عن أيه ردة حضارية يتحدث فوكوياما

عن أيه ردة حضارية يتحدث فوكوياما:
بقلم الدكتور جباب محمد نورالدين

التاريخ يترنح على يد فوكوياما "رايح جاي" ،يعبث به كما يشاء ونحن "ما
علينا " إلا السمع والطاعة، قال فوكوياما في بداية التسعينيات من القرن
الماضي ب "نهاية التاريخ " قالت العرب وآمنا وصدقنا و اليوم أعاد النظر
وقال ب "بداية التاريخ " لا أعلم ماذا ستقول العرب لأن الحدث جديد ولم تطلع
عليه العرب بعد .
في كتابه القديم "نهاية التاريخ" جعل للتاريخ غاية
وسقف وهنا يلتقي فوكوياما مع فلسفة التاريخ الدينية التي هي الأخرى تجعل
غاية ونهاية وسقف للتاريخ ولقد بشرنا بها مؤسس فلسفة التاريخ الدينية
القديس أوغسطين في كتابه "مدينة الله " حيث تتوحد في نهاية التاريخ مملكة
الله مع الدولة الزمنية و عندها يتحقق الخلاص
...

لكن فوكوياما يبدو أنه على عجالة من أمره ولا يريد الانتظار طويلا حتى
يتحقق الخلاص الأخروي فبحث عنه في الحياة الدنيا فوجده في الليبرالية
الأمريكية بوصفها نهاية للتاريخ والخلاص الدنيوي.
و اليوم في كتابه "
بداية التاريخ " يقول لكي يتأسس التاريخ و ينطلق ينبغي أن "تتوافر عناصر
ثلاثة بدونها يظل التاريخ راكدا وهذه العناصر الواجب توافرها هي: هبة
الدولة ، وسلطة القانون ، ومسؤولية الحكام أمام الشعب .لا أقول أن هذه
العناصر يعرفها طلبة الليسانس في قسم الفلسفة في مادة الفلسفة السياسية كما
يعرفها طلبة الليسانس في علم الاجتماع السياسي، أما طلبة العلوم السياسية
فهذه العناصر الثلاثة يتعرفون عليها في أول محاضرة في السنة الأولى ، لا
أقول ذلك لأن هناك من يعد فوكوياما عنده فصل المقال و لا يأتيه الباطل من
بين يده و لا من خلفه
لكن الذي استوقفني في كلام فوكوياما تخوفه من ردة حضارية في العالم العربي بعد الربيع العربي
هنا ينشأ سؤال :هل توجد نهضة حضارية حتى نخشى عليها من التراجع و التقهقر و الردة ؟
اليوم في الوطن العربي لا توجد نهضة حضارية ولا ربيع عربي، الذي يوجد على
الطاولة فواتير مؤجلة ،وبعبارة أدق توجد فواتير تاريخية مؤجلة و اليوم
يطالبنا التاريخ بتسديدها فورا و"كاش"
وبعبارة أكثر وضوحا ومباشرة
الحركات الإسلامية هي أكبر فاتورة تاريخية مؤجلة لأنه كان يجب تسديدها في
منتصف الستينيات وبداية السبعينيات ،لكن بعض المغامرين أرادوا القفز على
التاريخ وتخطي تلك المرحلة من خلال نظرية «حرق المراحل " التي اقترحها
اليسار العربي وبعد ثلاثة عقود اكتشفنا أننا قفزنا في المجهول.
وإذا
كنا بالأمس ضحية المغامرين أصحاب نظرية "حرق المراحل" فإننا اليوم أمام
"فانتوش" عربي لا يعترف بالواقع ولا يتعامل مع التاريخ بواقعية و يبحث عن
تاريخ على المقاس ،
وإذا كان التاريخ قد صنع مقاسات كثيرة عبر مسيرته الكبرى ، لكن لم نسمع يوما أنه قد صنع مقاسا ل "الفانتوش"

» فتحي التريكي يتحدث عن نفسه
» محمد أركون يتحدث عن الجهل المقدس