أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيشرفنا أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا
إذا أعجبك المنتدى يمكنك أن تضغط على زر أعجبني أعلى الصفحة .... شكرا لزيارتك
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيشرفنا أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا
إذا أعجبك المنتدى يمكنك أن تضغط على زر أعجبني أعلى الصفحة .... شكرا لزيارتك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


(( الحكمــة لله وحــده ، وإنمـا للإنسان الاستطاعـــة في أن يكون محبًا للحكمة تواقًا الى المعرفة باحثًا على الحقيقة )) سقراط.
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
المواضيع الأخيرة
» " فينومينولوجيا المعيش اليومي" من منظور المفكر مونيس بخضرة .
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالإثنين أبريل 17, 2017 2:59 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالسبت أبريل 15, 2017 2:26 am من طرف الباحث محمد بومدين

» كتاب فاتحة الفتوحات العثمانية
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالخميس أغسطس 18, 2016 2:21 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» برنامج قراءة النصوص العربية
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالخميس أغسطس 18, 2016 2:12 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» إشكالية الحرية فى الفكر الفلسفى
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالخميس ديسمبر 17, 2015 11:19 pm من طرف soha ahmed

» المغرب في مستهل العصر الحديث حتى سنة 1603م
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالأربعاء نوفمبر 25, 2015 8:24 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:41 pm من طرف الباحث محمد بومدين

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:33 pm من طرف الباحث محمد بومدين

»  هكذا تكلم المفكر الجزائري " د . الحــــــــــاج أوحمنه دواق " مقاربات فلســـــفية " بين الضمة و الفتحة و الكسرة "
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالأربعاء نوفمبر 18, 2015 8:30 pm من طرف الباحث محمد بومدين

» دخول اجتماعي موفق 2015/2016
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالجمعة سبتمبر 04, 2015 4:07 am من طرف omar tarouaya

» أنا أتبع محمد...
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالإثنين يناير 19, 2015 3:08 pm من طرف omar tarouaya

» بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالإثنين ديسمبر 01, 2014 2:12 pm من طرف omar tarouaya

» مرحيا يالاعضاء الجدد
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالسبت أكتوبر 11, 2014 11:16 pm من طرف omar tarouaya

» لونيس بن علي، التفكير حول الدين ضمن الحدود الإنسانية للمعرفة
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالأحد أغسطس 31, 2014 12:55 am من طرف عبد النور شرقي

» تحميل كتاب الحلل البهية في الدولة العلوية الجزء الثاني
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالخميس أغسطس 28, 2014 1:33 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» في رحاب الزاوية الحجازية بسطيف
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالأحد أغسطس 17, 2014 12:37 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

» العز والصولة في معالم نظام الدولة
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالجمعة أغسطس 15, 2014 2:41 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير ( 12 مجلدا )
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالخميس أغسطس 14, 2014 11:10 pm من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  كتاب حول تاريخ الحضنة والمسيلة وما جاورها
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالإثنين يوليو 28, 2014 11:23 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

»  كتاب مهم في الانساب الجزائرية
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالإثنين يوليو 28, 2014 11:22 am من طرف مؤرخ المغرب الأوسط

سحابة الكلمات الدلالية
الموضوعية الفلسفة اللغة مقالة الذاتية الامام المغلق النسق العالمية البحث الفلاسفة الفيض محمد الحرب الفكر الظواهرية نظرية المنطق سقراط فلسفة الانسان الحيوان المسلمين السؤال مقال الفلسفي

 

 كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبد النور شرقي
محارب
محارب
عبد النور شرقي


الإبداع .
عدد المساهمات : 390
التقييم : 18
تاريخ التسجيل : 23/09/2010

كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟   كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالخميس يناير 12, 2012 9:05 pm

مداخلة
صوتية عبر النــات تقدم بها الدكتور محمد شوقي الزين يوم 3 أغسطس 2011 تحت اشراف
فضاءات فلسفية ... الصفحة مشاركة بمشاريع الرابطة العربية الاكاديمية
للفلسفة و بالتنسيق مع اللقاء الالكتروني لـ : شباب "فكر التنموية"
الرياض، السعودية
وهذه ورقة المداخلة مكتوبة


ابن عربي (1165-1240) من أغنى وأعقد الكُتاب الذين عرفتهم البشرية.
تتسم كتاباته بالكثافة اللغوية والوفرة المفهومية في معالجة مسائل
ميتافيزيقية وكوسمولوجية وعملية. بعيداً عن العقل التصنيفي الذي يضعه في
خانة "الصوفية"، فهو متعدّد المذاهب والمشارب، حيث كانت له رؤية أنطولوجية
وفلسفية حصيفة جعلته يغوص في مسائل ورثها عن التاريخ الثقافي للإسلام مثل
علم الكلام والتصوف والتفسير. لقد انطلق ابن عربي من النص (وأقصد به
القرآن والخبر) في تشكيل رؤيته حول الوجود، فلم تكن مقاربته للنص تفسيراً
ولا تأويلاً ولا تقويلاً، ولكن كانت «حكاية مجازية» بأدوات لغوية وأسلوبية
ابتكرها أو استمدّها من المعارف والفنون والعلوم الرائدة في عصره. فكانت
النتيجة أنه دوّن نصوصاً فريدة من حيث التركيب والأسلوب، وأصيلة من حيث
المضامين والأفكار. هل ما كتبه ابن عربي يمكنه أن يساعدنا في استحداث
قراءة مغايرة للتاريخ الثقافي والسياسي للتراث؟ إلى أيّ مدى يمكن لأفكاره
أن تكون مفاتيح نقدية في مقاربة الواقع الذي نتحرك فيه؟
في
كل مرّة نقرأ فيها ابن عربي يتبدّى لنا التاريخ الفكري الطويل متجسّداً في
نصوصه. التاريخ الفكري اليوناني بحكم أنّ الأفكار الميتافيزيقية
والكوسمولوجية التي دوّنها في كتاباته المكثّفة مثل الفتوحات المكية
تستمّد من المقولات العشر الأرسطية والمثُل الأفلاطونية والفيض الأفلوطيني
والنظام الطبيعي لدى الرواقية؛ وأيضاً التاريخ الفكري الإسلامي عبر السجال
مع رواد علم الكلام مثل المعتزلة والأشاعرة والماتريدية؛ والجدال مع
الأفكار الفلسفية عند الغزالي وابن سينا؛ وأخيراً تعميق المصطلحات الصوفية
بإعادة قراءتها ونحتها شارحاً أمّهات الرسائل للحكيم الترمذي والبسطامي
والحلاج والقشيري وغيرهم من أعلام الحكمة الإلهية. إنّ كتابات ابن عربي هي
بحق "نظام" (system) حيث كل عنصر يأتلف مع العناصر الأخرى مشكّلاً وحدة معقولة من الأفكار أو النظريات.
عندما
نقرأ ابن عربي نصطدم بصعوبة الأسلوب وتداخل المفاهيم وتتبدّى لنا كتاباته
وكأنّها كومة مبعثرة من الأفكار والخواطر يمتزج فيها العقل بالنقل، والنظر
بالقلب، والتخمين بالروح. فهل حقيقة أنّ كتابات ابن عربي هي معقّدة إلى
درجة يصعب معها الخروج بفكرة أو رؤية؟ هل صحيح كما قال عنه المستشرق روجيه
أرنالديز أنّ ابن عربي مارس ما يسمّيه "النَحْو الباطني" أي شكل من أشكال
الإعراب لكن في شقّه الرمزي والمبهم؟ قبل قراءة ابن عربي، ينبغي أن تكون
لنا أفكار مبدئية في الفلسفة والتصوّف والكلام والتفسير، وإلاّ لا نفقه
شيئاً مما كتبه. لأنّ كتاباته عبارة عن "موسوعة" اشتملت على عدّة فنون
وعلوم رائدة في عصره قام بشرحها والبناء عليها. إذا استطعنا الإلمام
بالعلوم اللاهوتية والفلسفية يمكن إدراك ما كتبه ابن عربي. هل كتاباته
مبعثرة ولا رابط بينها؟ ليس الأمر كذلك لأنّنا إذا فهمنا ما قصده ابن عربي
بمضامين كتاباته، فإنّنا نتوقّف على الهيكل العام الذي يحكم كتاباته. ما
هو هذا الهيكل؟ إنّه الخبر أو النقل كما يعبّر عنه القرآن أو السنّة
النبوية. مثلاً، لو تقرؤون الفتوحات المكية من الباب
270 إلى الباب 383 تجدون أنّه يقوم بقراءة معكوسة للقرآن حيث الباب 270
يتطابق مع سورة الناس (آخر سورة في القرآن)، والباب 383 يتطابق مع سورة
الفاتحة (مطلع القرآن). لكن هذا التفسير هو تفسير رمزي أو إشاري يلمّح فيه
ابن عربي بقضايا ميتافيزيقية ولاهوتية وروحية ولا يصرّح فيه كما هو شأن كل
تفسير معروف. يدلّ هذا الأمر أنّ كتابات ابن عربي ليست فوضوية بل تحتكم
إلى منطق خاص هو المرجعية الإسلامية التي انطلق منها. يقول مثلاً في الجزء
الثاني من الفتوحات (2، ب248، ص.548): «وكلامنا مرتبط
بعضه ببعض لأنّه عين واحدة وهذا تفصيلها، ويعرف ما قلناه من يعرف مناسبة
آي القرآن في نسق بعضها إلى بعض فيعرف الجامع بين الآيتين وإن كان بينهما
بُعد ظاهر». يمكن القول أنّ ما قام به ابن عربي هو بالأحرى "إسفار" في
حقائق القرآن، وليس مجرّد "تفسير". وأقصد بالإسفار الإيضاح والتلميح
وأيضاً "السفر" الرمزي أو المجازي داخل النص، أي الترحال عبر عوالم النص.
وكأنّ ابن عربي لا يقرأ النص من الخارج، ولكن يلج بداخله وكأنّه مدينة
يقوم بزيارتها ووصف آثارها وأبنيتها. فهو لم يكتف بمحاكاة القرآن في مبناه
وفي معناه، ولكن تعدّى ذلك نحو «الحكاية المجازية» لمحتوياته، والمجاز
يقال أساساً للأمر الذي ينتقل، بمعنى الجواز والعبور، أي الانتقال من
الواقع إلى الرمز، ومن الاسم إلى المسمّى،
وبشأن السؤال الآخر: هل
حقيقة أنّ ابن عربي مارس "النَحْو الباطني"؟ نجيب أنّ ابن عربي شغل
بالأحرى المنزلة الوسطى بين الظاهر والباطن، وكان "إسفاره" عن حقائق النص
ينتقل من الظاهر بالظاهر داخل إحاطة شاملة تسمّى الباطن. ليس الباطن هو
السرّي، ولكن ما خفي عن الأنظار، ما تمّ ستره أو كنّه، ما تمّ تفخيمه أو
ترميزه، ليتحوّل تحت وطأة الترميز والتقديس إلى شيء متعالي، سرّي، غامض،
عميق، مبهم. من هنا كتب ابن عربي في الجزء الثالث من الفتوحات (3،
ب357، ص.257): «العقلاء عبيد الأفكار والواقفون مع الاعتبار، فجازوا من
الظاهر إلى الباطن مفارقين الظاهر ليعبروا عنه (...) أما المؤمنون
الصادقون أولوا العزم من الأولياء فعبروا بالظاهر معهم لا من الظاهر إلى
الباطن وبالحرف عينه إلى المعنى، ما عبروا عنه». فهو يصوّر هذا العبور
كالقارب وسط الخضم، وقد يكون الخضم هادئاً ليعبّر عن ذلك بالبسط والسكينة
والأنس والوقار، وقد يكون هائجاً فيصوّر ذلك بمصطلحات القبض والباده
والهجوم والوجد. إذ لا يتوان ابن عربي عن استعمال استعارات جغرافية في وصف
الحقائق المتعالية كالبَرّ الذي يعبّر عن الحرف والبحر عن المعنى، والسماء
عن الأب والأرض عن الأمّ، والشمس عن الحقيقة والقمر عن التجلّي، إلخ.
إنّ
أفكار ابن عربي تتّسم بالانفتاح على الثقافات والتوسّع في القراءة
والمعالجة والتضادّ في إدراك الحقائق المتنافرة وهي تساعدنا بلا شكّ في
مقاربة الراهن الذي نحياه. الفكرة الرئيسية الأولى التي نتعلّمها من ابن
عربي وهي «الانفتاح على الثقافات» بأن تكون علاقتنا بها هي علاقة اقتباس
وحوار وسجال. لا يمكن العيش في هذا العالم كما لو كنّا جزر متباعدة. بل
العالم اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، أصبح مترابط الأطراف لا ينفكّ بعضه عن
بعض. العالم هو دائري الهيئة وبالتالي تتكوّر الثقافات بعضها على بعض، أي
لا يمكن العيش بمعزل عن حركة التاريخ الدائرية وحركة العالم التي تنعطف
بدايته على نهايته. الفكرة الرئيسية الثانية التي نتعلّمها من ابن عربي
وهي «التوسّع في القراءة والمعالجة»، أي الاطّلاع على العالم بشكل موسوعي
وموضوعي ومحاولة الإلمام ببنياته وشبكاته للوقوف على وظائفه وغاياته. يمكن
إبراز ذلك من خلال جدلية الخصوصية والعالمية، حيث العالمي ليس هو معكوس
المحلّي، بل هو امتداد له وتوسيع لأطرافه ومراميه. إذ ليست العالمية سوى
الخصوصية في قوّتها الحضارية وأصالتها الثقافية، وفي تواشجها مع الثقافات
الأخرى. الفكرة الرئيسية الثالثة الممكن استخلاصها من كتابات ابن عربي هي
«إدراك التناقض»، أي أنّ العالم الذي نحيا فيه أو الواقع الذي نتحرّك فيه
حافل بالتناقضات الحيوية والتأسيسية وهي ترجع بالأساس إلى الاختلاف في
الذوق والإحساس والإدراك والنظر والتعبير. إلى درجة أنّ ابن عربي يرى في
الحقيقة على أنّها «ما هو عليه الوجود بما فيه من الخلاف والتماثل
والتقابل» (الفتوحات، 2، ب263، ص.563). إذ كل مقاربة
للواقع لا بدّ أن تأخذ هذا التناقض الضمني والجدلي كعلامة الوجود في حركته
وارتقائه، وهذا هو سؤال الحقيقة كما يتبدّى من أفكار ابن عربي.
والمتأمّل
في هذه الأفكار الأكبرية الكبرى (نسبة للشيخ الأكبر ابن عربي) يدرك أنّها
لا تنفكّ عن بعضها لأنّ الانفتاح على الثقافات يقتضي رؤية واسعة ومعالجة
موسّعة لا تترك شيئاً إلاّ ووضعته على محكّ النقد والمساءلة. وكل قراءة
ومقاربة لا بدّ أن تراعي الطابع المركّب والمتضارب للوجود وتبيّن أنّ
اختلاف الثقافات هو مدعاة لانفتاح بعضها على بعض. تدلّ هذه الثلاثية على
أنّ الانتماء-إلى-العالم في علاقة تواصل وتداول مع الآخرين يقتضي استعمال
أدوات في المواجهة والمقاربة بتأسيس رؤية قادرة على استيعاب تناقضات
الوجود. بتعبير آخر، إنّ هذه الثلاثية الممكن اشتقاقها من كتابات ابن عربي
تفيد الوجود داخل العالم، واستعمال الوسائل النظرية والرمزية في قراءة هذا
العالم، وأخيراً المهارة في تشكيل رؤية حصيفة حول هذا العالم. من شأن هذه
الثلاثية المستديرة أن تجعلنا على وعي بأنّنا ننتمي إلى العالم وندرك
وجودنا بالالتقاء بالآخر، بالتواصل معه لغوياً ومعرفياً، وتتيح لنا توسيع
الأفق الذي نتواجد فيه ثقافياً من خلال تغيير زاوية الرؤية التي نرى منها
التراث. بتغيير هذه الزاوية يتغيّر نمط إدراكنا للتراث، ويمكننا بالتالي
مقاربته من زوايا جديدة ترى فيه ما لم يكن بإمكاننا رؤيته من قبل.
إنّها
إحدى الطُرُق الممكنة في ربط تراثنا بواقعنا من خلال هذا التغيير في زاوية
النظر وهذا التعديل في الرؤية. فالتراث لا يتغيّر في ذاته لأنّه يرتبط في
حرفيته ودلالته بالتاريخ الذي ظهر فيه ونما في أزمنته، ولكن رؤيتنا هي
التي تتغيّر، بناءً على ما كتبه ابن عربي في كتاب المسائل
حول سجال وقع بين الجنيد وسريّ السقطي هذا نصّه: «قال الجنيد قال السريّ:
تركت الكسب متوكّلاً على الله بالكفاية، فلو ضربت بيدي إلى هذه الأسطوانة
صارت ذهباً وضرب بيده على الأسطوانة فإذا هي تلوح ذهباً. ثمّ قال: يا
سريّ، هذه الأعيان لا تنقلب، ولكنّك هكذا تراه لحقيقتك بربّك، فانظر في
قوله هكذا تراه يعني الحقّ وهكذا تراه يعني المرئي، أي الرؤية عائدة على
الرائي» (كتاب المسائل، ص.19، حيدر
آباد، 1948). إذا قمنا بتوسيع هذه الفكرة على موضوعنا يتبيّن لنا أنّ
التراث الذي نقرأه لا يتغيّر في ذاته لأنّ الرؤية عائدة على الرائي لا على
موضوع الرؤية. ينبغي إذن تعديل رؤيتنا وأدوات النظر الفكري ووسائل التعبير
اللغوي والرمزي لكي نستطيع إدراك التراث من الزوايا التي ننتقل إليها. ولا
شكّ أنّ هذا التغيير تعبّر عنه الفكرة الرئيسية الثانية حول توسيع الآفاق
بتمديد طاقتنا في حدس التراث نحو أبعاد واسعة وأقاليم رحبة.
فالتراث
بكميّته المادية أو الرمزية ينتمي بحذافيره إلى الأزمنة الخالية، لكن
بتوسيع الآفاق وتعديل الرؤية يصبح معاصراً لنا، لأنّه ينتقل من الحيّز
الضيّق للتطبيقات الماضية نحو الفضاء الرحب للاستعمالات الراهنة. وكل
استعمال للتراث (أشدّد هنا على "البُعد التداولي" للمسألة) هو استعمال في
اللحظة، هنا والآن، في هذا الظرف وفي هذا المكان. فينقطع التراث عن كونه
مادّة قديمة ليصبح موضوعاً معاصراً لنا، لكن تتغيّر رؤيتنا له. يصبح
تراثاً مغايراً عمّا كان عليه، لأنّه يندمج بالقضايا التي تخصّ انتماءنا
للعالم. فهو يتغيّر في الهيئة ولا يتغيّر في الهيكل، لأنّ تعديل رؤيتنا له
تتيح التغيير في هيئته. هل يمكن النجاح في هذه المؤسسة النقدية، أقصد
التأسيس لرؤية مغايرة من شأنها أن تنتقل بالتراث من منغلقه العريق إلى
منفتحه الراهن؟ ما هي العوائق التي تقف حائلاً أمام محاولات توسيع الآفاق
في ظلّ ما سمّاه المفكّر الراحل محمد أركون "السياج الدوغمائي المغلق"؟
أضع تغيير زاوية الرؤية كشرط أساسي في الاندماج بالعالم وكشرط ضروري في
تعديل الرؤية ذاتها. إذا استطعنا تعديل الرؤية فإنّ التراث لا يتبدّى لنا
كما كان هو عليه الآن، أي تراث مغلق ومثقل بالإكراهات وبالعنف الرمزي، ذلك
الذي أتانا من التاريخ، وذلك الذي نعاينه اليوم. ويمكن ذلك بتغيير اللغة
التي تؤثّر في العالم الذي ننتمي إليه.
كان كارل ماركس في الأطروحة الحادية عشر من أطروحات فيورباخ
يعيب على الفلاسفة الذين اكتفوا بتفسير العالم، بينما الأهمّ هو تغييره أو
تحويله. مذهبي، على الأقلّ في السياق العربي الذي ننتمي إليه، هو أنّ
تغيير الرؤية يأتي بتغيير اللغة التي تؤثّر في العالم. واللغة العربية
التي هي الإرث الرمزي والأسلوبي لتراثنا المادّي بحاجة اليوم إلى "ثورة
إبستمولوجية" ليس فقط على صعيد «الهيكل» (التركيب، البيان..) ولكن أيضا
على صعيد «الهيئة»، وأقصد بها نمط رؤيتنا الفلسفية والأنثروبولوجية
والأدبية والفكرية. كما لاحظ أيضاً المفكّر أركون، منذ القرن الثالث عشر
توقّفت اللغة العربية عن كونها لغة المفهوم والإبداع لتتحوّل إلى لغة
الخشب والاجترار. مثلاً في اللغة الفرنسية هناك تلخيص لقاموس إيميل الذي
يحوي على 30 مجلّداً. هل في اللغة العربية هناك تلخيص للسان العرب لابن
منظور أو طبعة مختصرة ومنقّحة؟ لا أدري. بانعدام هذه الثورة الابستمولوجية
في تغيير اللغة، فإنّ رؤيتنا للعالم تبقى فجّة ومقولبة، وبالتالي يبقى
تراثنا بمعزل عن العالم، والعالم بمعزل عنّا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوهشام
عضو رائع
عضو رائع



عدد المساهمات : 63
التقييم : 11
تاريخ التسجيل : 13/08/2011

كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟   كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالسبت يناير 14, 2012 7:24 pm

شكرا أخي عبدالنور على هذه النافذة المطلة على أحد عوالم الفكر وتجلياته....وابن العربي شاهد على ذلك ....؟؟ دمت بود ولك مني تقيما ايجابيا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السليمانية المهدية
عضو
عضو
السليمانية المهدية


عدد المساهمات : 26
التقييم : 3
تاريخ التسجيل : 08/04/2011

كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟   كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالثلاثاء يناير 24, 2012 4:22 pm

شكرا لك عبد النور، ابن عربي لم يكن يقصد الكثير من المفاهيم التي اكتشفها مرتادو نصوص ابن عربي
الله أعلم لقد كثر في الرجل المدح والذم ولا نعلم أي الطريقين أقصد في ذلك الكلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
omar tarouaya
من قدامى المحاربين
من قدامى المحاربين
omar tarouaya


عدد المساهمات : 649
التقييم : 24
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
العمر : 34
الموقع : في قلوب الناس

كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟   كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟ Emptyالجمعة مايو 04, 2012 12:55 pm

بارك الله فيك أستاذ على هذه الإطلالة المتميزة حول : فلسفة ابن عربي . التي أفاضت الكثير من الحبر من طرف دارسي فلسفته .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيف نقرأ التحوّلات الفكرية في ضوء نص ابن عربي؟
» التحولات الفكرية الكبرى للحداثة
» تأثير الفلسفة الرواقية على الفكر الإسلامي – ابن عربي نموذجا –
»  لقاء ابن رشد - ابن عربي
» الشيخ محي الدين ابن عربي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ๑۩۞۩๑ منتدى الفكر والفلسفة ๑۩۞۩๑ :: الفلسفة الإسلامية-
انتقل الى: