سائر المراتب على ذلك. فإذا كان كذلك فليس أي إنسان اتفق تكون صناعته وفضيلته الخلقية وفضيلته الفكرية عظيمة القوة فإن الملوك ليس إنما هم ملوك بالإرادة فقط بل بالطبيعة وكذل الخدم خدم بالطبيعة أولا ثم ثانيا بالإرادة فيكمل ما أعدوا له بالطبيعة. فإذا كان كذلك فالفضيلة النظرية والفضيلة الفكرية العظمى والفضيلة الخلقية العظمى والصناعة العملية العظمى إنما سبيلها أن تحصل فيمن أعد لها بالطبع وهم ذوو الطبائع الفائقة العظيمة القوى جدا فإذا حصلت هذه في إنسان ما يبقى بعد هذا أن تحصل الجزئية في الأمم والمدن. ويبقى أن نعلم كيف الطريق إلى إيجاد هذه الجزئية في الأمم والمدن فإن الذي له هذه القوى العظيمة ينبغي أن تكون له قدرة على تحصيل جزئيات هذه في الأمم والمدن. وتحصيلها بطريقين أوليين: بتعليم وتأديب.
والتعليم هو إيجاد الفضائل النظرية في الأمم والمدن والتأديب هو طريق إيجاد الفضائل الخلقية والصناعات العملية في الأمم. والتعليم هو بقول فقط والتأديب هو أن تعود الأمم والمدنيون الأفعال الكائنة عن الملكات العملية وبأن تنهض عزائمهم نحو فعلها وأن تصير تلك وأفعالها مسئولية على نفوسهم ويجعلوا كالعاشقين لها. وإنهاض العزائم نحو فعل الشيء ربما كان بقول وربما كان بفعل. والعلوم النظرية إما أن يعلمها الأئمة والملوك وإما أن يعلمها من سبيله أن ستحفظ العلوم النظرية. وتعليم هذين بجهات واحدة بأعيانها وهي الجهات التي سلف ذكرها بأن يعرفوا أولا المقدمات الأول والمعلوم الأول في جنس جنس من أجناس العلوم النظرية ثم يعرفوا أصناف أحوال المقدمات وأصناف ترتيبها على ما تقدم ذكره. ويؤخذ بتلك الأشياء التي ذكرت بعد أن يكونوا قد قومت نفوسهم قبل ذلك: الأشياء التي تراض بها أنفس الأحداث الذين مراتبهم بالطبع في إنسانية هذه المرتبة. ويعودوا استعمال الطرق المنطقية كلها في العلوم النظرية كلها ويؤخذوا بالتعلم من صباهم على الترتيب الذي ذكره أفلاطون مع سائر الآداب إلى أن يبلغ كل واحد منهم أشده.
ثم يجعل الملوك منهم في مراتب رياسة من الرياسات الجزئية ويترقون قليلا قليلا من مراتب الرياسات الجزئية إلى أن يبلغوا ثمانية أسابيع من أعمارهم ثم يجعلوا في مرتبة الرياسة العظمى. فهذا طريق تعليم هؤلاء وثم الخاصة الذين سبيلهم أن لا يقتصر بهم في معلوماتهم النظرية على ما يوجبه بادئ الرأي المشترك. وينبغي أن يعلموا الأشياء النظرية بالطرق الإقناعية وأن كثيرا من النظرية يفهمونها بطريق التخييل وهي التي لا سبيل إلى أن يعقلها الإنسان إلا بعد أن يعقل معلومات كثيرة جدا وهي المبادئ القصوى والمباديء التي ليست هي جسمانية. فإن تلك ينبغي أن يفهم العامة مثالاتها وتمكن في نفوسهم بطريق الإقناعات وتمييز ما ينبغي أن تعطاه أمة من ذلك وما سبيله أن يكون مشتركا لجميع الأمم ولجميع أهل كل مدينة. وما ينبغي أن تعطاه أمة دون أمة أو مدينة دون مدينة أو طائفة من أهل مدينة دون طائفة. وهذه كلها سبيلها أن تميز بالفضيلة الفكرية إلى أن تحصل لهم الفضائل النظرية.
وأما الفضائل العملية والصناعات العملية فبأن يعودوا أفعالها وذلك بطريقين: أحدهما بالأقاويل الإقناعية والأقاويل الانفعالية وسائر الأقاويل التي تمكن في النفس هذه الأفعال والملكات تمكينا تاما حتى يصير نهوض عزائمهم نحو أفعالها طوعا وتلك ممكنة بما أعطتها من استعمال الصنائع المنطقية وما يعود وا من استعمالها. والطريق الآخر هو طريق الإكراه وتلك تستعمل مع المتمردين المعتاصين من أهل المدن والأمم الذي ليسو ينهضون للصواب طوعا من تلقاء أنفسهم ولا بالأقاويل. وكذلك من تعاصى منهم على تلقي العلوم النظرية التي تعاطاها. فإذن إذا كانت فضيلة الملك أو صناعته هي استعمال أفعال فضائل ذوي الفضائل وصناعات ذوي الصناعات الجزئية فإنه يلزم ضرورة أن يكون من يستعملهم من أهل الفضائل وأهل الصنائع في تأديب الأمم وأهل المدن طائفتين أوليتين: طائفة يستعملهم في تأديب من يتأدب منهم طوعا وطائفة يستعملهم في تأديب من سبيله أن يؤدب كرها. وذلك على مثال ما يوجد الأمر عليه في أرباب المنازل والقوام بالصبيان والأحداث. فإن الملك هو مؤدب الأمم ومعلمها كما أن رب المنزل هو مؤدب أهل المنزل ومعلمهم والقيم بالصبيان والأحداث هو مؤدب الصبيان والأحداث ومعلمهم. وكما أن كل واحد من هذين يؤدب بعض من يؤدبه بالرفق والإقناع ويؤدب بعضهم كرها. كذلك الملك فإن ت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://histoirphilo.yoo7.com/
مؤرخ المغرب الأوسط
المدير العام
المدير العام
مؤرخ المغرب الأوسط


عدد المساهمات : 1632
التقييم : 39
تاريخ التسجيل : 27/08/2010
العمر : 38
الموقع : مؤرخون وفلاسفة

 تحصيل السعادة Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحصيل السعادة    تحصيل السعادة Emptyالأربعاء فبراير 02, 2011 8:51 pm

مقولة جديدة تقول ان السعادة هيي
بيت فسيح
امراة جميلة
سيارة فخمة
مرتب محترم

؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http:///histoirphilo.yoo7.com
souf_mani
من قدامى المحاربين
من قدامى المحاربين
souf_mani


عدد المساهمات : 865
التقييم : 13
تاريخ التسجيل : 04/09/2010
العمر : 37
الموقع : في الجنة إن شاء الله

 تحصيل السعادة Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحصيل السعادة    تحصيل السعادة Emptyالإثنين فبراير 07, 2011 12:39 am

من اين هذا مؤرخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://histoirphilo.yoo7.com/
مؤرخ المغرب الأوسط
المدير العام
المدير العام
مؤرخ المغرب الأوسط


عدد المساهمات : 1632
التقييم : 39
تاريخ التسجيل : 27/08/2010
العمر : 38
الموقع : مؤرخون وفلاسفة

 تحصيل السعادة Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحصيل السعادة    تحصيل السعادة Emptyالإثنين فبراير 07, 2011 3:46 am

اانه كلام الشارع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http:///histoirphilo.yoo7.com
 
تحصيل السعادة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نصائح لابد منها في تحصيل الفلسفة
» هل جربت السعادة ؟ لهذيل الذبياني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ๑۩۞۩๑ منتدى الفكر والفلسفة ๑۩۞۩๑ :: الفلسفة الإسلامية-
انتقل الى: